من الأسباب الحقيقية للفساد والإفساد, و التمادي في القتل و إراقة الدماء في عالمنا العربي المتخلف, أو قل من أسباب تخلفنا, فتح صفحة جديدة بعد كل حكومة جديدة, أو مذبحة ترتكبها جماعة أو حزب أو نظام.. فلا تسمع إلا قرارا بالعفو العام و فتح صفحة جديدة .. و هات يا دفاتر!!! و جميل أن تسمع مثل ذلك, فالعفو عند المقدرة كما يقولون من شيم الكرام.. و لكن حين تعلم أن العفو يتكرر و الصفحات الجديدة تزداد, و المسيء يزداد سوءا, و النية مبيتة لارتكاب الأفظع, يصبح هذا العفو عجزا, ومحطة جديدة للغدر و التقاط الأنفاس, من أجل تكرار الجرائم والفساد.. لنعد قليلا إلى الوراء إلى ما كان يسمى بثورة الشباب عام 2011م.... هذه الثورة أو الثرثرة انقض عليها المجرمون و القتلة و سفاكو الدماء و الفاسدون, في يوم اشتهر بيوم الانضمام العالمي, ثم أفرغوها من المحتوى الذي كان يؤمله بعض الشباب على الأقل.. فمنحت هذه الثورة كل من ثارت عليهم القوة و الحصانة و التمكين, ولو عرفت أن أنصار الله جزء من هذه الثورة, ستعلم فسادها يقينا.. فمن أهم أسباب هذه الحرب الدائرة في الجنوب عامة وفي عدن خاصة هو هذه الثورة, و صفحة عفا عما سلف, التي أعجبت كثيرا منهم, فكتبوا عليها أسوأ مما كانوا يعملون.. ثم الحصانة التي ركب عليها كبيرهم و أوصلته إلى الجنوب.. وكأن الانضمام إلى الثورة يجب ما قبله, أو ترجع المرء كما ولدته أمه.. الآن.. و الحرب دائرة رحاها, نراهم يتقاطرون إلى الرياض, بعد أن أوغلوا في الفساد و تمادوا في القتل و سفك الدماء, من أول يوم في الحرب نراهم يفرون تباعا إلى الرياض, ومنهم من يعلن انضمامه لشرعية هادي؛ كي يضمن مقعده في الدولة القادمة, يحمي بهذا الانضمام نفسه وثروته, و يستأنف فساده أو إجرامه.. وجوه مكررة مملة مبتذلة على مدى تعاقب الحكومات كلها, تصر على البقاء و أن يكون لها دور في صناعة المستقبل والحياة القادمة .. هؤلاء الفارون والمنضمون ينطبق عليهم جميعاً ( فاقد الشيء لا يعطيه ) و كثير منهم القتلة والمجرمون والفسدة, ولن يكونوا - يوماً ما - مصدرا للخير و للحياة الهانئة المستقرة , و لن تستقيم الحياة حياتنا أو تستقر و يعم فيها الخير إلا بإقامة العدل, و بأن يأخذ الظالم والفاسد و.... جزاءه. لهذا إن أردنا الدولة المدنية – كما يدعون - فيجب أن يكون الحساب عسيرا, و يكونوا عبرة لمن لا يعتبر, و إلا فسيبقى الفساد على ما هو عليه, و سيكون القادم أسوأّ!!!