قالت صحيفة القدس العربي الصادرة في العاصمة البريطانية لندن أن اليمن بات يتجه تدريجيا نحو الانزلاق إلى حرب أهلية مع اتساع دائرة الحروب الطائفية التي تقودها جماعة الحوثي المسلحة في الشمال وفي ظل اتساع النشاط المسلح لعناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي تقود فيه جماعة الحوثي مواجهات مسلحة عنيفة مع القوات الحكومية المسنودة من رجال القبائل في محافظة الجوف شمالي اليمن، على الحدود مع السعودية، نشطت عناصر القاعدة في تنفيذ العديد من العمليات الكبيرة في مدن محافظة حضرموت، جنوبي شرق اليمن، بشكل شبه يومي والتي دفعت بوزارة الدفاع إلى المواجهة المباشرة معها وضخ قوات عسكرية ضخمة إلى حضرموت لشن حرب شاملة ضد عناصر القاعدة.
وقالت بأن هذه التطورات جاءت مع زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن، جمال بنعمر، الذي التقى أمس الرئيس عبدربه منصور هادي والأمين العام لحزب الإصلاح، للاطلاع على آخر المستجدات السياسية في اليمن على ضوء المستجدات الميدانية والتي تتجه نحو الانقضاض على مخرجات الحوار الوطني الذي أجمعت عليه كافة القوى بما فيها جماعة الحوثي المسلحة، في حين أن هذه الجماعة لا زالت ترفض قطعيا تسليم الأسلحة الثقيلة للدولة.
وأشارت إلى أن جماعة الحوثي تقود حروبا مستمرة ذو نزعة طائفية في مناطق الشمال، والتي استولت بموجبها على كافة مناطق صعده وعمران في الشمال، وتسعى حاليا إلى الانقضاض على محافظة الجوف، التي يعتقد أنها واعدة بالنفط والغاز وتختزن في باطنها أكبر مخزون للنفط في اليمن.
وأوضح هادي خلال لقائه بنعمر أمس الخطوات التي قطعها اليمن في إطار تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتشكيل لجنة صياغة الدستور وبدء عملها، إضافة إلى اجتماعات الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، في حين أكد بنعمر أن زيارته هذه لليمن تأتي لمتابعة كافة المستجدات المحلية ليتم على ضوئها تقديم إحاطته لمجلس الأمن الدولي الذي سيجتمع في 25 آب (أغسطس) الحالي للوقوف على الوضع في اليمن.
وعلمت (القدس العربي) من مصادر محلية أن محافظة الجوف تشهد مواجهات عسكرية يومية بين مسلحي جماعة الحوثي وقوات الجيش المرابطة هناك، والتي تم إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة لها من المحافظات المجاورة، والمدعومة برجال القبائل من أبناء محافظتي الجوف ومأرب.
ويبدو أن قضية الحرب الحوثية الجارية في الجوف والتدهور العسكري في محافظة حضرموت ستكون على رأس قائمة المباحثات التي يجريها بنعمر الحالية والتي في ظل ظروف صعبة عسكريا وأمنيا، تراجعت فيه المخاطر من قبل النظام السابق لتتصدر جماعة الحوثي المسلحة الواجهة وتطغى بتحركاتها العسكرية على كل القضايا السياسية الأخرى، والتي أصبحت تهدد الدولة علانية وأعلنت قبل يومين تدشينها (الخيارات الأخرى) التي هددت بها الدولة مؤخرا للجوء إليها في حال لم تستجب لمطالبها الغامضة.
ودعا الحوثيون أمس إلى مظاهرة عارمة في العاصمة، ضمن الخطوات الحوثية لتنفيذ (الخيارات الأخرى) التي فهمها الكثير من السياسيين بأنها الخيارات العسكرية، خاصة وأن هذا الخيار هو الأكثر استخداما من قبل الحوثيين طوال صراعاتهم السابقة. وكشف سياسي رفيع ل(القدس العربي) أن «مخرجات الحوار الوطني وعملية التسوية السياسية في البلاد تواجه مخاطر حوثية كبيرة قد تضربها في مقتل، في ظل التوسع العسكري لها في العديد من مناطق الشمال وعدم اتخاذ تدابير حكومية صارمة لمجابهة ذلك، ربما تفاديا لخوض حرب شاملة معها، في الوقت الذي تعيش فيه القوات الحكومية حالة انقسام كبير في الولاءات بين مختلف الأطراف السياسية القائمة، أبرزها بين النظام القديم والجديد وبين الحوثيين والإصلاحيين وغيرهم، وهو ما جعل الجيش في أضعف حالاته.
وأشار الرئيس هادي خلال لقائه أمس زعماء قبليين من مديريتي صعفان وحراز بمحافظة صنعاء إلى أن الذين لا يريدون مخرجات الحوار (يفتحون جبهات الحروب) في إشارة إلى جماعة الحوثي التي ترفض التحول إلى حزب سياسي وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي بين أيدي أتباعها والذي يضاهي الأسلحة التي في أيدي القوات الحكومية، بما فيها الدبابات والصواريخ ومضادات الطائرات وغيرها.
وقال هادي «الذين لا يريدون الحوار ولا مخرجاته يفتحون جبهات الحرب هنا وهناك في الشمال والجنوب ويعملون على خلق الاحباطات إلا أننا عازمون كل العزم مع كل القوى الشريفة والوطنية على إخراج اليمن من دوامة الأزمات والخروج إلى المستقبل المأمول».
وفي المقابل تعمل وزارة الدفاع حاليا على تشكيل قوات شعبية في محافظة حضرموت تحت مسمى (اللجان الشعبية) لمواجهة التوسع والأنشطة المسلحة الواسطة لعناصر تنظيم القاعدة هناك، خشية سقوط هذه المحافظة الواسعة والغنية بالنفط في أيدي عناصر تنظيم القاعدة كما سقطت محافظة عمران في الشمال في أيدي الحوثيين الشهر الماضي.