استهداف الجيش والأمن؛ استهداف للعمود الفقري للبلاد, وجيشنا رغم كل محاولات التقزيم مازال كبيراً وعظيماً؛ لأنه ينتمي إلى هذا الشعب, والجنود والضباط عموماً لم ينغمسوا بالفساد عدا قلة قليلة جداً تماهت مع العائلة والحكم السابق الذي اتخذ من إفساد كل شيء سياسة رسمية. الآن علينا أن نرفع الصوت عالياً تضامناً مع جيشنا وأمننا الذي يُغتال كل يوم ومعه يُغتال أمن واستقرار البلاد.. الهجمات الإرهابية زادت وبشكل مُقلق؛ قتل أكثر من خمسين جندياً في «شبوة» نحن نجهل كيف قُتل هؤلاء؛ لكنني أجزم أن الإهمال وتوابعه له باع في أن يُقتل الجنود بهذا العدد وبهذه السهولة وكأنهم «خراف» ربما وهم نيام كما حدث في أبين عند بداية الثورة؛ وعرفنا كيف تم التمالؤ والتواطؤ من القيادات حينها، ولو لم يكن ذلك التواطؤ لما كانت تلك المجزرة؛ لم تجف دماء الجنود في «شبوة» حتى سمعنا عن الاستيلاء على مقر قيادة محور حضرموت، وتم فيه قتل ضباط وجنود، ومازال المشهد لم يتضح حتى الآن..!!.
خلال الأسبوع المنصرم؛ إضافة إلى الهجوم على مقر قيادة الجيش في حضرموت؛ تم قتل رجل أمن في حضرموت ورجل أمن في تعز، واقتحام مقر الإصلاح بتعز أيضاً بصورة شديدة الغموض، شديدة الدلالة على خلل؛ ما يعني حاجتنا إلى هيكلة حقيقية وغربلة لأجهزة الجيش والأمن، ورفع دائرة الاستعداد والتأهُب.
لا يمكن الفصل بين هذه الحوادث، فاليد واحدة، والمصلحة في إقلاق الأمن وهز الوضع وعرقلة التحوُل تكاد تكون واحدة، وإن تعددت الأصابع كل الدلائل تشير إليها؛ لكن لم نسمع عن تحقيق جاد لجريمة واحدة على كثرتها لتجرنا إلى رؤوس الأفاعي.
أصبح «كلفوت» شخصية مشهورة؛ يعترف أنه يضرب الكهرباء كل يوم وزملاء له، وهم معروفون، لكننا لم نسمع عن القبض عليه وإصدار حكم مناسب على هذا الجُرم حتى ولو غيابياً لتطبيقه بقوة الدولة والكشف عمن يدعمه ويساعد في تخريب الكهرباء الذي أصبح ضربها بنداً داخلياً في أنشطة الحوار اليومية، كل الأحداث تمر وكأننا ندعو مع كل حدث: «اللهم اجعله رؤيان»..!!.
هناك مسؤولية على حكومة الوفاق في التصرُف بحزم أمام هذه الاختلالات الأمنية، ووضع الرؤوس تحت الرمال لن يفيد شيئاً، ولن يزيد الأمر إلا سوءاً، فالأمور بهذا الحجم لا تسير ب«العافية» كل الحوادث مرتبطة بالمسار السياسي ومتشابكة مع بعضها، وفصلها فيه غباء وانعدام مسؤولية، والتعامل مع هذه الحوادث الخطرة بتراخٍ يُعدُ تفريطاً حقيقياً بالواجب والمسؤولية أمام الله والشعب والتاريخ.
إن الجيش في اليمن قادر على ضبط كل هذه الاختلالات لو وُجدت الإدارة الجادة والمثابرة، والتساهل والمجاملة والمراعاة في الجانب الأمني لا يعني إلا إبقاء قنابل بصواعق مفتوحة أمام أطفال عابثين أو مجانين؛ هذا إذا أحسنا النية ولم نقل إن التساهل هنا كمن يسلم رقبته ورقبة البلاد إلى الجزار.