سيطرت حالة من الهدوء الحذر على قطاع غزة صباح اليوم بينما حلق الطيران الإسرائيلي بشكل مكثف، وسمعت أصوات إطلاق النار في جنوب القطاع رغم قرار إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة الثانية بتوقيت غزة الثالثة بتوقيت مكةالمكرمة (منتصف الليل بتوقيت غرينتش). وجاء الإعلان بعد عدوان استمر منذ 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي وأدى إلى استشهاد 1203 فلسطينيين وإصابة 5320 آخرين، في حين اعترفت إسرائيل فقط بمقتل 13 شخصا -بينهم عشرة جنود- وإصابة أكثر من مائتين آخرين. وأكد مراسل الجزيرة تامر المسحال أن المروحيات وطائرات الاستطلاع واصلت التحليق في أجواء القطاع في حين أطلقت العديد من القذائف من جانب الدبابات الإسرائيلية، وردت فصائل المقاومة من جانبها بإطلاق الصواريخ محلية الصنع. ولم تلتزم إسرائيل بشكل صارم بوقف إطلاق النار الذي أعلنه رئيس وزرائها إيهود أولمرت، إذ بعد وقت قليل من دخول الوقف حيز التنفيذ تم إطلاق قذيفة فوسفورية على منطقة التفاح شمال شرق قطاع غزة، كما قصفت المدفعية المنطقة بعدد من القذائف خصوصا شرقي مدينة غزة. من جانبه أكد مراسل الجزيرة وليد العمري أن الموقف على الجانب الإسرائيلي هادئ مع توتر حذر، مشيرا إلى أن انتشار قوات الاحتلال باق كما هو، إذ إن ما أعلنت إسرائيل عن توقفه هو العمليات الهجومية، في حين صدرت الأوامر للقوات بإطلاق النار على أي خطر يتهددها. وكان مراسل الجزيرة في الناصرة إلياس كرام شكك في إمكانية التزام إسرائيل بما أعلنته، وقال إنها قد تتراجع عن قرارها الأحادي في أي وقت إذا ما واصلت المقاومة إطلاق الصواريخ على إسرائيل، مضيفا أن جيش الاحتلال حذر سكان شمال غزة من العودة إلى بيوتهم إلا بعد انسحاب قواته من هناك. ومن جانبها أعلنت فصائل المقاومة أنها مستمرة في إطلاق الصواريخ محلية الصنع وقذائف الهاون ما دامت قوات الاحتلال موجودة في قطاع غزة. وفي الساعة التي سبقت إعلان وقف إطلاق النار، كثفت المقاومة من عملياتها وأعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها قصفت قاعدة حتساريم الجوية الإسرائيلية بصاروخ غراد أثناء إلقاء أولمرت كلمته. كما قصفت بعيد ذلك مستعمرة أوفكيم الإسرائيلية بثلاثة صواريخ غراد. وقبيل كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مباشرة قصفت المقاومة مدينتي أسدود وعسقلان بصاروخين، وفق ما أعلنته السلطات الإسرائيلية. وكان أولمرت أعلن في مؤتمر صحفي عقده في تل أبيب مع وزير الدفاع إيهود باراك مساء السبت أن وقف إطلاق النار سيسري اعتبارا من منتصف الليل بتوقيت غرينيتش، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية ستواصل رغم ذلك انتشارها داخل قطاع غزة وفي محيطه. كما حذر من أن إسرائيل ستكون مستعدة للعودة إلى عملياتها والرد بقوة في حال تعرضها لهجمات، موضحا أن حركة حماس ليست جزءا من هذا التفاهم. واعتبر أن العملية العسكرية في قطاع غزة حققت أهدافها كاملة وربما أكثر، مشيرا إلى أن حماس تلقت ما وصفها ضربة قاسية لفترة طويلة، وأوضح أن كافة المناطق التي تطلق منها الصواريخ باتت تحت سيطرة القوات الإسرائيلية، وتم تدمير الكثير من مخازن السلاح وممرات تهريبها. ولم ينس أولمرت أن يشير إلى أن الترتيبات الأمنية تضمن إضعاف حماس وفق تفاهمات تبلورت مع مصر تؤدي إلى تقليص تهريب السلاح عبر الأنفاق، إضافة إلى الاتفاقية الأمنية مع الولاياتالمتحدة التي ستوفر التقنية اللازمة لرصد وتدمير هذه الأنفاق، وذلك قبل فتح المعابر والحدود. وكان اليوم الثاني والعشرون من عدوان إسرائيل على غزة قد شهد نحو سبعين غارة لطيران الاحتلال على مناطق متفرقة من القطاع، وشمل القصف منشآت تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). واستشهد 15 فلسطينيا السبت بينهم طفلان شقيقان في قصف بقنابل فوسفورية استهدف مدرسة تابعة للأونروا في بيت لاهيا وأسفر أيضا عن إصابة أربعة أشخاص بجروح. كما استشهد ثلاثة في قصف برج الكرامة شمال غرب مدينة غزة، واستشهدت امرأة وأطفالها الخمسة في دير البلح وسط غزة إثر قصف منزلهم. ومن بين شهداء العدوان الإسرائيلي 410 أطفال و108 نساء و118 مسنا و14 مسعفا وأربعة صحفيين وخمسة أجانب، في حين تجاوز عدد الجرحى 5320 بينهم 350 في حالة خطيرة. وكشفت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي السبت أن الاحتلال استخدم نصف سلاحه الجوي، ونفَّذ ما لا يقل عن 2500 غارة خلال أسابيع العدوان الثلاثة. وأفاد المراسل الحربي للقناة أن الطائرات الإسرائيلية ألقت على غزة ألف طن من المتفجرات إلى جانب ما أطلقته المدفعية والدبابات والمشاة في الألوية البرية والمدمرات وسفن الصواريخ في سلاح البحرية. على الجانب الآخر أطلقت فصائل المقاومة أكثر من 700 صاروخ من قطاع غزة، في تأكيد عملي على أن إسرائيل لم تنجح في تحقيق هدفها الرئيسي من العدوان والمتمثل في إنهاء إطلاق هذه الصواريخ. الجزيرة*