أعلن اليوان الملكي بالمملكة العربية السعودية ترحيبه بإستقبال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي -المعزول عن السلطة أمس الجمعة. وقال بيان ملكي صدر قبل قليل أن المملكة ترحب بإستقبال الرئيس التونسي وعائلته. وكان زين العابدين غادر البلاد بعد نحو شهر من التظاهرات الشعبية التي تحولت أمس إلى انتفاضة شملت العاصمة تونس، حيث احتل آلاف المواطنين وسطها واشتبكوا مع قوى الأمن، قبل أن يفرض الجيش حال الطوارئ. وفي قرابة السابعة والنصف من مساء أمس، أعلن رئيس الحكومة التونسي محمد الغنوشي عن تنحي بن علي عن السلطة، وتوليه ممارسة مهام رئيس الدولة بصفة موقتة. وقال الغنوشي في بيان تلاه عبر التلفزيون الرسمي محاطاً برئيسي مجلس النواب فؤاد المبزع ومجلس المستشارين عبد الله القلال عن تسلمه الحكم "طبقاً لأحكام الفصل 56 من الدستور" الذي يتناول "تعذر رئيس الجمهورية القيام بمهامه بصفة وقتية". وأضاف "وباعتبار تعذر على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بصفة وقتية، أتولى من الآن سلطات رئيس الجمهورية وأدعو كافة أبناء الشعب من مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية والفئات والجهات بالتحلي بالوحدة لتمكين بلادنا التي تعز علينا جميعاً من تخطي هذه الصعاب". كما تعهد الغنوشي "باحترام الدستور" والقيام بالإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تم الإعلان عنها بكل دقة بالتعاون مع الأحزاب ومكونات المجتمع المدني". وفي تصريح هاتفي، قال الغنوشي لمحطة تلفزيون تونسية خاصة إن اليوم سيكون يوماً حاسماً. وأضاف أنه سيجتمع مع ممثلين للأحزاب السياسية لتشكيل حكومة وأعرب عن أمله في أن تفي هذه الحكومة بالتوقعات. وقد غادر بن علي مطار تونس عند الخامسة من بعد ظهر أمس ليصل الى جدة في ساعة متأخرة من الليل. وكانت باريس أعلنت أنها لن ترحب بالرئيس التونسي الذي قيل إنه كان يعتز التوجه اليها. والى العاصمة تظاهر الآلاف في سيدي بوزيد البلدة التي بدأت فيها موجة الاضطرابات حين أشعل شاب النار في نفسه في كانون الأول (ديسمبر) احتجاجاً على البطالة. وقال شهود إن مسيرة تضم عدة آلاف طالبت بتنحي الرئيس فوراً. ومساء أمس، أكد قائد طائرة مدنية تونسية اعتقال عدد من أفراد عائلة الرئيس بن علي، فيما نفى مساعد صخر الماطري، صهر الرئيس، أنباء توقيفه، مؤكداً أنه وصل وعائلته إلى دبي. وجاءت المعلومات عن اعتقال مقربين من بن علي، مع سماع دوي طلقات نارية متفرقة في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة، وإضرام النار في محلات "كارفور" التجارية. وفي تطور للأحداث، قالت مصادر متطابقة إن متظاهرين عمدوا إلى اقتحام محلات "كارفور" وحرقها، ومستودع لشركة "النقل" في ضاحية حلق الوادي، التي يملكها الماطري، حيث تم سرقة نحو 600 سيارة جديدة من داخلها، إضافة إلى نهب السوق الحرة المحاذية لها. كما عمد متظاهرون إلى إحراق فرع لمصرف "الزيتونة "الإسلامي، الذي يملكه أيضاً الماطري، الذي كانت تقارير إعلامية تونسية ذكرت أنه أُعتقل بصحبة عدد من أشقاء زوجة بن علي، منهم بلحسن الطرابلسي. ولم يستكين المتظاهرون حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، بل نظمت تظاهرات في عدة مدن، رفع خلالها المتظاهرون شعارات ترفض تسلم محمد الغنوشي السلطة وتطالب بإزالة النظام التونسي الحالي كله. في ردود الفعل الخارجية، أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة ب"شجاعة" وكرامة" الشعب