قال الشيخ الدكتور أحمد زبين عطية, عضو فريق بناء الدولة بمؤتمر الحوار الوطني عن قائمة التجمع اليمني للإصلاح, أن القضية الجنوبية حية ومثارة في كل جلسات الحوار الوطني وأروقته, معتبرًا من يتعامي عن المظالم التي لحقت بالجنوبيين يعيش في سراديب الوهم وأنفاق الغفلة.. وأوضح أن رؤية الإصلاح لحل مشاكل اليمن تبدأ من نزع ثوب الاستبداد ودعم النظام البرلماني الذي ينتزع السلطة من أيدي الأفراد, مؤكدًا على ضرورة مشاركة الجميع في تحديد شكل الدولة القادمة.
وفي الوقت الذي طالب فيه الأطراف السياسية بالشفافية في الطرح ؛ حذر عطية خلال حديثه من فتح ملفات الماضي, التي قال إنها "تنكي الجروح وتخرج الأموات من قبورهم" مشيرًا أن فتح باب الصراعات التدميرية القديمة في هذا الوقت كفيلة بنسف الحوار من جذوره.. تفاصيل أخرى في الحوار التالي:
بداية دكتور .. كيف قرأت الرؤى التي تقدمت بها الأحزاب السياسية بشأن جذور القضية الجنوبية ؟
بسم الله, بالنسبة للرؤى المقدمة اختلفت بحسب المواقف السياسية لكل طرف, وحاول كل حزب أن يبعد أو يقرب في الجذور, وأنا اعتقد أن المصلحة للجميع الشفافية في مثل هذه القضايا, ولا ننسى أن لنا نحن الجنوبيون دور في تعقيد بعض الجذور.
كيف ذلك..؟
الخلافات التي نجني ثمارها إلى اليوم في الجنوب, هي جزء من تعقيدات الجذور, ما تمر عشر سنوات إلا ونحن نعمل مجزرة فيما بيننا ثم نعود للخلف مرة أخرى, إضافة إلى اختلافنا الآن حول هذه القضية الهامة تجعل الطرف الآخر يقول سدوا يا الجنوبيين أول ثم طالبوا بحقكم وللأسف والألم.
هناك من يقول أن الإصلاح وأنت أحد أعضائه لم يتطرق في رؤيته لحرب 1994م التي شارك فيها إلى جانب النظام, والاشتراكي قفز على أحداث 19986م, برأيك لماذا تتهرب الأحزاب و لا تعترف بأخطائها؟
الإصلاح لم يتخذ القرار في حرب 1994م, وكان القرار حينها بيد شركاء الوحدة, ودخل فيها كأي جزء من الشعب اليمني واعتقد أن فتح باب الصراعات التدميرية القديمة التي حصلت هنا أو هناك كفيل بنسف الحوار من جذوره..
أليس الاعتراف بالخطأ فضيلة؟
إذا أردنا أن نفتش ملفات الماضي سنغرق وسننكي الجروح ونخرج الأموات من قبورهم وهذا سيثير الأحزان والأوجاع ومن عفا وأصلح فأجره على الله..
فضيلة الشيخ ..ماذا عن الحوار الوطني خصوصًا فريقكم بناء الدولة ما الجديد في هذا الجانب ؟
الجديد إننا دخلنا في العمل الجاد هذا الأسبوع, عندما قدمت المكونات رؤيتها حول هوية الدولة, وقد توافقت حوالي ستة مكونات كبرى على أن الدولة القادمة يمنية عربية إسلامية مرجعية جميع قوانينها الشريعة, وهذا ليس غريبًا على حكماء اليمن, وهناك مكونات إلى الآن لم تقدم رؤيتها حول الهوية لا ندري ماذا يريدون وهم الإخوة في الحراك والحوثيون..
رؤيتكم في الإصلاح حول هوية الدولة تتحدث عن نماذج في الخلافة الإسلامية عندما كان الناس أقرب ما يكونون على قلب رجل واحد ما عدا القيل غير المسلمين.. بعكس ما هو حاصل اليوم من تنوع كيف تنظرون لهذا التنوع هل يعني أنكم ستتجاهلونه؟
نحن في الإصلاح نريد الربط بين الأصالة والمعاصرة الربط بين تاريخ إسلامي مشرق لنستضيء به في زمن قاتم مظلم, ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها, كما يقول الإمام مالك رحمه الله, ونحن مع دولة مدنية مرجعتيها الإسلام يتساوى فيها الكل والقانون مهيمن على الجميع..
ولكن البعض ينظر إلى الدولة الإسلامية على أنها تطبيق للحدود.. وفي المقابل من يقول أنكم تريدون تمييع الإسلام بهذا الربط الذي ذكرت؟
هذا فهم سقيم للإسلام ؛ الإسلام لديه حقيقتان لا تتغير, أولها أن هناك مسائل قطعية غير قابلة للنقاش وهي المتعلقة بالعقيدة. وهناك مسائل فُتح فيها باب الاجتهاد على مصراعيه وتحت مفهوم الاجتهاد تدخل أي قضية مستحدثة جديدة طارئة, لم يرد فيها نص قطعي الثبوت أو قطعي الدلالة, فمثلا قانون المرور والجوازات وغيرها من هذه القوانين تدخل تحت باب الاجتهاد لتحقيق مصلحة مرجوة للأمة فيها , ولهذا مصادر التشريع في الإسلام عشرة : القرآن والسنة والإجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة وأقوال الصحابة والعرف وشرع من قبلنا .. هذه كلها دخلت تحتها أكثر المستجدات أيام الخلفاء الراشدين مثل صك النقود ودواوين القضاء والمراسلات والسفارات مع الدول الأخرى .. فباب الاجتهاد مفتوح لإنزال النصوص الشرعية على أي مستجد..
