1000 مقابل 30 .. روسيا واوكرانيا تتبادلان جثث قتلاهما    العراق يواجه الفائز بين بوليفيا وسورينام وإيطاليا مع إيرلندا الشمالية في الملحق    الأحد المقبل .. تدشين مخيم للعيون في الزهرة بالحديدة    اللحم غير المطهو جيداً... مسبّب للسرطان؟    المؤسسة الوطنية لمكافحة للسرطان تحتفي بإنجازاتها وتكرم مجموعة هائل سعيد أنعم كداعم رئيسي للمؤسسة    باتيس يشيد بدور نقابة المهندسين الجنوبيين بحضرموت في تعزيز العمل الهندسي    قبائل حرض تُعلن النكف وفاءً لدماء الشهداء واستمرارًا للتعبئة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    المنتخب الوطني يتقدم للمركز 148 في تصنيف الفيفا    فورين بوليسي: «الاتفاق الامني» السعودي الامريكي قد يورط واشنطن في صراعات غير مرغوبة    تشكيلات عسكرية.. حضرموت اليوم بحاجة إلى العقلاء، لا إلى مشعلي الحرائق.    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    رابطة المقاتلين المحترفين (PFL MENA) ضمن برنامج موسم الخبر لعام 2025    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    واشنطن: إنهاء حرب اليمن يتطلب وقف تدفّق الموارد إلى الحوثيين    انفجار عنيف يهز منطقة المصينعة في شبوة    الإصلاح يسلّم نفط مأرب للحوثي نكاية بالجنوب ورفضًا لوصول الإيرادات إلى عدن    توزيع هدايا رمزية عينية للأطفال المرضى بمستشفى الثورة بالبيضاء بمناسبة اليوم العالمي للطفولة    تراجع الذهب مع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن    10578 شهيدا وجريحاً من الأطفال في اليمن    أحسم الأمر قبل تفاقمه    الغيثي: استمرار شراكة الانتقالي مع حكومة الشرعية يدفن القضية الجنوبية    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    المبعوث الأممي يناقش في مسقط جهود التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن    تعز.. مسلح يعتدي على قيادي تربوي وزوجته    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صحفي: السماح لأسرة غازي الأحول بزيارته    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    غداً... انطلاق بطولة غرب آسيا للجودو في عمّان بمشاركة يمنية    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    رودريغو: نحن نملك هوية واضحة مع انشيلوتي    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وتظهر "حمالة الحطب" في المغرب
نشر في شبوه برس يوم 05 - 10 - 2025

هي الوقاحة بكل بشاعتها، فلم يكن تصريح اليمنية (حمالة الحطب) الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، توكل كرمان، الذي وصفت فيه مشاهد التخريب والحرق في بعض المدن المغربية ب"مجد للشعب المغربي الثائر"، مفاجئًا لمن يعرف سيرتها السياسية.

لكنه كان صادمًا للرأي العام المغربي بكل مكوناته، لأنه كشف بلا رتوش عن الوجه الحقيقي لامرأة ارتبط اسمها بالسلام، بينما مسيرتها كلها لم تكن سوى صناعة للفوضى وإشعال للنار.

منذ لحظة ظهورها كأيقونة للربيع العربي في اليمن، كانت توكل كرمان واجهة ناعمة لمشروع خشن، مشروع الإخوان المسلمين. رفعت شعارات الحرية، لكنها دفعت آلاف الشباب إلى ترك مقاعد الدراسة والانضمام إلى ساحات الاحتجاج التي تحولت بسرعة إلى منصات تجنيد إخوانية، بدلاً من أن تقود جيلًا إلى التنوير، قادته إلى المجهول، حيث انتهى كل شيء إلى كارثة، بلد محروق، دولة ممزقة، وشعب أُلقي إلى مصيرٍ مظلم.

لم تكن اليمن بحاجة إلى أصوات ترفع الشعارات وتغذي الأوهام، بل إلى بناء دولة ومؤسسات وتعليم وصحة، لكن توكل ومن معها حوّلوا الساحات إلى مواكب هتافٍ بلا مشروع، والنتيجة واضحة. الإخوان سلّموا صنعاء للحوثيين دون طلقة واحدة، لم يُطلقوا النار للدفاع عن الجمهورية التي زعموا حمايتها، بل انسحبوا بهدوء وتركوا العاصمة تسقط، إنها الحقيقة التي يعرفها كل يمني اليوم، الربيع العربي انتهى بتسليم اليمن للحوثي، وتوكل كرمان كانت في قلب هذه الخيانة.

الخيانة الإخوانية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تكرّرت مراتٍ عدة وامتدت إلى غدرٍ بقوات التحالف العربي، دماء جنود الإمارات والسعودية والبحرين وقوات الجنوب واليمن دفعت ثمن هذه الخيانات والغدر، وبلغت الوقائع ذروتها حين زحفت قواتٌ تابعة للإخوان نحو إسقاط عدن، فتصدت لها قوات الجنوب بدعم إماراتي وتحت مظلة التحالف العربي، وكان ذلك اليوم كشفًا لوجوه الغدر وانكشافًا للنيات الحقيقية.

