رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    فلسفة الحرية    بعد تهديدات حوثية: إندلاع حرائق في أكبر مصفاة نفط بأمريكا    المنتخب الوطني الأول يغادر إلى ماليزيا استعدادًا لمواجهة بروناي    تُكتب النهايات مبكراً لكننا نتأخر كثيراً في قراءتها    500 صوت حر في قبضة الاحتلال    تقرير أممي يحذر من انهيار الإجراءات الأخيرة للبنك المركزي بعدن    السقلدي: روايات تهريب الأسلحة عبر ميناء عدن تفتقر للشفافية وتثير الشكوك    96 مسيرة في تعز رفضاً للمؤامرة الصهيوأمريكية وتأكيداً على الثبات مع غزة    غدًا انطلاق فعاليات "مهرجان خيرات اليمن" بصنعاء    برشلونة يعلن اصابة لامين يامال    الإسباني ألونسو يسجل أسرع زمن للفورمولا1    "فيفا "يكشف عن الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    معدل البطالة في منطقة اليورو يسجل ارتفاعا    عمال ميناء يوناني يضربون تنديدا باعتراض اسطول الصمود    "مجموعة السبع" تمول أوكرانيا ب26 مليار دولار من الأصول الروسية المجمدة    السامعي يدين الاستهداف الإسرائيلي لاسطول الصمود    مليشيا الحوثي تعاود اختطاف طفلين في إب وتطارد آخرين على خلفية الاحتفال بثورة 26 سبتمبر    صنعاء .. الإفراج عن سجينة    عاصفة مدارية شمال بحر العرب    دبي تحتضن الليلة انطلاق بطولة "طريق الأبطال" للفنون القتالية    انطلاق فعاليات المعرض الثاني للطاقة الشمسية والري الحديث بعد غد الأحد    الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف في المغرب إلى الحفاظ على الهدوء    صعدة: استشهاد واصابة مواطنين اثنين في قطابر وكتاف    سقوط مشروع الوحدة وشرعية تمثيل الجنوب واليمن    تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.. بين فبركة الخبر وإخفاء الحقيقة    فضيحة وقود دوعن مليارات في جيوب بن حبريش والمواطن غارق في الظلام    قرار الأمم المتحدة رقم (18-1949) بتاريخ 11 ديسمبر 1963 الخاص بالجنوب    معارك وهمية وانحياز صامت    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    سجناء حماية الأراضي يعيشون أوضاع غير إنسانية    محافظ شبوة يوجه بتقييم تنفيذ تكليفات المكتب التنفيذي    تدشين عمليات جراحة القلب المفتوح في مستشفى الثورة بالحديدة    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    #عاجل وفد الانتقالي الجنوبي يقدم إحاطة مهمة للكونغرس الأمريكي (صور)    نقطة سناح خطر على ميناء عدن    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    محافظ حضرموت يتابع أوضاع جوازات منفذ ميناء الوديعة    بعد عام.. النصر يعود بالزوراء إلى الانتصارات السبعة    سان جيرمان يقهر البارشا بثنائية    الشرطة تضبط متهماً بقتل زوجته في بعدان    دوري ابطال اوروبا: بي أس جي يظهر معدنه رغم الغيابات ويصعق برشلونة في معقله    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    «المرور السري» يضبط 110 سيارات مخالفة في شوارع العاصمة    في رثاء يحيي السنوار    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    من تدمير الأشجار إلى نهب التونة: سقطرى تواجه عبث الاحتلال الإماراتي البري والبحري    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مظلومية رجال القضاء يجب أن لا تكون مبررا لتعطيل المحاكم
نشر في شبوه برس يوم 15 - 07 - 2025


بسم الله الرحمن الرحيم

*- شبوة برس - عبدالجليل العامري
يتابع كل مواطن بأسف بالغ وقلق شديد ما صدر عن نادي القضاة الجنوبي فرع العاصمة عدن في بيانه الصادر بتاريخ 15 محرم 1447ه الموافق 2025/7/10م، والذي تضمّن دعوةً صريحة لتعليق العمل القضائي ليومي الأربعاء والخميس أسبوعيًا ابتداءً من شهر صفر، على أن يتبعه تصعيد متدرج قد ينتهي بتعطيل شامل لمرفق العدالة، وذلك تحت مبرر المطالبة بإصلاحات مالية وإدارية وتحسين أوضاع منتسبي السلطة القضائية من قضاة وإداريين.

