كشفت أحداث مصر عن كثير من الحقائق الرائعة والمؤسفة، وأكثرها مؤسفة ومضحكة وشر البلية ما يضحك، فهي كشفت عن أصالة بعض المفكرين والسياسيين الذين كان بعضهم يخوض خلافاً مع الإخوان ومع مرسي؛ لكنه وقف اليوم بقوة ضد الانقلاب باعتبار أن الحرية والديمقراطية لا دخل لهما بالخلافات والتوجهات المتباينة، وهؤلاء أعطوا أملاً في هذا الجو الملبد بالميوعة وغياب المواقف النبيلة، كما كشف عن مدى السقوط عند كثيرين من المثقفين في تعصُبهم مع الاستبداد؛ مع أنهم «أدوشونا» بالتنظير للحرية ومحاربة حكم العسكر..!!. أكثر من ذلك كشفت لنا أحداث مصر عن مدى السقوط الأخلاقي والثقافي عند البعض الذي يعتمد على الكذب والفجور بصورة فجة موحشة ومضحكة في آن.
في مقابلة مع قناة «الجزيرة» سأل المذيع لواءً في الأمن المصري: شاهدنا أشخاصاً مسلحين يضربون النار على المتظاهرين في حادثة المنصة من جانب قوات الأمن وفي حمايتهم؛ ما تفسيرك لهذا؟!. أجاب اللواء: هؤلاء قد يكونون أصحاب مرسي..!!.
المذيع مذهولاً ومعيداً السؤال، لعل الرجل لم يفهم قائلاً: يعني إيش.. أصحاب مرسي يقتلون أصحاب مرسي من جانب الأمن وفي حمايتهم؟!. أجاب اللواء بثقة وبرود: أيوه..!!.
ماذا تبقى بعد هذا؟!.. صورة أخرى مُبكية، مضحكة إلى حد الموت على وطني وناسه، هذا مثقف كبير يخرج لتوعية المجتمع في إحدى القنوات إياها فيقول إن الإخوان المسلمين هم مسؤولون عن سقوط الأندلس، وهم من أسهموا إسهاماً مباشراً في إسقاطه، والله العظيم طبعاً هو الذي حلف مش أنا .
ولم يعرف هذا المأفون أن الإخوان لم يمر على وجودهم كجماعة سوى ثمانين عاماً؛ بينما الأندلس سقطت منذ مئات السنين والله العظيم وعلى هذا قس مدى السقوط الشامل.
إحدى الكاتبات المثقفات أيضاً كتبت أن قائد الانقلاب السيسي مش يأمر للنزول إلى الشارع أمر؛ بس عليه أن يغمز بعينيه غمزاً؛ ولو أراد يكمل أربع زوجات هي جاهزة، ولو أراد ملك اليمين أيضاً هي جاهزة على طول، فالسيسي هذا معشوق..!!.
كثير من السقوط والقصور الذي يوضح أن المجتمع مازال مسؤولاً عن انتهاك حريته وعن جلب الاستبداد والعبودية، وأن الثورة يجب أن تستمر في نفوس الناس وعقولهم أولاً؛ لأن السقوط يبدأ من العقل والنفس والأخلاق، وأن الثورة ضرورة سياسية ووجودية أيضاً.