عندما ضرب الرئيس هادي الطاولة بقوة في المؤتمر الصحفي أثناء زيارة بان كي مون لصنعاء، كان بكامل الثقة أنه يرأس جمهورية محمية بقرارين دولين، ولا توجد جمهورية في الربيع العربي الجديد وربما العربي والإسلامي والأسيوي والأفريقي وحتى الأوروبي والأمريكي اللاتيني ، دولة لديها هذا الامتياز. لم يعد الرئيس هادي ولا حزبه المؤتمر ولا التجمع اليمني للإصلاح واللقاء المشترك وأي مكون وتيار يمني، معني منفردا بالحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، فلقد صار المجتمع الدولي وكأنه في حالة انعقاد دائم وسفراءه يعملون ليل نهار ، لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة والتصدي ومحاورة المتخلفين والمعرقلين. من يعرقل التغيير في اليمن يضع نفسه في مواجهة المجتمع الدولي ، من يرفض الانخراط في التسوية السياسية هذا شأنه، لكن عليه أن يعتزل النشاط السياسي إلى أي مجال آخر كالرياضة أو الفن أو البحوث أو حتى كتابة المذكرات الخاصة، لأن الوقوف في طريق تيار التغيير معناه انتحار بكل المقاييس وأبجديات المنطق. وفي هذا السياق يواصل المجتمع الدولي والإقليمي جهودا حثيثة لإقناع بعض قيادات الحراك الجنوبي بضرورة التسليم بأن التغيير يجب أن يمضي وأن التسوية السياسية لابد أن تتم حتى النهاية التي حددتها المبادرة الخليجية. المجتمع الدولي وكأنه يرسل رسالة اللحظة الأخيرة قائلا لكل الذين يعيقون حركة الربيع اليمني :عليكم أن تكونوا جزءا من الحل ولا تكونون جزءا من المشكلة فتكون عقوبات المجتمع الدولي لكم بالمرصاد.
وفي هذا السياق اجتمع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الامن ووزير بريطانيا للشئون الخارجية بقيادات الحراك الجنوبي ظهر أمس الثلاثاء. وقالت المصادر ان من بين الحاضرين القيادي محمد علي احمد ولطفي شطارة وتمام باشراحيل والشيخ حكيم الحسني والشيخ صالح بن فريد العولقي ورضية شمشير والسيدة ام صخر (عيشة ) والعميد ناصر علي النوبة وباشراحيل هشام باشراحيل وحسن باهارون وعلي هيثم الغريب وناصر الفضلي.
وذكر رئيس الوزراء محمد باسندوة أن لقاء مرتقبا الذي سيجمع بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وقيادات المعارضة الجنوبية في الخارج.
كما تحدث مصدر حكومي رفيع ل(خليج عدن) –فضل عدم ذكر اسمه- أن الاجتماع الخليجي القريب بقيادات جنوبية سيستخدم كل الجهود لإيصال الرسالة الإقليمية والدولية لمن تخلف من قيادات الحراك أن التغيير يجب أن يحدث وأن الخليج لن يسمح بفشل التسوية السياسية التي أخرجها ويرعاها بكل إهتمام, وسيحذر القادة الجنوبيين أن أي ارتباطات إقليمية من شأنها الإضرار بالداخل اليمني غير مقبولة ويجب أن تتوقف الآن ومثله الدعم المالي من بعض المغتربين في الخليج والذي يسخر لأنشطة تثير الفوضى في الجنوب عبر بعض فصائل العنف سوف يتم محاصرته عبر رقابة صارمة في الخليج.
دول الخليج منزعجة جداً من دور قيادات في الحراك الجنوبي في تزعم مشاريع تخدم إيران كما سيبحث الاجتماع في الخليج النقاط المتعلقة بالقضية الجنوبية وكذا مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي من تزايد النشاط الإيراني في اليمن والمحافظات الجنوبية بالذات والتقارب بين قيادات في الحراك وإيران، حيث أوضحت المصادر أن وزراء خارجية الخليج سيبلغون القيادات الجنوبية خلال اللقاء عن انزعاج ومخاوف دول المجلس بما يتم في المحافظات الجنوبية من توغل إيراني باسم الحراك وتحت مسميات ويافطات أخرى. وذكرت المصادر أن من أبرز النقاط التي سيبحثها وزراء خارجية الخليج مع القيادات الجنوبية، التوغل الإيراني في اليمن بشكل عام والمحافظات الجنوبية بشكل خاص بمساهمة وتعاون قيادات وأشخاص محسوبة على الحراك الجنوبي، مشيرة إلى أن دول الخليج منزعجة جداً من دور قيادات في الحراك الجنوبي تسهل بل وتتزعم مشاريع تخدم إيران بدرجة رئيسية، وتساعد على التوغل الإيراني في اليمن بما يمس أمن وسلامة اليمن ودول الخليج بصورة مباشرة. وكشفت المصادر للصحيفة أنه من المتوقع أن يطرح وزراء خارجية الخليج على القيادات الجنوبية ورقة العمالة المتواجدة في دول الخليج من أبناء المحافظات الجنوبية، حيث سيلوح الوزراء الخليجيون باتخاذ قرار مماثل للقرار الذي اتخذته دول مجلس التعاون الخليجي بحق العمالة اليمنية عام 90 . أكثر من 1000 شخص تم إرسالهم عبر الحراك الجنوبي للتدريب في طهران ولبنان المصادر ذاتها أكدت أن بحث وزراء الخليج هذه النقطة مع قادة بالحراك الجنوبي اليمني يأتي بعد تزايد النشاط الإيراني في اليمن عبر بوابة الحراك الجنوبي، وبعد أن تم رصد تدفق مبالغ مالية من إيران بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى قيادات في الحراك الجنوبي وبعد قيام إيران وحزب الله بتدريب أكثر من 1000 شخص ثم إرسالهم عبر الحراك الجنوبي والقيادات فيه. من جانبها دعت المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها الأمير/سعود الفيصل، كافة الأطراف السياسية في اليمن بمختلف فئاتهم وأطيافهم إلى الاستجابة لجهود الحكومة اليمنية والانخراط في المؤتمر الوطني للحوار الشامل. وأكد الفيصل في مؤتمر صحفي عقده أمس بمقر وزارة الخارجية بالرياض أن اليمن يحتاج اليوم للحوار الوطني الشامل لاستكمال تنفيذ نصوص اتفاقية المبادرة الخليجية. وقال:" نحن، نتابع باهتمام الجهود القائمة لعقد المؤتمر الوطني للحوار الشامل، وندعو الأشقاء في اليمن بكافة فئاتهم وأطيافهم إلى الاستجابة لجهود الحكومة اليمنية والانخراط في هذا الحوار المهم الذي يحتاجه اليمن وكل اليمنيين اليوم، أكثر من أي وقت مضى استكمالاً لتنفيذ نصوص اتفاقية المبادرة الخليجية، وللحفاظ على وحدتهم الوطنية والإقليمية، وتحقيق أمنهم واستقرارهم وازدهارهم".