لستُ ضدّ تجمّع الإصلاح ( الإخوان المسلمين في اليمن ) لمجرّد إنهم ( إخوان ) ولكنّني على يقينٍ كبير في إنّنا لن نرى مجتمعاً مدنياً ، ناهضاً، معاصراً في ظل حُكم هذه ( الجماعة ) أو مشاركتها بنصف السلطة ، أو ربعها ، أو حتّى بقائها مستترة - كما حدث خلال فترة حكم صالح - خلف بزّة ( اللواء ) وعمامة ( الشيخ ) بشقّيه القبلي والديني.. من باب الإنصاف علينا أن نُقرّ بأن هناك أنصاراً لمن يُريد دولة مدنية وأنصاراً لمن يُريد دولة علمانية وأنصاراً لمن يُريد دولة دينية ، لكن السؤال هنا : ما هو الأصلح لليمن واليمنيين ؟ ومن يمتلك من هوءلاء النسبة الأكثر من المناصرين ؟ اضف إلى ذلك أنّه وبمطلق الأحوال لا يُمكن لأيّ فصيلٍ أن يحتكر الحقيقة لوحده ، أو يقترح نمطاً معيناً ، ووحيداً للدّولة والمجتمع. ما يعني أنّه لابد أولاً: من تقّبُل وإستيعاب ثقافة الاختلاف.. وثانياً: التخلُّص من ثقافة الرُّعب والتخوين والترهيب ، التي بدأت منذو سنوات ، تسيطر على عددٍ كبير من اليمنيين، إزاء بعضهم بعض ، وتحديداً إزاء كل فكرٍ مخالف ، يعتقد البعض إن خير وسيلة للتفوّق عليه والتخلُّص منه ، هي نفيه من واقع الناس ووعيهم وذاكرتهم .. وأصحاب هذا التفكير - بالطّبع - هم الكارثة الكبرى على المجتمع .. أعتقد أنّه ، وللخروج من هذا التخندق الحاد، ينبغي بنا جميعاً ،الإنفتاح على كل الآراء ، والاعتراف بأن خِطاب المبالغة والتهويل ، والقفز على الحقائق ، من شأنه أن يورّط البلاد ويُدخلها في مآزق رهيبة ، يمكن أن تحوّل الصراعات من صراعات سياسية ، وصراعات، يفترض أن تكون مع الجهل والمرض والتخلف والتنمية والفقر،، إلى صراعات إثنية وطائفية ومناطقية.. وعلينا أن لا ننسى بأن المراهنة على الخارجي والإرتماء في أحضانه خطيئة كبرى ، وعارعلى الكل.. سيّما وجميعنا يعلم إن أميركا والغرب، عموما، لا يحبّوننا ولا يحترمون ثقافتنا ولا يتمنّون لنا الخير ، وجميعنا يعرف - أيضا - إن " السعودية " و " قطر " و" الإمارات " و" إيران " و " تركيا " كأبرز وأسوأ اللاعبين الاقليميين في بلادنا، لم يكونوا دوماً دعاة حرية وديمقراطية وقومية وحقوق إنسان ، فلماذا - إذن - " البورة " والمراهنة الخاسرة على مثل هوءلاء والتوهّم الخاطىء بأنه سيحكم الشعب اليمني ، بواسطة دعمهم له؟ إن من يعتقد بأن اليمنيين سيقبلون ذلك ،و اسقاط النموذج ( الأردكاني ) ، مثلا ، أو ( الخميني ) ، على اليمن ، و تحريك الناس والتحكّم بسلوكياتهم وكأنهم قطيع خُلِقتْ مسخّرة لهم ولطاعتهم العمياء ، يعتبر جاهل ، وساذج ، وبليد .. وينطبق هذا الكلام - أيضا - على الإماميين والناصريين والقوميين والحراكيين وغيرهم .. أما الذين دوّخونا وافسدوا كل شيء باسم (ثورة 11فبراير) فيما سلوكياتهم تنضحُ بِعفن الدهر ، ونفوسهم وأفكارهم تفيض بكل الغرائز البدائية ، فعليهم ان يحترموا أذهان غالبية الناس وشروط المرحلة وحقائق التحوّلات .. قبل أن أقول إلى هنا أكتفي ، بقي أن أهمس في أُذن من يزال مخدوعاً بشيء اسمه " ثورة " وأقول له إن أي ثورة تكون خاليةً من الأهداف الحقيقة والتأييد الشعبي والقيادات الشريفة والجوهر الأخلاقي الذي يحكم أداءها ومنظومتها القيمية ، لا يمكن أن تخلق مجداً ، أو تبني وطناً ، ولا يمكن - أيضا - أن يكون عهدها أفضل من العهد الذي سبقته ، أو مختلفاً عنه ، وإن اختلف فسيكون " فقط " أكثر منه فجوراً وشلليةً وفساداً ، وشراسةً وظُلماً وظلاما..