حظيتْ زيارة أعضاء هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى مدينة المكلا ؛ من أجل إشهار القيادة المحلية للمجلس بحضرموت بقبول ومباركة من قِبل أبناء حضرموت من مثقفين وسياسيّين وكتّاب ومهتمِّين , زيَّنوا بها حوائط صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي , معبِّرين عن تفاؤلهم وتفاعلهم مع هذه الخطوة المهمّة في درب التحرير والاستقلال وإقامة الدولة المدنية الفيدرالية التي من شأنها تحقيق العدالة وإرساء دعائم التنمية والبناء . فلم يكد يضع وفد الانتقالي الجنوبي قدمه الأولى على تراب جضرموت , حتى اهتزّت له منابت البهجة وربتْ ؛ ومالت أغصان البشرى وتفجَّرت ينابيع الوفاء بمائها الواحد وآنيتها المتنوّعة انطباعاتٍ وتداخلاتٍ وتنبؤاتٍ بغدٍ مشرق وقادمٍ تتغيّاه الأماني . ويحاول هذا التقرير رصد بعض هذه الانطباعات والتي تمثِّل في مجملها غالبية الرأي العام للشارع الحضرمي حول المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تمّ إشهاره بعدن في الحادي عشر من مايو 2017 . * انتقالة جديدة للأداء السياسي والشعبي في مرحلة ما بعد تحرير الجنوب : يقول المفكّر والأديب الدكتور سعيد الجريري في هذا السياق واصفا المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه : " انتقالة جديدة للأداء السياسي والشعبي في مرحلة ما بعد تحرير الجنوب من قوات احتلال 1994. وفي تصوري أن المجلس هو الصيغة التي طال انتظارها كي يكون للجنوب من يمثله على أي طاولة تفاوض , أو حل سياسي للمسألة اليمنية بعد أن استمرأت سلطات الاحتلال وأتباعها تزييف إرادة الجنوب , وتشتيت جهوده واستلاب قراره السياسي. وعن تدشين المجلس للقيادة المحلية في حضرموت , وما شهدته المكلا من تفاعل شعبي معه يضيف الجريري : "ولعلَّ تدشين المجلس القيادة المحلية في حضرموت , وما شهدته المكلا من تفاعل شعبي , دلالة على أنّ المجلس يخطو باتجاه الهدف بثقة ، لاسيما ومساره منسجم مع مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع وتأييده لها , ولإرادة الحضارمة كما أكد الزبيدي رئيس المجلس في كلمته هذا اليوم في المكلا." * إجابات مقنعة لتساؤلات الشعب الحضرمي حول شكل الدولة الجنوبية القادمة : وتماهيا مع هذا الاتجاه يصف الأستاذ والباحث هشام الرباكي خطاب رئيس المجلس الانتقالي بالمكلا بأنّه يقدِّم " إجابات مقنعة لتساؤلات الشعب الحضرمي حول شكل الدولة الجنوبية القادمة والخطوط العريضة لإدارتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا . " *لا مناص من اللحاق بالركب ولمِّ الشمل لأجل الجنوب : أمّا الأستاذ جمال الحامد فيصف الحالة الثورية التي تلبّست الشارع الحضرمي بكلّ مديرياته بقوله : " من كلِّ مديريَّات حضرموت , هبَّ أحرار الجنوب ؛ كي يقولوا نعم للمجلس الانتقالي الجنوبي , لعلَّ بعض الأصوات النشاز تكفُّ عن الصراخ والتخوين وتعرف أنه لا مناص من اللحاق بالركب ولمِّ الشمل لأجل الجنوب .." * خطوة استثنائية في وقت استثنائي : ويعتبر الأديب الشابّ جعفر الكاف أنّ " المجلس الانتقالي الجنوبي جاء كخطوة استثنائية في وقت استثنائي ، لاستكمال إنجازات ونضالات كبيرة قدمها شعب الجنوب