وإننا أمام هذا البيان، لا يسعنا إلا أن نرد عليه من موقع الواجب والغيرة على أعظم مؤسسة في الدولة – القضاء – التي جعلها الله موئل العدل وملاذ المظلومين، لنبيّن المخالفات الجسيمة التي تضمنها هذا البيان، والتناقض العميق بين جوهر مهنة القضاء، ومضمون ما يدعو إليه البيان.

أولاً: مخالفة شرعية وقانونية وأخلاقية لدعوة الإضراب وتعطيل العدالة
إن دعوة القضاة لتعليق العمل القضائي، هي بذاتها نقضٌ للميثاق الأخلاقي والشرعي الذي أقسموا عليه، ونقضٌ لأحكام الله التي نزل بها القرآن، لا تبرره حاجة ولا يبرره ظلم.

قال تعالى:
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"

فهل من اتخذ مرفق القضاء رهينة، وأوقف مصالح الناس وحقوقهم وعدالتهم لأيام وأسابيع، يبرئ نفسه من هذه الأوصاف الثلاثة؟ كفر وظلم وفسق؟!

إن الله لم يفرض على القاضي أن يثور لأجره، بل فرض عليه أن يحكم بين الناس بالعدل، ولو كان خصيمه أقرب الناس إليه، ولو كان هو أحوج الناس.

ثانيًا: بيان يخلط بين "الحق الشخصي" و"الواجب المقدس"

نادي القضاة في بيانه يخلط خلطًا فادحًا بين مصلحته كهيئة نقابية، وبين رسالته كسلطة قضائية سامية.

نعم، نقر أن هناك خللاً في المنظومة المالية، وتدهورًا معيشيًا طال كل فئات الشعب بلا استثناء، لكن أن يتحول هذا الخلل إلى ذريعة لضرب آخر قلاع الدولة، وترك المظلوم في العراء، وتأجيل القصاص، والسماح للجناة بالفرار، فذلك هو الفساد بعينه.

هل غلاء المعيشة أصاب القضاة فقط؟
أم أن المعلم والممرض والشرطي والموظف العام لم تطحنهم نفس الأوجاع؟
لكن أيًّا منهم لم يجرؤ أن يعطل مرفقه الحيوي الذي يحمي به حياة الناس وأمنهم وكرامتهم.

ثالثًا: قضاة يتحدثون عن الإصلاح... ويعلنون العصيان؟
من التناقض المؤلم، أن يتحدث القضاة في بيانهم عن إصلاح القضاء، وهم يدعون إلى تعطيله.
كيف يتفق أن تُنادي بالإصلاح وتدعو في الوقت نفسه إلى الفوضى؟
كيف تطلب تحسين صورة القضاء في الخارج، وأنت تُسقط هيبته في الداخل بيدك؟
أي ثقة ستبقى للناس في حكم يصدر عن محكمة أعلنت عصيانها؟
وهل يحق لقاضٍ أضرب عن العمل أن يدين من أضرب عن دفع الدين؟
أو يحكم بين الناس وهو قد عطل أحكامه بيده؟!

رابعًا: لا مبرر للإضراب في مهنة "واجبة" بأصل الدين والدستور

مرفق القضاء ليس مصنعًا، ولا شركة خاصة، ولا حتى نقابة عمالية.
إنه مرفق سيادي مقدس مرتبط بحقوق الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وتعطيله هو تعطيل للعدل، والعدل أساس الملك.

