باتت أيام زين الدين زيدان مدرباً مساعداً لكارلو أنشيلوتي في ريال مدريد معدودة بعد إعلان الأسطورة الفرنسي عن نيته الخروج من ظل الإيطالي والإشراف شخصياً على فريق في وقت قريب. إيلي مندلق
عادة لا يتكلّم زيدان كثيراً وإطلالاته الإعلامية تكاد تكون نادرة خصوصاً إذا كان الأمر يتعلّق به، لكن منذ توليه مهمة المدرب المساعد للإيطالي كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد، أمست تصريحات "زيزو" مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام، وكان آخرها مقابلة أجرتها معه يومية "ليكيب" التي أفردت صفحاتها لحديث الأسطورة المعتزل عن مستقبله المهني. في المقابلة الطويلة التي نشرتها "ليكيب" منذ أيام، أفصح زيدان عما يجول في خاطره وأكّد رسمياً أنه جاهز لتولي مهمة تدريب أحد الأندية وفي وقت قريب قائلاً: "أريد أن أتولى هذه المهمة وأغوص فيها. أنا أحب المنافسة لأنها تجري في عروقي". وكشف الفرنسي الذي حصل مؤخراً على شهادة رسمية في التدريب من فرنسا: "كانت لدي الرغبة لاستعادة أحاسيس حياة كرة القدم، فبعد كل ما عشته كلاعب، كان لا بد أن أعود يوماً لأشعر بضغط المباريات وأن أحضر يومياً حصص التدريب، وها أنا أحقق ذلك الآن". وقال زيدان الذي قاد فرنسا للتويج بكأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000: "أنا اليوم الرجل الثاني في ريال مدريد بعد كارلو أنشيلوتي الذي أراه مدرباً جيداً. لقد تعلمت إلى جانبه، مثلما تعلمت من الرئيس ( فلورنتينو بيريز).هدفي الوحيد هو مواصلة العطاء وإفادة من هم حولي. أعلم أنني ولدت من أجل أن أعطي وأكون مفيداً لغيري، وأستطيع أن أقدم المزيد إذا أصبحت مدرباً. كان بإمكاني أن أعيش حياة هادئة، لكني أهوى المنافسة. أرغب في معرفة ما إن كنت قادراً على الذهاب بعيداً وتحقيق أهدافي. وواصل: "لدي رغبة بالتعلم والعمل والتقدم ومعرفة سقف طموحي. حققت كل أهدافي كلاعب. لقد فزت بألقاب كثيرة لأنني أعطيت من نفسي كثيراً لتحقيق أحلامي. أرغب أن أفعل الشيء نفسه في التحدي الجديد الذي سأخوضه كمدرب. لقد تعلمت كثيراً من الآخرين وتوفرت لي مختلف الوسائل وأريد الآن معرفة إلى أين بإمكاني أن أصل كمدرب." وعن الأسلوب الذي سينتهجه في التدريب شدد زيدان البالغ من العمر 41 عاماً على عنصر "التبادل" لافتاً إلى أنه يولي أهمية كبيرة للعلاقات مع الآخرين داخل وخارج الملعب في الحياة عامةً، وقال في هذا الصدد: "ما يهمني هو الاستفادة التي يحصل عليها الطرفان لدى تبادل الأفكار والخبرات من أجل التقدّم...عندما أختار الأشخاص الذين سيعملون معي فذلك يعني أن القرار لا يعود لي وحدي ولكن للمجموعة.. من الصعب نيل ثقتي لكن في حال نيلها يجب استغلالها جيداً." وختم قائلاً: "فريقي غير جاهز في الوقت الحالي ولكن هناك بعض الأشخاص من حولي ونحن نحاول بناء العمود الفقري، سأكون مدرباً طموحاً أما أسلوب اللعب فسيكون متوازناً مع الميل أكثر نحو الهجوم. أرى كرة القدم شيئاً سهلاً وأحبها كذلك"، في إشارة منه إلى الاعتماد على الفنيات والإبداع وتقديم كرة جميلة صبغت مسيره الفريد في الملاعب. هل ينجح؟ مما لا شك فيه أن زيدان اتخذ قراره ومضى قدماً في تحدٍ جديد لكن الأسئلة التي تدور حالياً في أروقة كرة القدم، أي نادٍ سيفتح أبوابه لمايسترو فرنسا السابق، بيد أن الأهم والمقلق بالنسبة لمحبي "زيزو" وهم كثر، هل اتخذ القرار الصحيح؟ هل ينجح في هذا الدور خصوصاً أن عدة لاعبين كبار مثل الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا سبقوه وفشلوا في إثبات نفسهم كمدربين مرموقين؟ في مونديال 2006 سربت وسائل الإعلام الفرنسية من داخل كواليس الديوك في ألمانيا تقارير أفادت بأن لاعبي المنتخب الفرنسي كانوا يلتزمون بخطة رسمها زيدان وليس بتعليمات المدرب ريمون دومينيك حتى بلغ الفريق النهائي، يضاف إلى ذلك تأثر اللاعبين به وبدوره القيادي البارز في الميدان والرؤية التي يملكها إذ طوال السنوات العشر التي دافع فيها عن ألوان فرنسا كان زيدان دائماً مركز الثقل والعقل المدبّر، يعلو مستوى الفريق ويهبط بحسب أدائه والأمر كان مماثلاً في الأندية التي لعب لها وهي بوردو ويوفنتوس وريال مدريد. مشوار زيدان في الملاعب يشبه إلى حد ما مشوار مواطنه ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة، فالأخير كان القائد في يوفنتوس وفي المنتخب وبه ارتبط أداء الفريق، وعقب اعتزاله اختار قيادة بلاده مدرباً بين 1988 و1992 فحقق 8 انتصارات في 8 مباريات في التصفيات ولم يُهزم المنتخب الفرنسي طوال 19 مباراة على التوالي، وفاز بجائزة أفضل مدرب في العام من قبل "وورد سوكير أوارد" إلا أنه خرج من يورو 1992 في السويد من الدور الأول بعد تعادله ليكرس وقته بعد ذلك "للعمل السياسي" في كرة القدم. ولعل ما شجع زيدان لخوض مغامرة التدريب زميلاه في المنتخب ديدييه ديشان ولوران بلان اللذين بقيا في الملاعب بعد اعتزالهما فدرب الأول موناكو ويوفنتوس ومرسيليا ثم فرنسا، أما الثاني فدرب بوردو والديوك قبل أن يتعاقد معه فريق العاصمة باريس سان جيرمان، فهل يحذو زيدان حذوهما؟ وهل يتقبّل لاعب بحجمه وهو الذي يعتبر اليوم من بين أفضل خمسة لاعبين في تاريخ المستديرة، الفشل في مهنته الجديدة؟ لا يختلف اثنان على أن اسماً مثل زيدان لن يعيش في ظل مدرب آخر ولن يتجه لقيادة نادٍ مغمور إنما أقله أحد أندية الدرجة الأولى في إسبانيا أو فرنسا لتهيئة نفسه لتسلم مهام أكبر خصوصاً أن أبواب المنتخب الفرنسي ستفتح له من دون أن يقرع عندما يصبح جاهزاً، لكن هل ستصح توقعات بعض أقلام الصحافة في فرنسا التي ربطت مؤخراً رغبته التدريبية بقدومه إلى مرسيليا مسقط رأسه لقيادة الفريق بعد تعثّره هذا الموسم والأصوات المطالبة برحيل المدرب الحالي جوزيه أنيغو؟