في ظل الحالة التي وصلت إليها مختلف المؤسسات داخل الدولة وبعد استقالة الحكومة والرئيس عبد ربه منصور هادي لا يوجد في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية غير شرعية التوافق بين مختلف المكونات من أجل الخروج برؤية لكيفية إدارة الفترة المقبلة، من يتحدثون عن شرعية مجلس النواب لا يقرأون الواقع جيدا ولم يستوعبوا أن هناك مبادرة خليجية وقعت عليها كل المكونات السياسية وأصبحت شرعية مجلس النواب مرهونة بالتوافق بين القوي الممثلة فيه. عمليا لا يمكن اللجوء الي مجلس النواب لعدة أسباب فمجلس النواب من الناحية القانونية والدستورية انتهت مدته في 2011 بعد التمديد له لمدة عامين في 2009 كما أن هيئة رئاسة المجلس انتهت مدتها هي الاخرى كون اللائحة الداخلية له تنص علي أن يتم انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب كل سنتين وهو مالم يحدث منذ ما يقارب 6 سنوات، كما أن شرعية القرارات الصادرة عنه مرهونة بالتوافق بين مختلف المكونات السياسية – حسب المبادرة الخليجية- وهذا غير حاصل حاليا، فكتلة اللقاء المشترك لا يمكن أن تقبل علي الاطلاق أن يكون يحي الراعي رئيسا للجمهورية، بالإضافة الي أن الكتلة البرلمانية للجنوبيين بمختلف انتماءاتها مقاطعة لمجلس النواب، وفوق هذا كله فان حركة الحوثيين غير موافقة علي ذلك فكون الراعي يصبح رئيسا للجمهورية فذلك يعني عودة لنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح التي كانت –أي الحركة الحوثية- جزء من الثورة التي أسقطته في عام 2011، فمهما قيل ويقال عن تحالف الرئيس السابق مع حركة الحوثين إلا انها لن تقبل باللجوء الي مجلس النواب كون ذلك يضعها في مواجهة مباشرة مع أنصارها فهي لن تغفر لعلي عبد الله صالح سته حروب مضت وخلفت ألاف القتلى والجرحى، فاللجوء الي مجلس النواب سيكون في حالة واحدة وهي رفض استقالة هادي فقط.
أما الذين يطالبون بتشكيل مجلس عسكري لإدارة البلاد خلال الفترة المقبلة فهذا الحل عمليا يصعب تطبيقه كون المؤسسة العسكرية والامنية مازالت منقسمة حتي الان وتعاني من تعدد الولاءات بداخلها ومن الصعب الاجماع حول هذا الامر . في المحصلة لم يبقي إلا شرعية التوافق بين مختلف المكونات علي الساحة اليمنية، أما كيفية التوافق ؟ فأعتقد من وجهة نظري أن هناك عدة خيارات لعل أهمها رفض استقالة عبد ربه منصور هادي ولكن هذه المرة ضمن شروط محددة وواضحة لكلا الاطراف، فالرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي لن يقبل بعودته دون أن يفرض شروطه لعل أبرزها اعتبار كل القرارات الصادرة عنه قرارات نهائية لا يحق لا أحد الاعتراض عليها، لكن في المقابل هل ستقبل مختلف الاطراف بهذا الشرط ؟ الواقع يقول أن حركة الحوثيين أول من سيرفض ذلك ، حتي الاحزاب سترفض ذلك كونها لدغت من طرف الرئيس في فترة سابقة، فحزب المؤتمر –جناح صالح- لن يغفر للرئيس عبد ربه منصور هادي إقالته لعائلة صالح وحزب الإصلاح هناك شعور لدى الكثير من كوادره أنه كان المستهدف الأول ابتداء بخذلان الرئيس للواء 310 وقائده الشهيد حميد القشيبي رحمه الله وزيارته لعمران يوم دفنه والقول أن عمران عادت الي حضيرة الدولة والجمهورية وانتهاء بدخول الحوثيين الي صنعاء، والاشتراكيين والناصرين لازالوا يتذكرون كيف ان الرئيس عبد ربه منصور هادي كان يتخذ الكثير من القرارات والتعينات دون الرجوع إليهم.
الحل الثاني وهو أن يتم التوافق من أجل تشكيل مجلس رئاسي يمثل مختلف المكونات وبالتقاسم بين الشمال والجنوب فهذا الحل يتطلب وجود شخصية وطنية –جنوبية- تحضي بإجماع وطني من الشمال والجنوب كما أن بقية الشخصيات المشكلة للمجلس لابد أن تحضى بشبه إجماع والشخص المرشح من جهة معينة لابد أن يكون مقبولا لدي الطرف الاخر، في المقابل هل سيقبل الرئيس هادي بالخروج من المشهد بهذه السهولة؟؟ وهو الذي لديه تيار لابأس به داخل المؤتمر الشعبي العام كما له أيضا تيار داخل الحراك الجنوبي وقد عمل خلال فترة حكمه علي شراء الكثير من الولاءات.
الحل الثالث هو خليط مما ذكر أعلي وذلك برفض استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي علي أن يكون علي رأس مجلس رئاسي وأن توضع مهام واضحة وفترة زمنية محددة يتم فيها استكمال ما تبقي من المبادرة الخليجية والاستفتاء علي الدستور والتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية هذا الحل هو الاقرب الي الواقع وهو الافضل للبلاد – من وجهة نظري- ويتطلب فقط موافقة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي.
فهل سيقبل؟؟ سنري...ويبقي كل شيء ممكن في اليمن!!!! ملاحظة دعوة زعيم الحوثين للاجتماع الجمعة لن تضيف شيئا ولن ينتج عنها أي شيء وهذا ما سأكتب عنه لاحقا