أياً كانت الأوضاع والتنازلات للحدث الوطني الكبير الذي احتفل به في رياض الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية مساء الاربعآء الماضي... وايضاً مهما سارع البعض وضمّه لإنجازاته »الثورية« إلى جانب القتل والتدمير.. ومهما بلغت به نشوة الانتصار »المزعوم«.. فإن المنتصر الوحيد هنا، وليس هناك ناصر أو منصور بين الشعب الواحد، كما اعتقد، الا من رفض العنف والتدمير والتنكيل وتشريد السكان والآمنين من منازلهم.. المنتصر هو من قال لا للعنف .. لا للفوضى .. لا للمشاريع الصغيرة والمخططات التآمرية .. لا لأنواع العمالة والارتزاق.. لا لقطع الطرقات وترويع الآمنين لا للهجوم على المعسكرات والاعتداء على حراس الوطن.. المنتصر من رفض عسكرة الجامعات ودور العلم من قاوم دعاة الفكر الضلالي وأوقف وندد بالاعتداء على مؤسسات الدولة وهيئاتها ومؤسساتها.. هو من دعا الى الحوار وممارسة الحقوق وفقاً للنظام والقانون ورفض التجاوز أو القفز على الواقع والقوانين النافذة وعصيان ولي الأمر.. المنتصرون بحق هم المواطنون الذين تكبدوا عناء ما ارتكبته حماقات السياسيين وأيادي عصابات تنظيماتهم الارهابية وفصائلهم العسكرية السرية.. وفرق الموت التي توزعت على كل أحياء وشوارع ومدن الوطن الحبيب.. وفعلاً كان ولابد لصبرهم ونضالهم ومعاناتهم طيلة (9) أشهر أو يزيد.. من مخرج فجاء من الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي ومن أبناء وأحفاد آل سعود العظماء.. جاء وفق مشروعهم الوطني المعبر عن إرادتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم في مستقبل آمن مزدهر وهو المشروع الكبير الذي حمله وناضل من أجله فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية حتى وعلى سرير الموت بعد الحادثة الاجرامية الشنعاء بدار الرئاسة التي هدفت الى اغتياله ورموز دولته وقادتها من قبل تلك الشرذمة ودعاة الفوضى والانقلاب وزعماء »مافيا« القتل والتدمير في الحصبة وأرحب ونهم وأبين وغيرها. حتى حان موعد انقشاع الغمة بتلك الومضة المشعة في سفر القائد الفذ وتاريخه العظيم والتي ترجمت وحققت عملياً حرصه المستمر وتمسكه بعدم التهاون بثقة شعبه الممنوحة له حتى ضمان من سيخرجه من دوامة الصراعات الاهلية التي كاد البعض ان يشعل فتيلها. فحين كان يصفه البعض بالمراوغ كان حريصاً على عدم تسليم السلطة الا بانتخابات ديمقراطية رئاسية مبكرة تحقق إرادة الشعب.. ما تحقق وأيده بذلك الاعداء قبل الاصدقاء، وحين واصل السياسيون الحمقى قدح وذم الرجل وصفه بالقاتل بينما عصاباتهم تقتل وتنتهك لإلصاقها بالنظام فتح الرجل شيك تنازلاته حتى انه لم يبق على شيء من سلطاته مقابل حقن دماء المواطنين الابرياء ولإرضاء شهوانيتهم السلطوية القاتلة التي لم ترحم امرأة ولا طفلاً.. فعاثت فساداً في الارض وقطعت الارحام والسبل وأوصال البلاد بأعمال لا يقرها شرع ولا ملة من أجل الاستيلاء على الحكم والسلطة.. قدم كل شيء حتى نفسه وهبها مقابل أن يسلم الشعب من أذى هذه العصابات الطامحة للسلطة.. لكن دون جدوى.. فلم يزدادوا الا عتواً ونفوراً وهروباً