رئيس مجلس النواب يشيد بمستوى الحضور والتفاعل مع مختلف أنشطة وبرامج الدورات الصيفية    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «98»    احتجاجًا على الانهيار المتواصل للخدمات الأساسية .. نساء عدن يُهددن بالتصعيد    بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (53)    ترامب رفع الراية البيضاء    الحرب الهندية - الباكستانية .. إلى أين ؟!!    منظمة "عين" تدين جريمة مقتل طفلة وإصابة شقيقتها برصاص الحوثيين في البيضاء    الحكومة توجه بتزويد محطات كهرباء عدن بالوقود الإسعافي لتخفيف المعاناة    مبعوث ترامب يهاجم حكومة نتنياهو ويتهمها بإطالة أمد الحرب في غزة    أكد أن نصرة المستضعفين من أبناء الأمة شرف وفضل كبير في الدنيا ولآخرة..الرئيس المشاط يتوجه بالشكر والعرفان لجماهير الشعب اليمني لتلبيتهم نداء الواجب ودعوة السيد القائد    بحاح يناقش آلية دمج الطلبة اليمنيين في المدارس المصرية وتحديث اتفاقية التعاون    الدكتوراه للباحث محمد القليصي في الأدب والنقد والبلاغة    حكم قضائي يُلزم الحكومة باسترداد آثار يمنية مهربة في عدة دول    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الخامس للطب المخبري ل" 26 سبتمبر ": المؤتمر سيكون نافذة للأبتكار    شركة النفط بصنعاء تصدر تنويه للمواطنين بشأن المشتقات النفطية    قطاع غزة.. 100 بين شهيد وجريح خلال 24 ساعة    أقنعة الشرعية... وخنجر الخيانة    المدارس الصيفية ودورها في تعزيز الوعي    اعلان هام لجميع مالكي السيارات ..    ضربة الشمس والإنهاك والفرق بينهما؟    وزير الشباب والرياضة يعزي في وفاة نجم المنتخبات الوطنية السابق عبدالله مكيش    سقطرى    محمد الحوثي يعزّي في وفاة العلامة محمد بن حسن الحوثي    البحرية البريطانية تحذر الاقتراب من موانئ اليمن    اختتام فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة    عندما يصبح النور مطلباً للنضال    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    هدية بمليارات $.. قطر ستهدي ترامب طائرة رئاسية فاخرة    القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    وزير الشباب يلتقي إدارة نادي شباب الأحمدي الرياضي برداع    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    بدء الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن في مسقط    زيارة ترامب للمنطقة ومحطتها الاولى الرياض والملفات الشائكة    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    الريال السعودي في الجنوب عمالة وفي اليمن وطنية    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    ثورة النسوان.. تظاهرة لم تشهدها عدن منذ رحيل بريطانيا    بايرن ميونخ يتوج بطلاً للدوري الألماني اثر تغلبه على بوروسيا مونشنجلادباخ    الموسم المقبل.. 6 أندية إنجليزية في دوري الأبطال    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    رسالة الحرائر إلى رأس الافعى الذي منع توريد وقود الكهرباء    "صوت النساء يعلو".. احتجاج نسوي واسع يطالب بإنهاء التدهور الخدمي والمعيشي في عدن    وثيقة عقوبات قبلية تثير استياء واسع في اوساط المثقفين اليمنيين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    المقالح يبدي خشيته من استغلال اتفاق مسقط لتعزيز الكيان الانفصالي    العدالة للداخل قبل الخارج..!    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    كفى عبثا كفى إذلالا.. أهذه شراكة أم استعمارٌ مقنّع؟    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جذورُ قراراتِ ترامب في الأرضِ أَمْ في السماءِ
نشر في شهارة نت يوم 13 - 01 - 2021

على مدى أربعة سنواتٍ قضاها دونالد ترامب في البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، أصدر العديد من القرارات، ووقع عشرات الاتفاقيات، وغَيَّرَ الكثير من السياسات، وقلب العديد من المعادلات، ونفذ الكثير من الوعود والتهديدات، التي وصفت بأنها انقلابية وغير اعتيادية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، سواء فيما يتعلق بالشأن الداخلي الأمريكي، أو ما يتعلق بسياساتها الخارجية الإقليمية والدولية، حيث انتهج في إدارته سياسةً عجيبةً غريبةً لم يعتد على مثلها المواطنون الأمريكيون، ولم يقم بمثلها أي من الرؤساء الأربعة والأربعين الذين سبقوه في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد شكى من قراراته الطائشة مواطنوه وحلفاؤه، وأصدقاؤه وشركاؤه، وأغلب من تعامل معه واقترب منه.
كثيرةٌ هي القرارات التي أصدرها خلال ولايته، والتي أثارت الجدل وتسببت في خلق مشاكل عميقة وتوترات كبيرة في أكثر من مكانٍ في العالم، وقد كان ينوي مواصلة سياسته والمضي في قراراته لو قدر له أن يبقى في البيت الأبيض أربعة سنواتٍ أخرى، إلا أنه سيرحل مرغماً، وسيغادر البيت الأبيض كارهاً، تاركاً وراءه تركةً كبيرة من القرارات الطائشة وغير الحكيمة، وسيرثها من بعده خلفه الديمقراطي جوزيف بايدن، الذي يبدو للبعض أنه سينقلب على تركة سلفه، وسينكث غزله، وسيعيد استصدار القرارات وتصويب المسارات بما يخدم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ويحسن صورتها التي شوهها ترامب لدى العالم.
