الشائعات وحملات التضليل في مواجهة مشروع الجنوب الوطني    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    إيران تستهدف اسرائيل برشقة صاروخية جديدة    إيران تعلن إسقاط طائرتين مسيّرتين معاديتين في سماء زنجان    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    مدير هيئة المواصفات يتفقد الإنضباط الوظيفي بالهيئة    تعز: ضبط متهمين بارتكاب جريمة قتل امرأتين في مديرية التعزية    احتجاج قبلي يشل حركة النقل في صافر.. بسبب سجين!    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    قصة مؤلمة لوفاة 4 من أسرة واحدة غرقا في بئر ماء في بني عمر في يريم    الجيش الإسرائيلي يدعو لإخلاء المنشآت النووية الإيرانية والحرس الثوري يتوعد ب"ردّ مزلزل"    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    وزير خارجية إيران يعلن موعد وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    سريع: قصفنا أهدافا حساسة في يافا المحتلة بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني    نافذون حوثيون يسطون على أراضي تابعة للأوقاف في بعدان إب    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    سخرية من المعتوه عيدروس الزبيدي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    النفط الإيرانية تعلن استهداف العدو لمستودع وقود غرب طهران    اعلام اسرائيلي يتحدث عن عملية اغتيال في صنعاء    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    تريم تحتفي بزفاف 134 عريسًا وعروساً ضمن مهرجان التيسير السابع عشر    ارتفاع الجنيه الاسترليني أمام الدولار واليورو    فعالية احتفالية بذكرى يوم الولاية في حوث بمحافظة عمران    محافظة صعدة تُحيي ذكرى يوم الولاية في 21 ساحة    روسيا تدخل قائمة أكبر خمسة اقتصادات الأقل اعتمادا على الواردات    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    اتهامات للعليمي بشراء الولاءات الإعلامية بالتزامن مع تأخر صرف رواتب الموظفين    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    القيرعي الباحث عن المساواة والعدالة    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    تصاعد مخيف لحالات الوفاة بحمى الضنك في عدن ومحافظات الجنوب    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيلُ تقتل شعباً وتتباكى على رفاة
نشر في شهارة نت يوم 06 - 10 - 2021

عجيبٌ أمرهم وغريبٌ فعلهم، وإن كان الأمر بينهم محمود وعندهم مندوب، ونقيضه عيبٌ ومنقصة، وتقصيرٌ وإهمال، أو خيانةٌ وتفريطٌ، يجعلهم محل اتهامٍ وموضع شكٍ، فهو في عرفهم مسؤولية وطنية تجاه شعبهم، وتكليف ديني أمام أتباع دينهم، يحاسبهم عليه الشعب، ويعاقبهم عليه الرب.
لكن الأكثر غرابةً والأشد استنكاراً هو وقوف العالم معهم، وتأييده لهم في طلبهم، ومساندتهم في الحصول عليه وتحقيقه، واقتناعهم به ودفاعهم عنه، وتعاطفهم معه وانحيازهم إليه، والضغط على من يضيق عليهم ويمنعهم، ويعتقل بعضهم أحياءً أو يحبسهم رفاةً، أو يحتفظ ببعض أجسادهم وبقايا أعضائهم.
فالكيان الصهيوني الغاصب للأرض، والقاتل للشعب، والمطهر عرقياً للسكان، والذي يرتكب جرائم ضد الإنسانية، وأخرى إبادة جماعية للبشر، والمجرم وفق القانون الدولي والإنساني، يشعر بالأسى لغياب بعض أبنائه وحبس حريتهم، أو احتجاز رفاتهم أو بعض أعضائهم، بينما يقوم إلى جانب جرائمه العديدة التي ذكرت، باحتجاز أجساد مئات الشهداء، يحبسهم في مقابر سرية، يحمل المدفونون فيها أرقاماً تميزهم، حتى غدا اسمهم "شهداء الأرقام"، فلا يعرف أهلهم عنهم شيئاً، ولا يدل على أسمائهم الحقيقية غير أرقامٍ خاصة أو علاماتٍ فارقة مدونة، أو شواهد ودلائل عند استشهادهم، كثيابهم التي كانوا يلبسونها، والأوراق التي كانوا يحملونها، أو اليوم الذي فيه استشهدوا، والواقعة التي تمت فيها المعركة أو وقعت فيها الشهادة.
يعيب هذا العدو الغاشم، الذي يرتكب في حق الشعب الفلسطيني كل الموبقات ومختلف الجرائم، أسر المقاومة الفلسطينية لجنودهم المقاتلين، وضباطهم المجرمين، وعملائهم الخائنين، ويستنكر عليها قيامها باحتجاز رفاة جنودهم الذين قتلوا في دباباتهم أثناء العدوان، بينما كانوا يمارسون القتل ضد الفلسطينيين، ويطالبها بالكشف عن مصيرهم، وتحديد حالتهم، والإفراج عنهم، والسماح بعودة الأحياء منهم إلى بيوتهم وأسرهم، وإعادة رفاة القتلى منهم أو بعض أعضائهم، إلى أهلهم وأسرهم، ليدفنوهم في مقابر اليهود، ولتكون لهم قبورٌ معروفة، وشواهد معلومة، يزورهم أهلهم ويكتبون أسماءهم ويرفعون صورهم عليها، ويبكون عليهم وينثرون الورود على قبورهم.
