لا أنكر فضل ثورة 14 أكتوبر 1963م ولا أبخس ثوارها حقهم وكرامتهم، وعلى الرغم من الأخطاء والخطايا التي جرت في ثورة أكتوبر ودولة الجنوب لمدة لم تكمل ال23عامًا، إلا أنها في معظم أعمالها وخطواتها كانت موفقة وحققت الكثير رغم الحصار الإقليمي والدولي ولا مجال لشرح أسبابه ومسبباته. لما أجلس مع الناس في المقهى أو في زاوية من زوايا الشارع أو في التاكسي، أجدهم يتحسرون كثيرًا، وأيضًا يتعجبون من المحتفلين بما لم يعد موجودًا في الأساس.
خلال سنوات عاصفة الألم والتدمير تحت مسمى عجيب وغريب عن عالم السياسة والواقع، (استعادة الشرعية) لا عادت الشرعية ولا ترك الجنوب يدير نفسه بعيدًا عن الشمال الحوثي والمتحوث.
العاصفة تحول تدخلها إلى تفكيك الجنوب فقط. وأتحداهم أن يعملوا في الشمال ما يعملوه في الجنوب. فلماذا؟! لا يهم الجواب فالطبق غير مستور.
الشعب بغالبيته لسان حاله يقول: أين هي ثورة أكتوبر اليوم وأين جوهرها ومحتواها وتعاملها ومعاملاتها؟
* دولة أكتوبر كانت مهابة تصون الحقوق وحققت المساواة فأين الدولة وأين المساواة الآن؟
* دولة أكتوبر كان فيها الأمن والأمان والاستقرار الاجتماعي، والمعيشي فأين ذلك اليوم؟
* دولة أكتوبر كانت تمنح الصحة المجانية داخليًّا وخارجيًّا وتمنح التعليم المجاني في الداخل والخارج، وكانت العملة محمية والأسعار ثابتة ويتم دعم الفوارق العالمية في السعر من صندوق دعم الأسعار فأين نحن من ذلك اليوم؟
* دولة أكتوبر أنشأت الجيش والأمن الواحد والمنضبط ولم تكن جبايات وتقطع في الطرقات بين المحافظات، وكانت رواتب مصانة وتدفع بانتظام ومن دون من ولا أذى فأين ذلك اليوم؟!
* دولة أكتوبر كانت القيادات الكبرى تسير في الشوارع دون ضجيج ولا كتائب حراسة وتلتقي أكبر قيادي بالشارع أو بالعمل بدون منغصات، فأين ذلك اليوم؟.
في دولة أكتوبر كانت المصانع وإن كانت بسيطة والمزارع والعامل والصياد والفلاح. كانت مؤسسات للشعب ومن أجل الشعب، فأين ذلك اليوم؟
هل تساوينا؟ ومثلما انتهت سبتمبر انتهت منجزات أكتوبر؟ الواقع يؤكد ذلك وبقوة.
نعيب على الهاربين في فنادق وعواصم الخارج احتفالهم بثورة سبتمبر بينما السلالي والعنصري قد رفسهم ورفس سبتمبر 1962م.. فهم في المنافي وهو يحكم أرض سبتمبر المفترضة فلماذا نكرر ما يفعلونه بالاحتفال بأكتوبر وهي لم تعد موجودة؟
فبأي حال عدت يا عيد؟ بما يسر ويفرح أم بالتنقيص والتنكيد؟
المجاعة تفتك ب97 %من شعب الجنوب ونقوم باحتفال وفي ظل مجاعة وحرمان من الرواتب لعدة شهور.
قال لي أحد الثوار المركونين يا ليتنا ما ثرنا، والمفروض نخرج مثل الشيعة نلطم ونضرب أجسادنا مثلهم (هم يصرخون يا حسيناه، ونحن يجب أن نصرخ ونضرب أجسادنا ونصيح يا أكتوبراه... يانوفمبراه!
حكمة: البطون الجائعة، والجموع التي تعيش واقعًا مريرًا وتخشى المستقبل المجهول، لا تستمع للخطابات ولا تقبل مشاهدة احتفالات لا تمت لأكتوبر ونوفمبر بأي صلة مطلقا.
فهل نعيد قراءة واقعنا بعقول منفتحة لكي نصحح أخطاءنا ونعيد بناء وتصويب حاضرنا لنبني مستقبلًا يطيب لنا فيه الاحتفال والناس يتمتعون بكرامتهم الكاملة.