ارتبط اسم اليمن السعيد قديماً على المستوى الاقليمي والدولي ببلد الحضارة والتاريخ ولم يأتي هذا الارتباط من تشييد السدود وبناء ناطحات السحاب والازدهار التجاري فقط وانما جاء كنتيجة حتمية لما تمتعت به اليمن من تراث انساني عظيم وموروث شعبي كبير وقدرة الانسان اليمني على الابداع في مختلف جوانب حياته اليومية. وجوانب الابداع اليمني غزيرة وكثيرة ومتنوعة لن نسطيع ان نتطرق اليها من خلال هذه السطور ولكن سنطوف على مشارف احداها والمتمثل في التراث الشعبي الشفهي تلك الكلمات الجميلة والألحان العذبة التي تغنى بها الانسان اليمني في الريف وطربت لها اغصان الاشجار في الأودية والسهول والجبال أو تلك التي تمارس في المناسبات الدينية والخاصة وغيرها من أغاني الريف التي باتت في وضع يهدد بضياعها واندثارها نتيجة اسباب وعوامل كثيرة اولها الانسان نفسه الذي هجرها وحاول استبدالها باغاني حديثة والعامل الثاني يبرز من خلال عدم الاهتمام والاحتفاء بتلك المناسبات ومن هنا تبرز الاهمية البالغة والمسؤولية الملقاة على عاتق وزارة الثقافة والسياحة والمؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة والباحثين والدارسين والمهتمين لاحيائها وتوثيقها والتعريف بروادها الأوائل سواء كانوا مؤلفين أو ملحنين.. ولعل ما يعد له حالياً بيت الموروث الشعبي ورئيسته الاديبة اروى عبده عثمان التي تنقلت من جبل إلى جبل ومن بيت إلى بيت باحثة عن موروث وتراث زاخر أوشك على الاندثار وسعت الى جمعه وتوثيقه في ملازم ورقية تحذوها بارقة امل لتنقذ هذا الموروث من الضياع وتعمل على التعريف به وتوثيقه بالطرق العلمية وبالوسائل الحديثة وطباعة تلك الملازم ليتسنى للجميع الاطلاع على ما تغنى به الاجداد.. هذا الادبية وذلك البيت الشعبي يعد حالياً للاحتفاء بعاشق التراث وناظم الاغنية الريفية وجامعها الباحث والاديب المرحوم عارف الحيقي القادم من الغد بقصائده الجميلة وتلك الاطلالات الصحفية الذي دائماً ما كان يحرص على اظهار ذلك الموروث على صدر صحيفة الثورة في سبعينات القرن الماضي. احتفاء بيت الموروث الشعبي بهذا الأديب لا شك ان كل المهتمين والمحبين والمتابعين لتراثنا الشفهي سيشاركونه باعتبار ان الحيقي كتب ودون للجميع وتنقل من اجل الجميع و الواجب اضحي يحتم علينا ان نعمل على اخراج هذه الفعالية إلى النور ونحاول من خلالها إبداء ولو نوع بسيط من التكريم للشاعر والأديب الحيقي ولو ان الوقت قد تأخر كثيراً لكن الاهم انه أصبح واقعاً. ان التكريم اللائق للأديب عارف الحيقي هو الاهتمام والحفاظ على ناتجة الأدبي والفكري الكبير وتوثيقه وإعادة صداها إلى اذان الناس، بهذه الوسيلة فقط نستطيع ان ان نقول انه التكريم المناسب لان غيره لن يحقق الهدف المنشود من الاحتفاء بشاعر قدير وأديب كبير كالمرحوم الحيقي. وخلال هذه السطور سنحاول المرور على بستان جمعه ودونه واسقاه عصارة جهده وعرقه المرحوم عارف الحيقي‘ وسنحاول ان نقتطف بعض من ازهاره ونهديها لكل محب لاغاني الريف بمدلولها العميق .. فالابيات القادمة ستتحدث عن الحيقي بما لم يستطيع قملي المتواضع ان يسطره فقد بدأ عارف الحيقي مشواره في جمع وتدوين التراث الشفهي واغاني الريف بعد اكماله المرحلة الثانوية ومن خلال بعض الافكار التي كتبها في العام 1984 م والتي اشار فيها ان الاهتمام بهذا التراث قد تبلورت في ذهنه في منتصف سبعينات القرن الماضي حيث حرص على جمع وتدوين الكثير من الاغاني الريفية والعاب الاطفال واجرى عليها دراسات اولية، وخلال هذه الكلمات البسيطة سنحاول اقتطاف بعض الزهور من البستان الشفهي الذي جمعه لنا ودونه المرحوم عارف الحيقي من ابداعات ريفنا الجميل. فمن ( أغصان الغرام) وجدنا الكثير نختار للقارئ الكريم منها: طرحت لي عهدك فوق القعادة والفرش مفتوح والنجوم شهادة واخرى تنادي الواقف أمام النافذه لتخبره بالاختباء أو اغلاق الستائر لمنع الفتنة فتقول ياظاهر الشباك رد الخطاطيف خليت عيال الناس عليك "مشاطيف" وقول آخر تبين فيه فتاه عاشقة احساسها وشعورها عند مرور حبيبها بجوارها حسي ارتبش وخاطري تغشوش لما جزع جنبي الحبيب "مجمش" وعن معاناة الحبيب لفراق محبوبه ومطالبته بان يتركه في حال سبيله بدلاً من فراقه لسنوات وتركة يعيش في عذاب .. وهنا يظهر الحبيب نوعاً من الحقد والكراهية تجاه حبيبة فيقول: مسافرين جده ارض السعودي فلت لبنت الناس يابن اليهودي ومعذبة أخرى يقول: مخيط القمصان اللي ظلمني خيط على الكعبين بخيط مثني ودون الحيقي الكثير مما قيل عن وفاء الحبيب لحبيبه وحفاظه على عهده ووعده حتى يرجع اليه: لو يعلنوا في الغرب حرب ثالث مانا لعهدك ياحبيب ناكث وعن اشتياق الحبيب لسماع صوت حبيبه ونبضات قلبه دون لنا الحيقي الكثير منها: ياليت بقلبي "سلك" لا فؤادك شاستعلمك ياخل مو مرادك المردافات مجمش: مغطى برداء مشاطيف: مأخوذين بجمالك سلك:هاتف