ستكون موقعة الجزائروألمانيا اليوم الإثنين في الدور الثاني لمونديال البرازيل 2014 لكرة القدم من نوادر المباريات التي يبحث فيها كل طرف عن ثأر تاريخي من الآخر. صحيح أن ألمانيا أحرزت لقب بطولة العالم ثلاث مرات (1954 و1974 و1990) وحلت أربع مرات وصيفة وفي المركز الثالث، إلا أن واحدة من اقوى المفاجآت التي تعرضت إليها في تاريخ مشاركاتها كانت سقوطها أمام الجزائر 1-2 في مونديال إسبانيا 1982، لذا تبحث عن الثأر من منتخب مغمور ألحق الضرر بسمعتها قبل 32 عاماً.
لكن الجزائر تريد أيضاً الثأر من تداعيات الواقعة عينها، فبعد هدفي رابح ماجر ولخضر بلومي في 16 حزيران/يونيو 1982 في مدينة خيخون في الجولة الأولى من الدور الأول عندما تغلبت على ألمانيا الغربية ونجومها كارل هاينتس رومينيغه وبول برايتنر وفليكس ماغاث، حاكت الأخيرة مؤامرة مع النمسا.
كانت النتيجة الوحيدة التي تقضي على آمال الجزائريين فوز ألمانيا الغربية بهدف واحد على النمسا، حصل هذا الأمر بالفعل، فبعد أن سجل هورست هروبيتش هدفاً بعد مرور 11 دقيقة، نفذ المنتخبان "المؤامرة" بتنفيذ لعب سلبي وسط صافرات الاستهجان من الجمهور.
واحتجت الجزائر، التي تغلبت على تشيلي 3-2 في النسخة عينها، في اليوم التالي إلى الاتحاد الدولي لكن من دون طائل، وباتت "مباراة العار" تعرف باسم "أنشلوس" وهي عملية عسكرية سلمية تم بموجبها ضم النمسا إلى ألمانيا الكبرى على يد حكومة ألمانيا النازية في عام 1938، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الجولة الثالثة الأخيرة من الدور الأول تقام في موعد واحد لتقليص احتمالات التلاعب في النتائج.
وعلق البوسني وحيد خليلودزيتش مدرب الجزائر على المباراة المنتظرة: "لم ننس. الجميع يتحدث عن الجزائروألمانيا منذ عام 1982"، لكن بعض الجزائريين كان يتمنى عدم مواجهة الألمان مجدداً حتى يبقى الانتصار المحقق في إسبانيا محفوظاً في التاريخ.
وأكد المدرب المساعد للمنتخب الجزائري نور الدين قريشي أن المواجهة ستكون مختلفة: "سيكون لقاء مختلفاً عن مواجهة 1982، فنحن لسنا في وضع مماثل لكننا سنخوض هذه المباراة بمعنويات ممتازة، ليس لدينا ما نخسره أمام منتخب ألماني قوي أعتبره واحداً من أحسن المنتخبات في العالم".
ورد قريشي الفضل في تحقيق هذا التأهل التاريخي إلى اللاعبين، وقال "عندما نقف على ماذا حدث أمام روسيا، أظن أننا نتقدم بخطى عملاقة. رأينا أن ردة فعل المنتخب كانت جيدة رغم نقص النضج والخبرة. لقد كانوا رجالاً حقيقيين على أرضية الملعب". وأوضح الرجل الثاني في الجهاز الفني أن الاستعداد للقاء "المانشافت" سيكون بطريقة "احترافية... الأمر يتعلق بلقاء تاريخي، وعلينا أن نجعل من اللاعبين أبطالاً في هذا اليوم".
لم يكن تأهل الجزائر إلى الدور الثاني في المونديال الحالي متوقعاً، برغم غياب المنتخبات الكبرى عن مجموعتها، لكنها وجهت إنذاراً شديد اللهجة منذ بداية مشوارها، فتقدمت على بلجيكا حتى الدقيقة 70 قبل أن تنحني 1-2، ثم أصبحت أول منتخب عربي وأفريقي يسجل 4 أهداف بفوزها الكبير على كوريا الجنوبية (4-2)، قبل أن تقصي الإيطالي فابيو كابيلو مرة جديدة من المونديال بتعادلها مع روسيا 1-1 فاحتلت وصافة المجموعة الثامنة بأربع نقاط وراء بلجيكا.
أما المشوار الألماني فكان أصلب بكثير، إذ استهل "ناسيونال مانشافت" النهائيات برباعية صارخة على برتغال كريستيانو رونالدو بينها ثلاثية لتوماس مولر، لكنه كاد يخسر الثانية أمام غانا لولا الهدف الخامس عشر في النهائيات لعجوزه ميروسلاف كلوزه الذي عادل رقم البرازيلي رونالدو.
وفي ختام الدور الأول حيث كان بحاجة للتعادل كي يتصدر، تغلب على الولاياتالمتحدة بهدف مولر التاسع في مشواره المونديالي. وقال الظهير بنديكت هوفيديس بعد المباراة الأخيرة أمام الولاياتالمتحدة: "لم نلعب ربما أفضل مباراة لنا إلا أننا تمكنا من بلوغ دور الستة عشر. وهذا هو الأهم".
وباتت الجزائر ثالث منتخب عربي يبلغ الدور الثاني بعد المغرب في 1986، وهي تأمل في الثأر لجارتها التي خرجت بهدف لوثار ماتيوس البعيد المدى في الدقائق القاتلة، فيما كانت السعودية آخر المتأهلين في أولى مشاركاتها عام 1994 في الولاياتالمتحدة عندما خرجت أمام السويد.