التنوع في الأفكار والآراء على الساحة كيف سيستوعبها الدستور القادم لاسيما وهناك من يرى أن الاستناد إلى الشريعة الإسلامية لا يتناسب مع الدولة المدنية الحديثة؟
أنا ذكرت لك أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها, والتنوع أمر طبيعي والإسلام اليوم يحل معضلات الاقتصاد وغيره المشاكل عند غير المسلمين, أفلا نكون نحن أولى به مع مراعاة الأخذ برأي أهل الخبرة والاختصاص في كل فن من هذه الفنون..
إذًا لندخل في موضوع شكل الدولة, باعتقادك ما هو الشكل المتوقع للدولة القادمة ؟
هذا سؤال سابق لأوانه لان الجميع لابد أن يشارك في الشكل القادم.. نحن لم نقدم رؤيتنا في الإصلاح حول شكل الدولة وسنقدمها الأسبوع القادم بإذن الله..
وما هي رؤيتكم أنتم في الإصلاح التي ترون أنها الأنسب لحل مشاكل اليمن؟
تبدأ رؤيتنا من نزع ثوب الاستبداد ؛ لأنه لا يوجد شر أهلك الحرث والنسل مثل الاستبداد, وتمركز السلطة بيد فرد أو أسرة, ونحن مع النظام البرلماني, الذي ينزع السلطة من أيدي الأفراد وسترون رؤيتنا وقت إعلانها. أنت شخصيًا.. ما هو الحل الأنسب من وجهة نظرك؟
إذا قلت لك رأيي الشخصي سيفهم البعض انه رأي الإصلاح لان المفاهيم أصبحت مقلوبة, ويخشى الإنسان أنه لو قرأ الفاتحة مثلا هناك من الناس يفهمها عكس, ولهذا الأيام ستكشف لك كل الرؤى.
البعض يقول أن المواطن البسيط لا يبحث عن شكل الدولة ولا عن هيكلة الجيش, يبحث عن ما يملئ بطنه ويؤمن روعة, فهل ينتظر لمخرجات الحوار لتأتي له بالحلول السحرية؟
المواطن يدرك ما حوله بجلاء وينظر إلى أهمية الحوار ومخرجاته, ولكنه يبقى همه الأول والأخير الديزل والبترول والقوت وتحسين المعيشة ولذلك على الحكومة أن تهتم بهذه الأمور قبل غيرها..
ونحن نتحدث عن شكل الدولة والدستور القادم وغير ذلك, هل نفهم من ذلك أنكم تتجاهلون مطالب أبناء الجنوب الذين يطالبون باستعادة دولتهم؟
الجنوب في حدقات العيون وهل ينسى رجل عاقل موطنه ومسقط راسه, والقضية الجنوبية حية ومثارة في كل جلسات الحوار وأروقته, ومن يتعامي عن المظالم التي وقعت على الجنوب فهو يعيش في سراديب الوهم وأنفاق الغفلة..
حديثكم عن مظالم الجنوب مجرد عواطف كما يقول البعض, وهناك من يتهمكم بأنكم في الإصلاح تنظرون للوحدة اليمنية الحالية على أنها شيء مقدس؟
هذا ليس كلامًا عاطفيًا, نحن من أبناء الجنوب, أما التقديس فنحن لا نقدس شي غير الشريعة وما أجمع عليه اليمنيون في الحوار, ولن نكون حجر عثرة أمام أي تسوية.
جاء في رؤية فصيل الحراك المشارك في الحوار , أن وسائل الإعلام في صنعاء روجت وبكثافة لمسمى يمنية الجنوب واعتبرت ذلك تزييفًا للتاريخ.. ما رأيك؟
من قراء التاريخ بتجرد سيفرق بين التزييف والحقيقة , ونحن في الجنوب يجب أن نطالب بحقنا ولا ننكر حقائق التاريخ الدالة على أن اليمن اسم واسع لشماله وجنوبه..
قلت في حوار على قناة سهيل أن كارثة الأسلحة الثقيلة تهدد مستقبل اليمن عندما تكون بيد المواطن؟ وقلت أن هذه من الأمور التي تعيقكم.. ماذا انتم فاعلون في فريق بناء الدولة تجاه هذه المعضلة؟
طبعا لا يمكن بناء دولة قانون وعدالة والسلاح الثقيل بيد عصابات وجماعات خارجة عن الشرعية والسلطة, وهذا لا يوجد إلا في اليمن أن تجد المواطن أو القبيلة أو الجماعة يمتلك دبابة, وعلى رئيس الجمهورية أن يسعى إلى نزع هذه الأسلحة من أي طرف كان..
كيف تستطيع الدولة نزع السلاح من المواطن وهي منزوعة الهيبة؟
الدولة موجودة , ومعسكرات وسفارات وإدارات ووزراء وغير ذلك, المطلوب هو بناء وفرض هيبة وإرادة الدولة وإعادة مكانتها الصحيحة, وهذا لن يتم حتى يتساوى الكبير والصغير والمسؤول والمواطن أمام القانون.
أخيرًا.. برأيك لماذا الانسحابات من الحوار الوطني, هل هي مؤشر فشل مبكر؟
لا ليس فشلا, أمر صحي أن ينسحب بعض الأشخاص للوصول إلى بعض المطالب الحقوقية وليس نُكرانًا لمفهوم الحوار الحضاري.. أرجو الله أن يخرج هذا البلد إلى بر الأمان لأننا تعبنا من المختبرات السياسية, كلما جاء نظام عمل لنا تحليلات جديدة وتجارب فاشلة, والأمل في الله أن المستقبل أفضل من الماضي.