تدشين فعاليات الذكرى السنوية للشهيد في محافظة حجة    فضيحة.. الاحهزة الامنية بتعز ترفض تامين محطة عصيفرة للكهرباء    البنك المركزي يحذر من المشاركة في أي إجراءات حوثية للتصرف في العقارات المملوكة للبنوك    مدير المواصفات يطلع على جناح الهيئة في معرض منتجات اليمن    منفذ الوديعة.. والإيرادات المفقودة    مدفعية العدو السعودي تستهدف القرى الحدودية في صعدة    أستاذ قانون دولي: أساتذة الجامعة في الجنوب براتب "جائع"    لقاء بريطاني عماني في مسقط لبحث ملف الازمة اليمنية    وقفة.. اللجنة الإعلامية لكرة القدم إلى أين؟    100 شهيد بينهم 35 طفلاً في غارات العدو الإسرائيلي على غزة    الأرصاد: درجات الحرارة الصغرى تلامس درجتين وتحذير للمزارعين للحفاظ على مزروعاتهم    شهادات وصور: جرائم فظيعة بالفاشر والدعم السريع تعدم الجرحى بالمستشفيات    تعز.. توجيهات بتفعيل إلزامية التعليم الأساسي ومعاقبة أولياء الأمور المخالفين    غزة: 983 حالة وفاة بسبب منع السفر للعلاج خارج القطاع    4 قطع أثرية يمنية نادرة بمزاد أمريكي في نوفمبر القادم    المرشدي: إصلاح حضرموت مثل نموذجاً مميزاً في الشراكة ورافعة اجتماعية وثقافية مؤثرة    تسجيل 27 عملية قتل واختطاف في المناطق المحتلة    إصابة "صعبة العلاج" تكبح 50% من قدرات لامين جمال في الملعب    الإخوان وحلف القبائل.. خطر يهدد وحدة القرار الأمني في حضرموت    فضيحة جديدة لمعمر الإرياني: 12 مليون دولار لموقع إلكتروني!    القوى الكبرى تصنع الأزمات لتملك القرار.. والحل في اليمن هو فك الارتباط السلمي    منظمة أمريكية: يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية تفشي الكوليرا في اليمن    18 قتيلاً في غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    اكتشاف أثري في ذمار يسلط الضوء على الإدارة الهندسية المتقدمة للمياه    جزائية صعدة تصدر احكاما بقضايا مخدرات وتواجد غير مشروع باليمن    الجاوي: الحكم بالقوة والإكراه يجعل السقوط مفاجئاً    تعيين أمين عام للسياسي الاعلى بصنعاء واخر لمجلس الوزراء بعدن    افتتاح رصيف جديد لاستقبال السفن التجارية غرب اليمن    المقالح يصف سلطة صنعاء بسلطة الأهل وعيال العم المعزولة عن الشعب    قراءة تحليلية لنص "مراهقة" ل"أحمد سيف حاشد"    كأس المانيا: ضربات الترجيح تمنح بوروسيا دورتموند بطاقة التأهل على حساب اينتراخت فرانكفورت    توتر في منتخب إسبانيا.. ثنائي برشلونة يلغي متابعة كارفاخال بعد أحداث الكلاسيكو    انطلاق ملتقى "RT Doc" للأفلام الوثائقية بالقاهرة    المنحة السعودية في طريقها لسداد حساب مكشوف للشرعية في جدة    رئيس هيئة الاستثمار يطلع على سير عمل مصنع شفاكو للصناعات الدوائية    صحيفة دولية: الدين الخارجي لحكومة المرتزقة يبلغ نحو 7 مليارات دولار    مدرسة 22 مايو بسيئون تحيي فعالية توعوية بمناسبة الشهر الوردي للتوعية بسرطان الثدي ..    