التونسي داعياً الى إجراء انتخابات نزيهة وحرة. وقال أوباما في بيان "أدين واشعر بالأسف لاستخدام العنف ضد مدنيين عبروا سلمياً عن آرائهم في تونس وأشيد بشجاعة وكرامة الشعب التونسي". وأضاف أن "الولاياتالمتحدة تقف مع المجتمع الدولي شاهداً على هذا النضال الشجاع من أجل الحصول على الحقوق العالمية التي علينا جميعاً أن نلتزم بها، وسنتذكر لفترة طويلة صور الشعب التونسي وهو يسعى الى جعل صوته مسموعاً". وقال أيضاً "أدعو كل الأطراف الى المحافظة على الهدوء وتجنب العنف، وأدعو الحكومة التونسية الى احترام حقوق الإنسان وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في المستقبل القريب، تعكس الإرادة والتطلعات الحقيقية للشعب التونسي". وأكد أوباما أن "على كل بلد أن يمنح الحياة لمبدأ الديموقراطية بطريقته، بناء على تقاليد شعبه". وأضاف ان "الدول التي تحترم الحقوق العالمية لشعوبها هي أقوى وأكثر نجاحاً من الدول التي لا تفعل ذلك". وتابع "لا أشك في أن مستقبل الشعب التونسي سيكون أكثر إشراقاً إذا ما قادته أصوات الشعب التونسي". وفي باريس، قال مصدر قريب من الحكومة أمس الجمعة إن فرنسا "لا ترغب" في مجيء الرئيس التونسي المخلوع الى أراضيها، عازياً هذا الموقف الى عدم الرغبة في إثارة استياء الجالية التونسية في فرنسا. وقال المصدر "لا نرغب في مجيئه" في إشارة الى الرئيس التونسي، مضيفاً أن بن علي "ليست أمامه أي فرصة" لتحط طائرته على الأراضي الفرنسية. وأكد المصدر القريب من الحكومة أن مجيء الرئيس التونسي المخلوع الى فرنسا قد يثير استياء الجالية التونسية في هذا البلد، وخصوصاً أنها في غالبيتها "تناهض بن علي". وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال في بيان إن "الحوار وحده يمكن أن يحقق حلاً دائماً وديموقراطياً للأزمة الحالية". وقال إن فرنسا تقف جنباً الى جنب مع التونسيين في هذه "الفترة الحاسمة" وإنه يعترف بالانتقال الدستوري. الاتحاد الأوروبي دعا الى "حل ديموقراطي دائم" في تونس كما دعا الى الهدوء. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون والمفوض الأوروبي للتوسعة ستيفان فولي "نود أن نعرب عن دعمنا للشعب التونسي واعترافنا بتطلعاته الديموقراطية التي يجب تحقيقها بالطرق السلمية". وجاء في البيان المشترك "نحث جميع الأطراف على ضبط النفس والهدوء من أجل تجنب وقوع مزيد من الضحايا أو حدوث مزيد من العنف". وأضاف البيان إن "الحوار أمر أساسي. ونجدد التزامنا تجاه تونس وشعبها واستعدادنا للمساعدة على ايجاد حلول ديموقراطية دائمة للأزمة الجارية". أما عربياً، فتظاهر المئات من الناشطين المصريين أمس أمام السفارة التونسية في القاهرة تأييداً للانتفاضة التي قام بها الشعب التونسي ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي. وتجمع الناشطون المصريون أمام السفارة في حي الزمالك بعد ساعات من الإعلان عن خروج بن علي من تونس وهم يحيون الشعب التونسي على انتفاضتهم ضد النظام. وفي الدوحة قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية مساء أمس إن بلاده تراقب الأحداث الجارية في تونس، وتحترم إرادة الشعب التونسي وخياراته. ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن المصدر تأكيده التزام قطر "بعلاقتها المتينة مع الشعب التونسي العزيز وحرصها على علاقاتها المميزة مع الجمهورية التونسية". وشدد على العمل على هذه العلاقات "وتطويرها لما يخدم مصلحة البلدين وشعبيهما الشقيقين".