وتشارك الجزائر، ممثلة العرب الوحيدة، رابع مرة في الحدث الكبير، بعد 1982 و1986 عندما خرجت خالية الوفاض بتعادل مع إيرلندا الشمالية 1-1 وخسارتين، أما البرازيل القوية صفر-1 وإسبانيا صفر-3. وفي 2010، عندما مثلت العرب أيضاً، عرفت نكسة برغم تعادلها مع إنكلترا صفر-صفر، فسقطت أمام سلوفينيا صفر-1 بغلطة فادحة للحارس فوزي شاوشي وودعت النهائيات بخسارة أمام الولاياتالمتحدة صفر-1 من دون أن تسجل أي هدف، فيما نجح حتى الآن بتسجيل 6 أهداف وبالوصول إلى الشباك في المباريات الثلاث.
وتتزامن المباراة مع بداية شهر رمضان واضطرار الملتزمين من المنتخب الجزائري للخضوع إلى فريضة الصوم.
وذكرت صحيفة "الهداف" الجزائرية الرياضية على موقعها الإلكتروني أن خليلودزيتش كان متفهماً للاعبيه الذين أرادوا أن يصوموا، وكشفت أنه قال للاعبيه: "صوموا في الأيام العادية التي ستكتفون فيها بالتدريبات وأفطروا يوم نواجه ألمانيا".
ورفض خليلودزيتش الحديث مع الإعلاميين بشأن صيام لاعبيه في شهر رمضان: "نحن هنا للحديث عن كرة القدم وليس للحديث عن الإسلام وعن شهر رمضان أو الصيام".
وستقام المباراة على ملعب "بيرا ريو" في بورتو أليغري الذي استقبل 19 هدفاً في 4 مباريات بنحو 5 أهداف في المباراة الواحدة، فإذا تواصلت شهية الملعب على استقبال الأهداف ستكون الفرصة متاحة لكلوزه من أجل تحطيم رقم رونالدو ومولر في زيادة عداده التهديفي، ومواصلة تألق إسلام سليماني أحد أبرز اللاعبين الجزائريين والذي استبعده خليلودزيتش عن التشكيلة الأساسية في المباراة الأولى قبل أن يلعب دوراً رئيسياً في التأهل.
وقال مهاجم سبورتينغ لشبونة البرتغالي "إنه حلم تحقق بالنسبة لي، ولكن يجب توجيه التهنئة لجميع لاعبي المنتخب، لأننا قدمنا مباراتين كبيرتين ونستحق التأهل. إنه حلم تحقق بالتسجيل، وأن أصبح أفضل لاعب، لكن الأهم هو المنتخب".
ويعتمد المدرب البوسني الراغب في رد الاعتبار لنفسه من منصبه بعدما قاد ساحل العاج إلى مونديال 2010 وأقيل قبل العرس الكروي في جنوب أفريقيا بثلاثة أشهر وتم التعاقد مع السويدي زفن غوران إريكسون، على ذكاء سفيان فغولي في خط الوسط وقدرته على التقدم للأمام، فقال الأخير: "أدافع عن ألوان المنتخب منذ 3 أعوام وأنا فخور بهذا الإنجاز التاريخي"، مضيفاً "جئنا من أجل هذا الهدف وحققنا عن جدارة واستحقاق.
سنرتاح قليلاً لنبدأ الاستعداد لمواجهة ألمانيا في ثمن النهائي."
ويرى لاعب منتخب يوغوسلافيا السابق في مونديال 1982 في المنتخب الألماني "القوي، هو فريق رائع، ستكون مباراة صعبة، في الواقع يمكنني القول إنها معقدة جداً. أمام ألمانيا سنكون الفريق الصغير بمواجهة العملاق والجمهور البرازيلي سيكون إلى جانبنا. سنقدم كل ما نملك كي لا نخذلهم".
بوقرة: "سندخل اللقاء دون ضغوط"
من جهته قال قائد الدفاع بوقرة لصحيفة "الهداف": "الآن كل مقابلة تنتظرنا هي إضافة لنا، لن نلعب أي مباراة تحت الضغط الآن، سنلعب بطريقتنا المعتادة أمام ألمانيا، صحيح أنهم مرشحون للفوز وأنهم أفضل منا ويملكون العديد من النجوم العالميين، ولكننا سندخل اللقاء دون أي ضغوط، جمهورنا سيقف معنا وسنحاول تقديم أفضل ما لدينا. لم يبق لي صوت بعد نهاية اللقاء، تفاعلت كثيراً وبعد الصافرة سقطت على قدماي، لم أكن أستطيع الوقوف بسهولة لأنني شعرت حينها بشيء استثنائي، خصوصاً عندما رأيت الجمهور الجزائري وهو في تلك الحالة الهستيرية، لم أستوعب ما يحدث، كان الأمر رائعاً".
لوف يبحث عن تكرار إنجاز القيصر في المقابل، يريد لوف أن يصبح أول مدرب يعيد اللقب إلى ألمانيا بعد القيصر فرانتس بكنباور في 1990.
وعلق لوف على أداء لاعب بايرن ميونيخ مولر(24 عاماً) بعد تسجيله أربعة أهداف بالتساوي مع النجمين الأرجنتيني ميسي والبرازيلي نيمار: "في فترة التحضير للدورة كان واضحاً أنه في حال بدنية وذهنية رائعة، كل خصومنا يجدون صعوبة في احتوائه لأنه يركض بذكاء ويتابع الدخول في المنطقة".