لكن الحقيقة أن بايدن لن ينقلب كلياً على تركة ترامب، ولن يثور على موروثه السياسي كله، ولن يتراجع عن كل قراراته، بل قد يثبت بعضها ويلتزم بها، ويعمقها ويزيد عليها، في الوقت الذي قد يتراجع فيه عن بعض القرارات، ويتحلل من بعض السياسات غير الحكيمة من وجهة النظر الأمريكية، التي قام بها ترامب بطيشٍ سياسي وسفهٍ دولي، كتلك المتعلقة باتفاقية باريس للمناخ، وعضوية الولايات المتحدة الأمريكية في منظمة الصحة العالمية، والعلاقة مع تحالف الناتو، والحرب التجارية المعلنة مع الصين، أو مشكلة اللاجئين وأزمة الحدود مع المكسيك وتحدي الأسوار العازلة معها، أو ما يتعلق ببعض القضايا الداخلية كنظام التأمين الصحي والسياسات المتبعة لمواجهة وباء كورونا، وغيرها من السياسات الداخلية والخارجية التي أضرت بسمعة أمريكا وشوهت صورتها.
أما السياسات التي سيلتزم بها بايدن وسيحترمها، ولن ينقلب عليها أو يتراجع عنها، فهي بتفاوتٍ كبير تلك التي تتعلق بقضايا الشرق الأوسط، إذ ليس من المتوقع أن ينسف كل قرارات ترامب التي تتعلق بالشأن الإسرائيلي وتلك التي تمس الجانب الفلسطيني، إذ لن يقوَ على إعادة نقل السفارة الأمريكية من مدينة القدس إلى تل أبيب، وإن كان قد يعيد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، ويسمح لها بإعادة تقديم الخدمات إلى المواطنين الفلسطينيين، كما لن يستطيع التراجع عن الاعتراف الأمريكي بالمستوطنات الكبرى، وإن كان سيطالب بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، وسيمنع مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، ولكنه لن يطلب من الحكومة الإسرائيلية تفكيك المستوطنات، وإعادة الأراضي إلى أصحابها، تمهيداً للعودة إلى حل الدولتين.
وإن كان بايدن سيسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بإعادة فتح مكتبها في واشنطن، فإنه سيصر على القيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية وفق الحال الراهن، ودون أي شروطٍ مسبقةٍ، وإن كان لن يبشر بصفقة القرن ولن يدعو إليها أو يؤكد عليها، إلا أنه سيبني عليها في إطار رعايته للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي سيعيد فيه ضخ الأموال وتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها المدنية وأجهزتها الأمنية، وقطاعها الصحي والخدمي، والهيئات الإنسانية والاجتماعية، والالتزام بدفع مساهمة بلاده في ميزانية الأونروا، فإنه سيصر على شطب قضية اللاجئين من جدول أعمال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، وسيطلب من القيادة الفلسطينية ومن حكومات الدول العربية العمل على إيجاد حلٍ عربيٍ مشترك للاجئين الفلسطينيين في بلادهم، ولبعض اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية داخل فلسطين المحتلة.
قد يستبدل بايدن سفير بلاده في الكيان الصهيوني، وينهي خدمات المستوطن دافيد فريدمان، ويطلب من كوشنير وجرينبلات عدم السفر إلى منطقة الشرق الأوسط بصفتهم مبعوثين عن الإدارة الأمريكية، ولكنه سيبقي على أغلب العاملين في هذا الملف، وهم الأكثر إلماماً به ومعرفة، والأكثر خبرةً ودرايةً، مما قد يوحي كذباً أن السياسة قد تغيرت بتغيير الوجوه، ولكن الحقيقة أن جوهر النظرة الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني والظالمة للشعب الفلسطيني باقية، ولكن الأسلوب سيتغير والشكل العام سيتبدل، بينما الأساس الذي تعاهدت عليه الإدارات الأمريكية سيبقى.
وفي الوقت الذي سيعزز فيه ترامب اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية، فإنه سيقوم بتثبيتها وتوسيعها، وسيعمد إلى إقناع المزيد من الدول العربية للاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، وسيضغط على بعضها، خاصةً تلك الضعيفة والخائفة، لتوقع وتعترف وتطبع، ولكنه لن يغطي سياساتها الداخلية، ولن يسكت عن سياساتها المجحفة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وسيسحب اعتراف بلاده بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية، وسيوقف صفقة تزويد دولة الإمارات العربية المتحدة بطائرات F35 الاستراتيجية، وسيعمل على تطمين الكيان الصهيوني أكثر، وتزويده بما يريد ويحتاج إليه من أسلحةٍ حديثةٍ، لضمان تفوقه النوعي على كل دول المنطقة.
مخطئٌ من يظن أننا نجونا من سياسات ترامب الظالمة، وتجاوزنا ضغوطه القاسية وشروطه المهينة، وأننا سنطوي بعده صفقة القرن المخزية، وسنستعيد القدس، وسنحفظ صفة اللاجئ وحقوقه، وستعود أمريكا لترعى المفاوضات بنزاهةٍ وانصافٍ، بل سندرك بعد المائة يوم الأولى من حكم بايدن، أنه خلف ترامب في كل سياساته المجحفة بحق شعبنا الفلسطيني، الذي لم يزرع في السماء فقط بل غرس جذوره في الأرض أيضاً، فأمريكا التي ترعى الكيان الصهيوني وتحميه، وتدافع عنه وتساعده، ستبقى هي نفسها لن تتغير ولن تتبدل، سواء كان ساكن بيتها الأبيض ديمقراطيٌ ناعمٌ أملس، رقيقٌ لطيفٌ، أو جمهوريٌ خشن قاسي، غليظٌ فظٌ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.