في سبيل نيل حريته. ويستطرد الكاف مشيراً إلى حتميّة الالتفاف حول راية الانتقالي لأنّ الانتقالي الجنوبي على حدّ قوله " وميض نور لنا ؛ للخروج من هذه المآزق التي نعيشها ، والانتقال من الحياة المأساوية إلى الحياة الكريمة ، وطالما أن المجلس حاليا ألغى فكرة التطاحنات المستمرة، والأحزاب الكثيرة , ورصَّ الجميع خلف قضية واحدة ، فعلينا أن نؤمن به ، وعلى الجميع أن يروا حجم الإنجازات التي قدَّمها في وقت قصير جدا، وهذا بحدِّ ذاته هو النقلة الكبرى التي أحدثها. " * شمسٌ أودُّ ألّا تغيب : وكانت الشعرية الانتقالية على موعد مع فتنة اللغة وسحر الكلمة على فم الشاعر والأديب فيصل العجيلي الذي يصوغ من هذا الزخم وهذا الحضور أيقونة شعرية لتلك اللحظة الوجدانية المحضة قائلا : " صحوتُ كما صحتْ كلُّ المكلا اليوم على شمسِ الانتقالي الجنوبي , وأودُّ ألا تغيب " * ضامن سياسي للمشهد الآني والمستقبلي : وتؤكّد الناشطة السياسة والكاتبة هدى العطاس على ما سمّته الفرق الجنوبي الذي سيحدثه الانتقالي وتستفيض قائلة : " إنَّ المجلس الانتقالي كيان شعبي سياسي جاء في وقت ولحظة فارقة ، ويمكن الرهان عليه كضامن سياسي للمشهد الآني والمستقبلي , ويمكن أن يُحدث الفرق الجنوبي الذي لطالما كان الجنوب السياسي في انتظاره في حال استطاع توسيع عنق الزجاجة التي لربما تخنق تحركاته ، وإذا استطاع تسريع عجلة ترسه فلا ننسى أنه يعمل في ظروف صعبة ومشهد شديد التناقض .. " * سفينة النجاة لكلِّ الجنوبيين : ويصف الأستاذ سعيد بامشموس المجلس الانتقالي الجنوبي بأنّه " سفينة النجاة لكلِّ الجنوبيين , وهو سلاحنا ضد مشروع الحوثي وعفاش , وعودة الحكم الامامي , " بحسب وصفه ويضيف بامشموس : " الانتقالي الجنوبي لبّى مطالب حضرموت وأفصح عن دور حضرموت الكبير في دولة الجنوب .. " * من القول إلى الفعل ومن الإطار المحلي إلى الإطار الدولي : وفي هذا الصدد يقول الدكتور رزق الجابري : " إنّ المجلس الانتقالي الجنوبي هو في الواقع امتداد للحركة الوطنية الجنوبية بعد فشل وحدة 22مايو عام 1994م . لقد نقل القضية الجنوبية من القول إلى الفعل ومن الإطار المحلي إلى الإطار الدولي ." مضيفاً : " تمدده الجغرافي على كل أرض الجنوب وحّد الإيقاع الجنوبي وهذه الحلقة المفقودة في الثورة الجنوبية . هذا يمنحه مشروعية تمثيل الجنوب في أي تسوية سياسية قادمة وهذا سيحدث قريبا ." * انبثق من صوت الشعب ونضاله : ويشير الروائي والكاتب الشاب عمّار باطويل إلى أنَّ " المجلس الانتقالي الجنوبي هو صوت الشعب فلم يأتِ من معطف الرئيس , أو من رأس الأحزاب القبلية بل جاء من الشارع الجنوبي , الكل كان يقاتل من أجل القضية الشعب في الشوارع , والبقية كانوا في الجبال يقاتل ضد القوى الظالمة والبقية بأقلامهم فكل هذا النضال تشكل اليوم على أرض الواقع لدعم القضية الجنوبية والإنسان الجنوبي من المهرة إلى باب المندب، ولا كيان بوسعه أن يقزم المجلس الانتقالي لأنه انبثق من صوت الشعب ونضاله. بهذه الرؤية المتفائلة والمستبشرة , وبهذا التدفق الشعوريّ الجيّاش الذي ينمّ عن قراءة وطنيّة واعية للمشهد استقبلت حضرموت شمس الانتقالي الجنوبي المبشّرة بغدٍ تقصر عنه الأمنيات .