يحاول المسؤولون النمساويون وعلى رأسهم المستشار الإشتراكي الفريد غوسنباور جاهدين التخفيف من حجم الضرر الكبير الذي لحق بسمعة بلادهم وشعبهم على الصعيد الدولي جراء الفعلة الشنيعة التي أرتكبها مواطن نمساوي في الثالثة والسبعين من العمر يدعى ( يوزف فريتزل) عندما احتجز أبنته لمدة 24 عاماً في قبو دون نوافذ واعتدى عليها جنسياً وأنجب منها سبعة أولاد. وقد تعهد المستشار الفريد غوسنباور بالعمل على منع تشويه صورة بلاده بهذه المأساة التي كشف النقاب عنها الأسبوع الماضي بعد عامين من احتجاز فتاة نمساوية أخرى تدعى ناتاشا كامبوش لسنوات طويلة أيضاً على يد رجل مهووس جنسيا. وكرر المستشار الاشتراكي النمساوي في تصريحات صحفية خلال الاحتفال بعيد العمال العالمي بأنه ليست هناك قضية اسمها النمسا أو منطقة امشتيتن, بل هناك حالة منفردة وخاصة، يجب أن لا تنسحب على سمعة النمسا بشكل عام. وحث وسائل الإعلام الدولية والمحلية على السواء على توخي الإنصاف والدقة في تغطيتها الإعلامية لهذا الحدث المثير، داعياً إلى عدم التركيز فقط على وصفه بحوادث منفردة خاصة وأن للنمسا مساهمات إنسانية ذاع صيتها في العالم، وبينها تبنيها مبادرة إنشاء قرى الأطفال ( SOS) التي نبعت من فيينا عام 1949 لدعم ورعاية الأطفال الأيتام والمحرومين الذين فقدوا بيوتهم وعائلاتهم أو أمنهم على خلفية الحرب العالمية الثانية ثم عممت الفكرة على عدة دول بدعم من الحكومة النمساوية لتامين بيوت دائمة ورعاية لهولاء الأطفال وتسهيل اندماجهم داخل المجتمع. وعلى صعيد التحقيقات التي تجريها الشرطة حول ما بات يعرف "بمنزل الرعب في أمشتيتن " أفادت وسائل الإعلام النمساوية بعدم توفر أدلة تفيد بوجود متواطئين محتملين مع يوزف فريتزل، وأنه قام بتنفيذ جريمته بمفرده وبطريقة شيطانية. وكشف النقاب بأن هذا الرجل السفاح هدد ضحاياه بتسميمهم بالغاز إذا أصابه مكروه، حيث بدأ رجال الشرطة "تحقيقات" في القبو المضاد للأسلحة الذرية الذي تبلغ مساحته 60 مترا مربعا, لمعرفة ما إذا كان حقا مجهزا بنظام لنشر غاز (في القبو) في حال أصابه مكروه.كما يدقق الخبراء أيضا في نظام الإغلاق الالكتروني الذي يتم التحكم به عن بعد للبوابة المصفحة التي تزن 300 كيلو غراماً ويدخل من خلالها إلى القبو الذي احتجز فيه ابنته إليزابيث وثلاثة من أولادها. هذا وتخضع كل من إليزابيث وخمسة من أبنائها ووالدتها روزماري لعلاج فردي حتى وان كان الجميع موضوعين في وحدة عناية طبية واحدة, لأنهم يعانون من صدمات نفسية متفاوتة الدرجات. أما المجرم يوزف فريتزل الموقوف في سانكت بولتن, فمن المقرر أن تستمع النيابة العامة إلى أقواله مجددا الأسبوع المقبل، ومثلما التزم الصمت خلال جلسته الأولى مع قاضي التحقيق الثلاثاء الماضي, يتوقع أن يفعل الأمر نفسه بناء على نصائح محاميه رودولف ماير المتخصص في القضايا المثيرة إعلاميا. وطلب هذا المحامي أولاً أجراء تقييم للوضع النفسي لموكله، وتحديد ما إذا كان مسؤولا عن أفعاله، أو قد يكون مصابا بمرض انفصام الشخصية، وربما يعاني من خلل عقلي, معربا أيضا عن خشيته على أمن موكله في السجن حيث ينظر إلى مرتكبي الجرائم الجنسية بالسوء. غير أن طبيباً نفسياً وخبيرا في الشؤون القضائية يدعى رينهارد هالر رد على المحامي بالقول بان المتهم ليس مريضا عقليا لكنه مصاب بما يعرف بمرض "النرجسية" المرتبطة في الغالب بحب السيطرة والهيمنة على الآخرين لأنه لو كان مريضاً حقاً لما تمكن من وضع وتنفيذ خطط على هذا القدر من الدقة. من جهة أخرى رفض المحامي ماير أن توجه إلى موكله تهم الاغتصاب والقتل عن طريق الإهمال، وفي حال توجيه تهمة القتل اليه فأنه سيواجه عقوبة السجن مدى الحياة. وكان يوزف فريتزل قد تمكن في التسعينات من تبني ثلاثة من الأبناء السبعة الذي ولدوا من علاقته المحرمة مع ابنته, وذلك عن طريق إيهام السلطات, وزوجته أيضا, بان إليزابيث التي اعتبرت مفقودة رسميا عندما بلغت سن 18 عاما، تركت هؤلاء الأطفال على باب منزل أبويها. [email protected]