قال الخليفة عمر بن الخطاب:

"إن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق"

فمن ضاق عليه القضاء، فليلجأ للحق والوسائل المشروعة، لا ليهدم مرفقًا هو صمام أمان المجتمع.

خامسًا: لماذا لم ترفعوا دعاوى على الفساد إن كنتم قضاة عدل؟

إن كان نادي القضاة يزعم أن هناك فسادًا ماليًا وإداريًا في السلطة القضائية أو في الحكومة – كما أشار بيانه – فلماذا لم يرفع القضاة دعاوى إدارية وجنائية ضد المسؤولين عن ذلك؟
لماذا لم يصدروا أحكامًا بالوقف والعزل والمساءلة، وسلب الحرية ضد كل من يعبث بالقضاء والوظيفة العامة بشكل عام ؟
أليس هذا دور القاضي؟
الم يكن منهم المدعي العام والمحامي العام المخول دستورا وقانونا القيام بهذه الاعمال ؟؟؟
الم ينص الدستور والقانون على تخويلهم ومنحهم وحدهم حق القيام بكل هذه الاعمال حسب المادة(149)من الدستور وغيرها.

أم أن القاضي لا يرفع قلمه إلا حين يُمسّ او ينقص راتبه نتيجة ارتفاع سعر الصرف؟!

الحقيقة أن ما يحدث لا يعبر عن ضعف النظام، بل عن تخلي بعض القضاة عن رسالتهم.
القاضي الذي يبرئ المسؤول الظالم طمعًا في مصلحة، ثم يُطالب بحقوقه، يُجازى من جنس عمله: ذل وامتهان، وتأخير في المرتب، وازدراء من الناس.

سادسًا: المطالب ليست عيبًا... لكن الوسيلة عار

نعم، المطالبة بتحسين الأوضاع ليست عيبًا.
لكن تعطيل القضاء جريمة،
فما الفرق بين هذا الإضراب، وبين المجرم الذي يمنع القاضي من دخول المحكمة؟
ما الفرق بين العصيان، وبين من يضع السكين على عنق العدالة؟

الوسيلة قد تُفسد الغاية، ولو كانت الغاية نبيلة.
فلو كان القضاة قد رفعوا مذكرات، وأصدروا تقارير رقابية، ورفعوا دعاوى إدارية وجنائية، لأيدهم كل الشعب.

لكن أن يُعاقب الناس، والمظلومون، والنساء، والمحابيس، ويُترك القاتل طليقًا... فذلك ليس إصلاحًا، بل تخريب باسم العدالة.

سابعًا: التاريخ لا يرحم القضاة حين يخونون رسالتهم

سيكتب التاريخ، إن استمر هذا العبث، أن قضاة هذا الزمان باعوا عدالتهم بثمن بخس.

كانوا يومًا يُحكمون بين الناس بالعدل،
ثم باتوا يعلقون العمل ليومين في الأسبوع، ثم ثلاثة، ثم أسبوعًا،
حتى عطلوا القضاء كله، وخلت قاعات المحاكم،
وسادت الفوضى، واستبدّ القوي بالضعيف.

وكل ذلك – باسم العدل.

خلاصة القول:

يا من وُكل إليكم ميزان الله في الأرض،
إن مطالبكم المشروعة لا تُبرر الوسيلة المحرّمة.

القضاء لا يُصلَح بالإضراب، ولا تُسترد الحقوق بقطع حقوق الناس.

ولا تُبنى الهيبة، بهدم هيكل العدالة.

وختامًا، فإن الواجب اليوم أن يُعاد النظر في دور نادي القضاة، وأن يُلزم من يخالف قسمه القضائي بمحاسبة تأديبية صارمة، لأن من يعص قسمه، لا يستحق أن يعلو منصة القضاء.
وإن كانت لكم حقوق، فللناس حقوق أعظم.
وإن كنتم قضاة مظلومين، فالمظلومون الذين ينتظرون أحكامكم أحق بالعدل من أي مرتب او حقوق تحبسون العدالة رهنا بها.
مالكم كيف تحكمون؟؟
والله الموفق والمستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.