خرجت أمس في طهران مسيرة منددة بالسياسة التركية في المنطقة، وعلى وجه الخصوص تجاه أزمة داعش وكوباني، وتزامنت المسيرة مع هجوم مستشار آية الله علي خامنئي في الحرس الثوري على سياسات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان. واتهم المشاركون في هذه المسيرة التي نظمت مقابل مكتب الأممالمتحدة في طهران، الحكومة التركية باللامبالاة تجاه الأوضاع في مدينة كوباني، وأعرب المتظاهرون عن دعمهم لمواطني كوباني ورددوا هتافات راديكالية ضد سياسات أنقرا. ورفعت أصوات المتظاهرين بهتف شعارات «الموت للحكومة الفاشية التركية» و«الموت لاردوغان» و«الموت للسعودية» بشكل واضح وعلني. وفي الوقت ذاته، استغل بعض قادة الحرس الثوري الفرصة لمهاجمة حكومة رجب طيب اردوغان، وخلال السنوات الماضية، انتقد قادة الحرس الثوري السياسات الخارجية لأنقرة في الشرق الأوسط بشكل مستمر. على سبيل المثال وليس الحصر، اعتبر العميد يد الله جواني، المستشار الأعلى لمندوب الولي الفقيه في الحرس الثوري، في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء المقربة من الحرس، تركيا الداعم الأساسي لداعش، وصرح، «وقد لعبت تركيا دوراً رئيسياً في تعبئة جماعة داعش الإرهابية». وذكر المستشار الأعلى لمندوب أية الله خامنئي في الحرس الثوري إنه كان النظام الإيراني يأمل بتتغير سياسات أنقرة الخاطئة بعد نجاح رجب طيب اردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وقال، «كنا نأمل أن يغير رجب طيب اردوغان السياسات الخاطئة الماضية، ولم يتحقق ذلك، ومؤخراً سمح مجلس النواب التركي بمهاجمة بعض الدول الجوار بحجة مهاجمة داعش». ووصف القيادي في الحرس الثوري الحكومة التركية بأنها صانعة الأزمات، وصرح، «وللأسف، فإن السلطات التركية ليست لديها فهم صحيح من التطورات والأحداث في العالم ولا تعزز التصرفات والسياسات التركية الأمن الوطني والعالمي، وفي المستقبل غير البعيد ستعرض هذه التصرفات الأمن الوطني التركي إلى الخطر». وفي الوقت الذي تتهم فيه طهرانأنقرة بدعم الإرهاب، يرى مراقبون أتراك أن طهران تسهم بشكل كبير وواسع في صياغة السياسات الطائفية لنوري المالكي، رئيس وزراء العراق السابق، لطرد نخب أهل السنة من مراكز صُنع القرار والحكومة والجيش، مؤكدين أن هذه السياسات الطائفية هي التي دفعت المعارضة العراقية لدعم جماعة داعش. وغيرت إيران جزءاً من سياستها في العراق بتخليها عن نوري المالكي ضمن صفقة شاملة بينها والولاياتالمتحدة من جهة، وبعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية من جهة ثانية. ولكن لا يزال النظام الإيراني يحتفظ باستراتيجيته في العراق وبالتنسيق الكامل مع الغرب. ويعود تصعيد اللهجة في طهران تجاه أنقرة إلى تضارب مصالح البلدين في ملفات المنطقة. وبينما تعلن فيه السلطات في بغداد وإقليم كردستان عن الحضور العسكري الإيراني المباشر على أراض العراق، يسعى مسؤولو الجهاز الدبلوماسي الإيراني إلى أن ينفوا التدخل المباشر لقوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري، من خلال اتخاذ مواقف مزدوجة وتبرير هذا الحضور تحت غطاء تعبوي كالحضور الاستشاري وتقديم الدعم المعنوي. وحذر العميد يد الله جواني تركيا من استمرار صنع الأزمات في العراق وسوريا، قائلاً، «إذا لم تسع تركيا إلى تصحيح سلوكها، دون أي شك، سيتأثر هذا البلد من الأزمة الحالية في العراق وسوريا، وينبغي ألا تخدع الحركات الاستعراضية الأخيرة للولايات المتحدة في محاربة جماعة داعش والإرهاب الساسة الأتراك». وفي الأسبوع الماضي، وافق مجلس النواب التركي على مقترح الحكومة الذي يسمح بالتدخل العسكري للجيش التركي في العراق وسوريا ضد جماعة داعش، وبموجب هذا القانون يتمكن الجيش التركي من أن يستخدم الأراضي العراقية والسورية للهجوم على جماعة داعش. وبعد موافقة مجلس النواب التركي على هذا القانون، حذر محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران، في اتصال هاتفي مع مولود تشاووش أوغلو، وزير خارجية تركيا، الحكومة التركية مغبة « تأزيم المنطقة بشكل أسوء». وانتقد وزير خارجية إيران خلال هذا الاتصال الهاتفي «الطريقة التي اعتمدتها الحكومة التركية لمواجهة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط» وأعرب عن قلقه المتزايد إزاء تفويض مجلس النواب التركي للتعاون مع الإئتلاف بقيادة الولاياتالمتحدة وتعقيد أكثر للأوضاع الراهنة الحالية «بسبب تصرفات الحكومة التركية»