وإذا كان اليمن قد دفع الثمن الأكبر، فإن الإقليم كله تذوق السموم نفسها، في مصر، كانت كرمان صوتًا من أصوات الإخوان الذين حاولوا اختطاف "ثورة يناير" وتحويلها إلى مشروع تمكين عقائدي، فجعلوا البلد على حافة الانهيار. في سوريا، دعمت خطابًا مسمومًا بارك عسكرة الحراك السلمي وحوّله إلى حرب طائفية مفتوحة غذتها الجماعات المتطرفة تحت لافتة الإخوان. في تونس، وقفت مع حركة النهضة التي أدخلت البلاد في عقد من الضياع السياسي والاقتصادي، وفي كل محطة كان موقفها واحدًا، الدفاع عن الإخوان حيثما كانوا، ولو كان الثمن دماء الشعوب وخراب الأوطان.

اليوم، وبعد أكثر من عقد على ذلك الربيع المسموم، تعود لتطل من جديد، لكن هذه المرة على المغرب، بلد مستقر، يبني اقتصاده، يحضّر لمشاريع رياضية وتنموية كبرى، ويعرف شعبه كيف يطالب بحقوقه في إطار مؤسساتي، لم يكن يحتاج إلى وصاية ولا إلى خطابات تحريضية من الخارج، ومع ذلك، اختارت توكل أن تصف مشاهد سيارات محترقة ومتاجر منهوبة بأنها "مجد للشعب المغربي الثائر"، أي مجد هذا؟، وأي فخر في حرق ممتلكات الناس وترويع الآمنين؟.

التناقض صارخ: كيف لجائزة نوبل للسلام أن تبقى في يد من يبارك العنف ويدعو إلى إشعال الفتنة؟ إن تبرير التخريب بعبارات "المجد" و"الفخر" يُسقط عن الجائزة معناها الأخلاقي، ويجعلها غطاءً لمشاريع الهدم بدلا من أن تكون رمزًا لصناعة السلام. ما صدر عنها ليس موقفًا مع الشعب المغربي، بل موقفًا ضد المغرب وأمنه واستقراره.

ولعل من المفارقات أن من تحمل لقب "نوبل للسلام" تستمتع بمشاهد الدم والدخان، في بلدها اليمن دفعت الشباب إلى ساحات أدت إلى انهيار الدولة. في مصر وسوريا وتونس، دعمت القوى الإخوانية المسمومة التي سممت الحياة السياسية. واليوم، تبث السم نفسه في المغرب، لهذا ليس غريبًا أن نصفها بأنها "حمالة الحطب" التي لا وظيفة لها سوى إشعال النار وترك الشعوب تحترق.

لكن الخطورة هنا ليست في تصريح عابر على منصة تواصل اجتماعي، بل في الرسالة المبطنة. تحويل احتجاجات محدودة إلى "ثورة كبرى" هو محاولة رخيصة للركوب على الأحداث، وتوظيفها لصناعة بطولة إعلامية زائفة، التحريض من وراء الشاشة لا يكلف شيئًا لصاحبه، لكنه يكلف المواطن البسيط الكثير. التاجر الذي خُرّب متجره، الموظف الذي أُحرقت سيارته، رجل الأمن الذي كُسرت ساقه، والأم التي ارتجف قلبها خوفًا على مصير ابنها، هذه هي الحقيقة التي لا تراها توكل كرمان من منفاها، أو لا تريد أن تراها لأنها لا تعيش آثار خطابها التحريضي.

المغرب ليس بحاجة إلى وصاية خارجية، منذ سبعة عقود من الاستقلال، عالج المغاربة قضاياهم بأنفسهم، وأثبتوا أن إصلاح البيت الداخلي يتم عبر الحوار الوطني والمؤسسات، لا عبر الاستقواء بالخارج أو التحريض من بعيد، المغرب بلد السيادة والكرامة، لا يحتاج إلى دروس من ناشطة يمنية فشلت في إنقاذ بلدها وتسلمت جائزة دولية لتوزع الفوضى حيثما أرادت.

من هنا تأتي أهمية أن يكون الرد على هذا الخطاب التحريضي بحجم التحدي. الدعوة إلى عريضة وطنية بمليون توقيع تُرفع إلى لجنة نوبل للمطالبة بسحب الجائزة من توكل كرمان ليست مجرد رد فعل غاضب، بل رسالة إلى العالم بأن المغرب لا يقبل أن يُستغل استقراره لمشاريع عبثية، وأن جائزة نوبل لا يمكن أن تبقى في رصيد شخصية تبارك الفوضى وتشجع على الفتنة.

لقد أثبت التاريخ أن الإخوان حيثما حلوا تركوا وراءهم الخراب، اليمن مثال صارخ، ومصر وتونس وليبيا والسودان وسوريا شواهد حية، والمغرب اليوم يرفض أن يكون المحطة التالية في رحلة الخراب هذه، لذلك فإن تسمية توكل كرمان ب"حمالة الحطب" ليست مجازًا بل هو توصيف دقيق، امرأة تحمل الحطب لتشعل النار، وتستمتع برؤية الدخان يتصاعد، دون أن تعنيها حياة الناس ولا استقرار الأوطان.

الدفاع عن الحقوق لا يكون بحرق الممتلكات، والسلام لا يُبنى من دخان الحرائق، المغرب لا يحتاج إلى أصوات خارجية تستثمر في أزماته، بل إلى تعزيز مسيرته التنموية، إلى حماية وحدته الوطنية، وإلى رفع صوته في وجه كل من يريد تحويل قضاياه إلى ورقة لعب، وما صدر عن توكل كرمان هو جرس إنذار. معركة المغرب لم تعد فقط مع من يندس في شوارعه، بل مع الأصوات الخارجية التي تريد تحويله إلى نسخة أخرى من فوضى الربيع العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.