اشكر القائمين على هذا المؤتمر، وفي البداية أحب أن اسجل هنا أننا وان كنا منتمين الى اطراف سياسية لكننا غير مفوضين بالتنازل عن أي حقوق لضحايا الصراعات الماضية, وحتى أطرافنا السياسية نفسها غير مخولة بذلك, وعليه فإن أي اتفاق سينتج عن مثل هكذا لقاءات ينبغي في البداية أن تقره الأطراف السياسية ثم تعرض على استفتاء شعبي, لأن الشعب وحده هو صاحب الشرعية في مثل هكذا قضايا مصيرية، ولكي يكون لهذه الاتفاقات شرعية حقيقية لدى الشعب، ولأن الأطراف السياسية باعتقادي في أغلبها شاركت في المشاكل وشاركت في الحروب، وقد تكون بشكل او بأخر شاركت في الظلم وبالتالي الشعب هو صاحب الامر في هذه المواضيع . اعتقد ان هذه المؤتمرات التي تنظم سواء حول العدالة الانتقالية او العدالة التصالحية غالباً ما تركز للأسف على حقوق الجلادين وعلى حقوق المستفيدين وعلى حقوق النافذين ,وتحاول بطريقة او بأخرى غفر ذنوبهم واغلاق المراحل الماضية لكن لا يوجد فيها محاسبة حقيقية ولا مسألة حقيقية سواء المسألة عن الجرائم أو عن الأموال التي تراكمت بطريقة غير مشروعة...ومن ناحية أخرى تعطي الضحايا فقط وعود ولأيتم تنفيذ شيء منها, وكأن هذه المؤتمرات أتت لتبرئة الطبقة الغنية المتسلطة فقط, لكن المتضررين الحقيقيين لا يحصلون على شيء, ولو لاحظنا مثلاً منذ انطلاق مؤتمر الحوار في اليمن واعمال اللجنة الفنية منذ 2012 تقرياً أتت الكثير من الوعود للمواطنين واستبشر الناس خيراً حتى بدأوا يتقبلوا موضوع الحصانة على اعتبار ان الحصانة ستغلق ملفات الماضي وسيتم تعويض الناس وتعويض الضحايا واعتماد مرتبات لهم وغيرها ,تقبل الناس هذه الفكرة ووافقوا عليها في جزء كبير منهم, لكن حقيقة لم يجدوا أي شيء ولا أي منفعة, لم يتم تطبيق النقاط التي لصالح البسطاء ولصالح الضحايا, لم يتم تعويض احد, لم يتم إعادة الحقوق, لم يتم إعادة الممتلكات, لم يتم بناء ما تم تخريبه, فقط استفادت النخبة التي حكمت لأنها تمكنت من إيجاد شرعية لها للبقاء, تمكنت من التجديد لنفسها تمكنت من حفظ أموالها التي تراكمت وبالتالي دائماً نلاحظ ان هذه المؤتمرات وفي ختامها وفي نتائج اعمالها وعلى الواقع تأتي فقط لصالح النخبة. نحن لسنا ضد المصالحة ولسنا ضد حتى العفو لكن ينبغي ان تكون هذه المصالحة وهذا العفو مدخل لبناء الدولة, بمعنى انه طالما و هناك حروب مستمرة وازمات ولا وجود حقيق للشراكة الوطنية انا في اعتقادي انه من غير المناسب ان نفتح مثل هذه المواضيع, او أن نقرها ثم ندخل في ازمة جديدة ويأتي الذي بعدنا ويستنسخ نفس الفكرة ويقول نعفي عن هؤلاء كما عفينا عن الذي قبل, وسنمضي في مثل هذه المآسي والمواطن البسيط هو الضحية, وبالتالي مثل هذه المواضيع يجب أن لا تأتي وان لا يتم الاتفاق عليها الا بعد أن نطمئن ونتأكد أننا فعلاً سندخل في دولة حقيقة ,دولة ديمقراطية مدنية بحيث يكون هناك فاصل حقيقي بين المرحلة الماضية والمرحلة القادمة. مثلاً موضوع الحصانة الذي اعطي في 2012 الم ترتكب بعدة عشرات الجرائم ومئات الحروب الداخلية وكثير من المآسي؟, الان نريد حصانة من جديد وهكذا. هذه الأمور يا أخواني خطيرة، ونتمنى ان ندرك ما نحن مقبلون علية، بالإضافة الى ان هناك مثلاً مسألة الحقوق الشخصية باعتقادي انه لا يحق لأي طرف سياسي أن يتنازل عن حقوق شخصية لمواطنين او أي لأي طرف من الأطراف. أضافه ان يجب ان نميز بين الجرائم والحروب السياسية وبين جرائم الإرهاب, جرائم الإرهاب يجب ان لا نتسمح فيها مطلقاً وعلى رأسها جرائم الاغتيالات وجرائم التفجيرات وجرائم التخريب، وان كان هناك صراع سياسي فلا يبيح ذلك لأحد اغتيال او تفجير او تخريب مصالح عامة او تفجير انابيب نفط، عندما نجعل كل شيء مسامح ومباح