رغم محاولات وزيري الخارجية مايك بومبيو والدفاع جيمس ماتيس، لإقناع اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي (الكونغرس) بعدم التصويت ضد السعودية في حرب اليمن، وافق الأعضاء على إحالة مشروع قرار يلزم اميركا بإنهاء دعمها لتحالف العدوان السعودي على اليمن، إلى لجنة الشؤون الخارجية، في إطار ضغوط الكونغرس على الرئيس دونالد ترامب بخصوص مواقفه الداعمة للسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان. المشروع الذي تناقشه لجنة الشؤون الخارجية الأسبوع المقبل، تقدم به ثلاثة أعضاء، هم السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز والسيناتور الجمهوري مايك لي والسيناتور الديمقراطي كريس ميرفي، ويشترط على البيت الأبيض الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس إن أراد التدخل في حرب اليمن أو توفير دعم للسعودية فيها. وحصد مشروع القانون 63 صوتا لصالحه و37 ضده، بعد فشل الإحاطة التي قدمها وزيرا الخارجية والدفاع في إقناع أعضاء مجلس الشيوخ بالتصويت ضد المشروع. ودافع بومبيو وماتيس عن العلاقات مع السعودية، وعن موقف ترامب المرجح لعدم وجود دور لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي خلال تقديمهم إحاطة إلى مجلس الشيوخ. وقال بومبيو عقب إدلائه بإفادته أمام مجلس الشيوخ إنه ووزير الدفاع جيمس ماتيس تحدثا أمام الكونغرس عن سياسة الولاياتالمتحدة في اليمن وسياستها مع السعودية، وأيضا عن الجريمة البشعة المتعلقة بخاشقجي والذي قطعت جثته بالمنشار في قنصلية السعودية بإسطنبول. ووصف أي قرار بقطع المساعدات العسكرية الأميركية عن السعودية في حرب اليمن بأنه سيكون سيئ التوقيت، وسيقوض الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار باليمن، على حد قوله. في سياق متصل، انتقد أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي بشدة عدم ظهور مديرة وكالة المخابرات المركزية “سي آي أيه” جينا هاسبيل (ربما منعها ترامب من الحضور)، في جلسة مغلقة للمجلس لمناقشة العلاقات الأمريكية السعودية. ورغم أن وزيري الخارجية بومبيو والدفاع ماتيس، قدما تقريرا أمام الجلسة المغلقة للمجلس، الا أن عضوا بالمجلس وصف غياب هاسبيل بأنه “غطاء” (لإخفاء شيء ما). وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام غاضبا، إنه سوف يعلق مشاركته بالتصويت على أية قضية هامة حتى تحضر مديرة المخابرات المركزية وتتحدث مباشرة إلى الأعضاء عن مقتل خاشقجي. ورفض ترامب، الأسبوع الماضي، تقييما ل”سي آي أيه” بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو المسؤول عن قتل خاشقجي. فيما يشير “أن هناك مصالح شخصية أو وجود رشاوى بين ترامب وبن سلمان”، بحسب المحللين. وتُلقى على الرياض مسؤولية الأعداد المرتفعة من القتلى المدنيين في الضربات في اليمن وتواجه غضباً عالمياً كذلك بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع أكتوبر الماضي، والذي تشير كل الادلة الى تورط بن سلمان في الجريمة. واعتبر محللون موافقة الكونغرس على مشروع القرار رسالة واضحة من أعضاء المجلس بأن الزمن تغير مقارنة بمارس/آذار الماضي، حيث لم يكن بالإمكان تمرير مثل هذا المشروع، حيث فشلت محاولات سابقة في الكونغرس لوقف الدعم الأمريكي للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، كان آخرها في مارس. وتقود السعودية تحالفاً عسكرياً ينفذ منذ 26 مارس 2015، عمليات برية وجوية وبحرية ضد اليمن الذي بات بفعل العدوان السعودي، يعاني من “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” بحسب الأممالمتحدة. وفيما قُتل نحو 11 ألف مدني، أصبح 22 مليون شخص، أي نحو 75 بالمئة من عدد السكان، في أمس الحاجة الى أي شكل من المساعدات والحماية الإنسانية، ولايعرف 8.4 مليون شخص من أين يحصلون على وجبتهم القادمة. ورغم ان واشنطن تشارك بشكل رسمي ومباشر في العدوان العسكري على اليمن من خلال الدعم اللوجستي وغير اللوجستي، فإنها ترى في استمرار الحرب فرصة ذهبية لبيع الاسلحة للسعودية بصفقات كبيرة لم تتصورها واشنطن سابقا (آخرها صفقة شراء السعودية نظاما صاروخيا من صنع شركة لوكهيد مارتن الأميركية بقيمة 15 مليار دولار). فضلا عن الاموال الطائلة التي تتقاضاها من خلال دعمها السياسي والعسكري والمخابراتي للنظام السعودي في هذه الحرب التي اصبحت احد عوامل الاستحلاب الترامبي للاموال السعودية والخليجية. ويعرف الجميع، بأن الموافقة الاميركية على النظام السعودي وحثه على غزو اليمن وضربه بالصواريخ والطائرات والقنابل الاميركية واعطائه دعما وغطاء سياسيا لارتكاب ابشع الجرائم والمجازر بحق المدنيين أدى بشكل قطعي الى الكارثة الانسانية التي يعاني منها اليمن.