شكرا لاعطائي الفرصة لاطلاع مجلس الأمن على آخر تطورات الملف اليمني. لقد شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا للعمليات العسكرية أثر بشكل مريع على الشعب اليمني. ان الأعمال القتالية استمرت في مناطق عدة ومنها محافظة صنعاء و تعز والمنطقة الحدودية بين اليمن والمملكة العربية السعودية. ولا يزال المدنيون في تعز يعانون من القصف العشوائي المتزايد على المناطق السكنية. كما تصاعدت حدة القصف البري والجوي في الساحل الغربي مع انطلاق عملية الرمح الذهبي التي شنتها الحكومة اليمنية وحلفاؤها. لا يزال كل من الطرفين يدعي التقدم العسكري على الأرض ويجاهر به في وسائل الاعلام الا أنني لا زلت على ثقة أنه لا يمكن للحل أن يكون عسكريا. فنحن نشهد يوميا جولات من الكر والفر ومن لا يرى غير الحل العسكري سبيلا في اليمن، يزيد من معاناة اليمنيين ويساعد على تزايد خطر الارهاب كما أنه يؤخر تعافي اليمن من مخلفات الحرب. ومما يضاعف المأساة أن هناك مقترحا للسلام على الطاولة وهذا المقترح سوف ينهي النزاع في حال تحلى الأطراف بالارادة والشجاعة السياسية لتنفيذه. سيدي الرئيس، لقد عقد بتاريخ 18 كانون الأول / ديسمبر في الرياض اجتماع حضره وزراء خارجية المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان و الامارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وقد دعيت للمشاركة به. صدر عن هذا اللقاء نداء عاجل لاعادة الالتزام بوقف الأعمال القتالية وتليه فترة تحضيرية مدتها أسبوعان لتدارك مسببات الخروقات التي كانت تحدث في كل مرة أعلنا فيها وقف القتال. ونحن حريصون على أن يلتزم الأطراف هذه المرة بشكل فعلي وكامل يوفر الاغاثة الضرورية لليمنيين. لقد أتم فريق العمل في مكتبي كل الترتيبات الخاصة للاجتماع التحضيري والذي يشمل ورشة عمل مدتها خمسة أيام يحضرها ممثلون من طرفي النزاع حتى يخرجوا بخطة عملية مشتركة تضمن تقوية وقف الأعمال القتالية وعدم تعرضه لأي خرق من أي طرف. ان نجاح وقف الأعمال القتالية سوف يساعد على تحقيق انفراج حقيقي في المشهد اليمني ويحمل الأمل لليمنيين بعد معاناة طويله من الحرب كما أنه سيشكل ركيزة صلبة للتباحث بالحل السياسي الشامل. لقد التقيت بوزير الخارجية الاردني في اليوم التالي لتوليه منصبه وقد عبر عن ترحيب بلاده باستضافة هذه الورشة. كما عبر عن استعداد المملكة الأردنية الهاشمية لتقديم أي دعم لمسار السلام ومساعدة الشعب اليمني وهذا ليس بغريب عن بلد استضاف وقدم ملجأ آمنا وخدمات استشفائية أساسية لعدد كبير من مواطني الدول المجاورة ومنهم اليمنيين. وفي هذا السياق، أرحب بتجاوب الحكومة اليمنية وموافقتها على ارسال ممثليها للمشاركة في هذه الدورة وأتمنى على وفد أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام تأكيد حضور ممثليهم. على الصعيد السياسي، دعا البيان الصادر عن اجتماع 18 ديسمبر في الرياض الأطراف الى التعامل بشكل بناء مع مقترح الأممالمتحدة الذي عرضته على الأطراف تمهيدا لجولة مقبلة من المشاورات. لا زال لدى الأطراف بعض المخاوف والتحفظات الا أنني ساتابع مباحثاتي معهم لوضع حلول تساهم في تقريب وجهات النظر. ان هذا المقترح يرتكز بشكل كبير على أبرز ما تم التباحث به في مشاورات الكويت ويمهد الطريق لحل سياسي شامل يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة ومع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية. وكذلك يشكل الخطوة الأولى على طريق السلام ويمهد لمرحلة انتقالية بحسب مقررات الحوار الوطني وقد لقي هذا المقترح دعما كاملا من المجتمع الدولي. بتشجيع من سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأميركية، وافق وفد أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام على خارطة الطريق كورقة عمل قابلة للبحث والتفاوض في شهر نوفمبر وكان هذا مؤشرا ايجابيا. الا أن امتناعهم عن تقديم أية طروحات عملية وعن وضع خطة مفصلة للترتيبات الأمنية تتطرق الى تفاصيل الانسحاب العسكري وتسليم الأسلحة الثقيلة لم يساعد على التقدم خاصة وأن الشق الأمني جوهري في المقترح وأساسي للسلام. وقد تحدثنا مفصلا في هذه المواضيع خلال زيارتي الأخيرة الى صنعاء. ولا شك أن قرار أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام بانشاء حكومة موازية تابعة للمجلس السياسي الأعلى يضع عراقيل اضافية لمسار السلام ويؤثر سلبا على عامل الثقة بين الأطراف ولقد كررنا أكثر من مرة خطورة القرارات الأحادية في هذه الأوقات العصيبة وتأثيرها على اعادة تفعيل مؤسسات الدولة. أما الجانب الحكومي، فمنذ افادتي الأخيرة الى مجلس الأمن، لقد قمت بزيارتين الى عدن في ظروف أمنية صعبة وحساسة وكانت آخرها في 16 من الشهر الجاري حيث التقيت برئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر ووزير الخارجية عبد الملك المخلافي. لقد حثيت الرئيس هادي على الالتزام العلني بالمشاورات على اساس مقترحاتي التي قدمت في الكويت و ما بعد الكويت. ان انتقاد الرئيس هادي المتواصل للمقترحات من دون القبول بمناقشتها لتعديل بنودها يقوض الثقة بمسار السلام و يطيل أمد الصراع. لقد أكدت للرئيس أن ما تقدمه الأممالمتحدة هو مقترحات قابلة للتباحث حتى نتوصل الى حل شامل يقبل به الأطراف وما من حل آخر يؤمن السلام لليمن ويجمع اليمنيين على طاولة واحدة للتطرق الى التحديات الداخلية وأبرزها قضية مظالم الجنوب. سيدي الرئيس، يشهد اليمن حاليا تراجعا مستمرا على الصعيدين الاقتصادي والانساني. فبحسب المنظمات الانسانية، 18.8 مليون مواطن ومواطنة بحاجة لمساعدات انسانية و2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وهذا المؤشر هو الأسوأ على صعيد العالم. الأسباب كثيرة ولا تقتصر على ارتفاع نسبة الفقر فقط بل تشمل ايضا تراجع الخدمات الصحية والاستشفائية وعدم توفر المياه وغيرها من العوامل وسوف يطلعكم منسق الشؤون الانسانية الزميل ستيفن أوبراين‘Stephen O'brien' بشكل موسع على تأثير الحرب على الوضع الانساني.