فإننا نسهل ارتكاب مثلة في المستقبل، لأنه لا يوجد قطع مع الماضي، لا توجد مرحلة محددة للعفو والمصالحة لنقول الى هذا اليوم وكفى, طيب هل من اليوم الثاني من غد من بعد غداً اذا تم ارتكاب جريمة ستتم محاسبتهم، لا يوجد نص واضح، وبالتالي فقط يأتي كل مؤتمر ليغفر عن ما حصل الى تاريخ المؤتمر ويأتي المؤتمر الذي يليه ويكرر نفس الأمر، وبالتالي ستستمر المشاكل وسيستمر الاقتتال, لان من وصل الى السلطة اليوم والأطراف السياسية التي دخلت او أصبحت شريكة او فاعلة في السلطة ستصبح عندها الأمور بسيطة وسهلة في ارتكاب الكثير من الجرائم، لأنها ببساطة بعد أن ترتكب وتستبيح وتفعل ما تريد ستأتي لتعقد مؤتمر عبر احدى المؤسسات أو المنضمات او المؤتمرات او الهيئات ويعملون مصالحة وطنية وهكذا، اذاً يجب ان نسأل انفسنا ما هو الحد الفاصل ومتى فعلاً نوقع على هذه المصالحة؟, ومتى نمنح هؤلاء عدف او غفران وماهي الشروط؟، مثلاً: هناك الكثير من النافذين ليس فقط ارتكبوا الكثير من الجرائم انما لديهم مليارات من الدولارات، كيف يمكن ان نسمي مصالحة بين شخص يمتلك اثنين او ثلاثة او عشرة مليار دولار ومواطن بسيط لا يمتلك حتى دولار واحد لقوت يومه، هذه ليست مصالحة حقيقية، اذا كنا فعلاً نريد مصالحة يجب ان يكون هناك شروط ومقابل هذه المصالحة، يجب ان يتم عمل إجراءات ضد هذا الطرف الذي يتم غفر ذنوبه، اما ان نغفر ذنوبه وأن تترك جميع هذه الأموال لدية يتمكن من خلالها من انشاء حزب سياسي ليشارك في السلطة بشكل قوي، بمعنى أن المواطن المواطن البسيط وفي النهاية لن يستفيد ابدا. وبالتالي اذا كان هناك مصالحة وكان هناك عفو يجب ان يكون هذا العفو بناء على طلب يُقدم، أي شخص يعتبر نفسة ارتكب أخطاء او جرائم يجب ان يتقدم بطلب الى هيئه المصالحة او هيئة العفو أو أي هيئة يمكن ان نسميها مقابل ان يمنح هذه الحصانة، يجب ان لتزم بعدة أمور أولا مثلاً: عدم المشاركة في الحياة السياسية العامة، لأنه لا يعقل ان شخص ارتكب الكثير من الجرائم ونهب مليارات من الريالات او الدولارات ثم نأتي نتيح له المجال بالاستمرار في العمل، إضافة الى انه باعتقادي ان من نهب الاموال العامة والأموال الخاصة لا يعقل ان نترك له مثلاً عشرات الملايين ان لم يكن مليارات الدولارات معه، أنا لا اريد ان نسحب كل شيء منه ونجعله كما يقولون على البلاطة، لكن على الأقل يجب ان يكون هنالك حدود معينة، مثلاً تعود بعض الأموال العامة, والأموال الخاصة بالتأكيد يجب ان تعود، يجب ان يكون هناك مقابل، لكن ان يكون عفو ومصالحة وغفران ويستمر في السلطة, ليس فقط يستمر في السلطة بل ويستمر في انتاج الازمات ويستمر في الحروب ويستمر في الجرائم, ثم يأتي ب خمسين او ستين الف دولار او 20 الف دولار ويكلف منظمة من المنظمات الحقوقية ويعملوا له مؤتمر مصالحة وتنتهي هذه الأمور. يجب ان نراعي شعور المواطن البسيط، سواء في الجنوب او في صعدة أو في ذمار او في البيضاء، انتم تعرفون اننا ونحن مجتمعون هنا ونتحدث عن مصالحة وعن عفو والجرائم ترتكب يومياً، بل وفي الساعة والدقيقة الحالية، كيف يمكن ان نتحدث عن مصالحة وعن عفو والحروب مستمرة؟، هذه الأمور يجب أن لا نبدأ بالحديث عنها الا بعد ان يتوقف نزيف الدم، ان نتأكد وبشكل حقيقي ان الأطراف السياسية فعلاً تريد الانتقال الى بناء الدولة، اما طالما والأمور مفتوحة هكذا انا أرى وبشكل شخصي أن لا نعطي أي طرف من الأطراف لا صك براءة ولا غفران ولا مصالحة لأنه قد يأتي الوقت الذي يثور الشعب على كل هذه الأطراف السياسية وفعلاً يخرج بمخرجات افضل مما سنخرج به الان، يجب ان لا نظل هكذا نتحدث حول الأمور النظرية فقط، يجب ندخل في الجانب العملي والجانب الواقعي وشكراً لكم.