وتهرباً حتى من الوسطاء الدوليين والاقليميين الذين تجلوا حقيقة هذه المعارضة وأنها ليست سوى مجاميع عصابات دموية تريد الانقضاض على السلطة عبر الانقلاب .. وهو ما تجلى فعلاً، في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية الموقع عليها.. والتي تؤكد على ما سبق لرئيس الجمهورية عرضه على المعارضة السياسية في المشترك.. وهو حكومة وحدة وطنية وانتخابات رئاسية مبكرة وتشكيل لجنة وطنية لصياغة دستور جديد لاختيار النظام الذي يتفق وطموحات وتطلعات الشعب وهو ما تضمنه اتفاق التسوية الذي يفرض على أحزاب المشترك وقياداتها قبل تلك الشراكة إزالة ما كانت سبباً فيه التقطعات والاعتصامات والحوار مع الشباب المستقلين ومنع الاعتداء على رجال الامن والجيش ومعسكراتهم وهي التركة التي تسببت فيها. من ذلك المنطلق يمكن القول إن لعبها صح وكانت ضربة معلم، فعلاً وهي الضربة التي كشفت أوراق ومخططات المعارضة وحرمت الانقلابيين بدعم دولي، من الوصول الى السلطة، وهي تلك الروح القيادية السياسية الفذة التي تمتع بها فخامة رئيس الجمهورية وكما قال أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون في اتصال هاتفي به الثلاثاء الماضي وشكر حرصه المسؤول في تعاطيه مع المستجدات وأوضاع البلاد واحتوائه الأزمة بطريقة منعت انزلاقه الى حرب أهلية طاحنة .. وشكر ايضاً تجاوبه وتفاعله مع الجهود الدولية والاقليمية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وقرار مجلس الامن. نعم هو ذلك الفارس المقدام والقائد الشجاع الذي يصنع الاحداث ولا يهابها ويواجه الاخطار ويتصدى لصناعها ومفتعليها... ظهر »الصالح« صالحاً لبلاده وشعبه منذ تسليم الحكم عام 1978م، حتى اليوم، منتصراً لرهانات الشعب لإفشال أحلام البؤساء والفاشلين والفاسدين سياسياً ووطنياً.. بمهاراته السياسية والقيادية والمترافقة مع حكمته وحنكته تجاوزت البلاد أصعب التحديات والمخاطر وواجهت بصلابة وعنفوان أشد المآزق وخرجت منها منتصرة على كل مشاريع التدمير والفكر الضال. وهو اليوم كذلك القامة السامقة يهوي بمخططات التآمر الى مجاهل الردى بالتوقيع على مبادرة الاشقاء في الخليج لتجنيب الوطن مزالق العنف والدماء وإهلاك الحرث والنسل والاقتتال والاحتراب الاهلي. لقد نجح علي عبدالله صالح مجدداً في كسب الرهان »رهان الشعب« ونجح في كسر رقبة الربيع العربي والثورات الاخوانية« .. نجح في وأد أحلام الرأسماليين الفاسدين والحالمين بالسلطة وإقامة الإمارات القاعدية.. فقد كشف خصومه ومعارضوه للعالم أجمع وللداخل بالذات بأنهم ليسوا سوى انتهازيين ومبتزين ثلة من القتلة والفاسدين وشرذمة من عصابات النهب والسرقة، نجح في تمزيق وجوههم في الوحل.. وأظهرهم بتلك الصورة المخزية وهم يوقعون على الاتفاقية وأمانيهم بعار الهزيمة النكراء.. وفي شرخ علاقتهم ووأد أحلامهم المريضة ومزاعمهم الواهية.. نجح في كسر شوكتهم.. نجح.. ونجح وما أكدها اليوم.... انه يوم تاريخي مشهود وسطره قبل الرحيل بخلاف بعض الزعماء.. وهو ذلك اليوم الذي يقول من ينجح في اختيار قائد سينجح قائده في اقتياد شعبه..!!