لا ينسى الإسرائيليون قتلاهم، ولا يفرطون في شيءٍ من بقاياهم، أعضاءً كانت أو مقتنياتٍ كانت لهم أو معهم، ولو كانت قصاصة ورقٍ في جيوبهم، أو سلسلةً يطوقون بها أعناقهم، أو ساعةً يضعونها على معاصمهم، وينظمون لتحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم، المسيرات الشعبية، وحملات الأمهات المؤثرة، ومظاهرات التأييد والتحريض لاستعادة جنودهم، ويوظفون معهم المؤسسات الدولية وحكومات العالم وأنظمتها، ويطلبون وساطة الرؤساء والملوك والقادة، ولا يبقون على وسيلةٍ عاطفيةٍ ومعنويةٍ، أو ماديةٍ وعمليةٍ، إلا ويقومون بها أملاً في الوصول إلى ما يريدون.
ولا تتوقف وسائل البحث الإسرائيلية المباشرة، أو تلك التي يقوم بها غيرهم بالوكالة، أو ينوب بها سواهم خدمةً لهم وتقرباً إليهم، وهم إن كانوا قد عجزوا في قطاع غزة عن تحقيق ما يريدون، وفشلوا أمام المقاومة التي نجحت في أسر جنودهم وإخفاء آثارهم، في الوصول إلى أي دليلٍ يدلُ عليهم أو يقود إلى الوصول إليهم واستعادتهم، إلا أن يرضخوا لإرادة القوة ومعادلة الفرض والقهر، ويقبلوا بصفقات تبادل الأسرى، ويستجيبوا إلى شروط المقاومة ومحدداتها.
إلا أنهم لم ييأسوا من البحث عن آخرين في أماكن أخرى، وإن كانوا لا يستطيعون القيام بالمهمة بأنفسهم أحياناً، فإنهم يوكلون بها غيرهم ويبقون قريباً منهم، يوجهونهم ويمدونهم بالمعلومات، ويفحصون معهم التراب، ويدققون في بقايا العظام، ويقارنون الأدلة التي عندهم بالجديدة التي تصلهم، ولعلهم يحققون انجازاتٍ خفيةٍ، ويصلون إلى نتائج مرضيةٍ، يعلنون عن بعضها أحياناً، كتلك التي سلمتهم إياها القيادة الروسية في موسكو، والتي تأمل أن تستلم المزيد منها من خلالهم أو بالتعاون معهم.
أما في سوريا الجريحة، فإن الإسرائيليين لا يملون البحث عن رفاة الجاسوس إيلي كوهين، ويعدون زوجته بتسليمها قبل وفاتها جثمان زوجها، وقد سلموها بالفعل رسالةً بخط يد زوجها قبل إعدامه، وأعطوها ساعته التي كان يحملها، ولا أعتقد أنهم سيتوقفون عن البحث عنه، ونبش القبور وحرث الأرض، أملاً في الوصول إليه، وإعادته وتكريمه.
وما زال الإسرائيليون يعملون بجدٍ لاستعادة بقايا جنودهم من أرض المعارك في البقاع اللبناني، ومن أماكن أخرى كثيرة في لبنان، التي يعتقدون أنه يوجد فيها بقايا جنودهم، ولكن عيونهم المفتوحة، ومحاولاتهم المكشوفة، وسعيهم الدؤوب الذي لا يتوقف، هو لاستعادة الطيار الحربي رون أراد، والحصول على معلوماتٍ يقينية تدل عليه، ورغم أنه فقد في العام 1986، وقد مضى على فقدان آثاره قرابة خمسة وثلاثين سنةً، إلا أنهم يصرون على الوصول إليه وإعادته إلى "الأرض".
وقد رأينا في الأيام القليلة الماضية احتفالاتٍ أمنية إسرائيلية، برعاية نفتالي بينت شخصياً، لتكريم فرقٍ أمنية إسرائيلية خاصة، تمكنت –حسب زعمهم- من الوصول إلى مستودع أسرارٍ، من شأنها أن تدل على الأماكن التي كان فيها رون أراد أو نقل إليها، تمهيداً لإنهاء ملفه ونقله إلى مكانٍ مناسبٍ يليق به ليدفن فيه، ولا تتوقف جهود المخابرات الإسرائيلية، التي يتصل عشوائياً ضباط أجهزتها الأمنية، بمواطنين لبنانيين وفلسطينيين يقيمون في لبنان، يطلبون منهم مقابل مكافئاتٍ ماليةٍ هائلة، أي معلوماتٍ مهما كانت بسيطة وقليلة، تساعد في التعرف على مكان رون آراد.
قد ينجح العدو الصهيوني ومن تحالف معه، في الوصول إلى بعض مبتغاه، وتحقيق بعض أهدافه، واستعادة من يستطيع من جنوده وضباطه، ولكنه بالتأكيد لن ينجح في تحقيق ما يريد من المقاومة، التي تحسن صر أسراها والكز عليهم، وتتقن فن إخفائهم، وتعرف كيف تبقيهم بعيداً عن أعين العدو وأيديه، وسيجد نفسه في نهاية المطاف مضطراً للقبول بصفقة تبادل الأسرى، والخضوع لشروط للمقاومة والتنازل أمامها، وبغير هذه الوسيلة التي يفرضها الشعب وتبسطها مقاومته، فإن أسراه لن يعودوا إلى بيوتهم، ورفاة جنوده لن يدفنوا في مقابرهم، ولن يكون لذويهم حجارةً يقفون عليها، ولا نصباً يبكون عنده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.