إجراء قرعة بطولة التنشيطية الثانية لكرة الطائرة لأندية حضرموت الوادي والصحراء ( بطولة البرنامج السعودي )    النفط يتراجع مع ترقب زيادة إنتاج (أوبك)    ميسي يحسم موقفه من مونديال 2026    نائب وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين والقطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    البيضاء .. تدشين المخيم الطبي المجاني الشامل للأطفال بمدينة رداع    الأسعار بين غياب الرقابة وطمع التجار    فلسفة السؤال    أعرافنا القبلية في خطر: إختطاف القبيلة!    اتحاد كرة القدم يعيد تشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    سفارات لخدمة العمل اللادبلوماسي    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    وداعا أبا اهشم    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    أبشرك يا سالم .. الحال ماهو بسالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلكامش بريطاني
نشر في شهارة نت يوم 01 - 03 - 2012

حين قرأت خبر المعمر العراقي الذي نال الجنسية البريطانية بعد أن بلغ 104 من العمر لم يلفت نظري ما في الموقف من لمسة إنسانية , فعندما تمنح دولة جنسيتها لشيخ طاعن في السن لا تنتظر منه سوى مواراة جثمانه في ترابها , أطال الله في عمره, فهذا دليل عطف وتوقير لا نجده في بلدان تسير على شريعة سمحاء تعطف على الصغير وتوقر الكبير لكنها تتردد في منح إقامة لشخص تجاوز السن القانونية وكأنه مادة منتهية الصلاحية !!
ولم يلفت نظري الوضع التراجيدي الذي جعل شيخا يغادر بلد عاش تحت سمائه 98 سنة بالتمام والكمال ليبدأ رحلة جديدة من حياته بعد أن بلغ من العمر عتيّا وست حبات اضافيات !
لكن الذي استوقفني هو كيف استطاع هذا العراقي أن ينجو من عواصف الموت التي تهب بين ليلة وضحاها على مدى 98سنة في بلد تراجعت به معدلات أواسط الأعمار إلى حدود قصوى بسبب الظروف الاستثنائية الصعبة التي عاشها ويعيشها سكانه فانقرض الشباب خلال سنوات الحرب وكثرت نسبة وفيات الشيوخ والأطفال خلال سنوات الحصار ؟
كيف أفلت هذا المعمّر من أمراض معاصرة صارت ملازمة للعراقيين كارتفاع ضغط الدم والسكري ناهيك عن أوبئة النصف الأول من القرن الماضي وفيضانات دجلة في تلك العقود وصراعات الأحزاب الدموية في الخمسينيات والستينيات وتقارير المخبرين السريين و براثن حروب الثمانينيات وحصارات التسعينيات وإنتحاريي مابعد 2003 وتفجيراتهم ووووووووو
حين قرأت الخبر دخلت شقيقتي الصغرى الماسنجر لتحمل لي خبرا حزينا
قالت لي إن ابن جارنا في مدينة الثورة صلاح الذي يبلغ عامين أختطف خطأ
كيف؟
لأن والده يعمل سائقا في سيارة مدير عام في احدى الوزارات , فشاهد المختطفون السيارة الفارهة فظنوا إنها لوالد الطفل فاختطفوه من حديقة البيت وساوموا والده وبعد أن دفع المبلغ الذي طلبوه ,بالدولار عدا ونقدا ,سلموه جثة ولده مذبوحا وحين سألهم :لماذا ذبحتموه؟ أجابونا:لأنه ذبحنا بالصراخ والبكاء :بابا ماما !
فاذا استبعدنا الست سنوات الهانئة التي أمضاها شيخنا المعمر ببريطانيا , كيف يمكن لعراقي أن يصمد في وجه عواصف الموت 98سنة؟
ذات يوم من عام 1990 كنت أسير في شارع الرشيد فمرّموكب جنائزي ,وهو أمر مألوف جدا ,لكن غير المألوف أن التوابيت الملفوفة بالعلم العراقي كانت صغيرة لذا طويت تلك الأعلام عدة طيات ! وحين استفسرت علمت إن التوابيت تعود لطلاب مدرسة ابتدائية , سقط عليها صاروخ أمريكي فقلت لصاحب لي , أسلم الروح فيما بعد:
- ياالهي, بدأ شهداؤنا يصغرون يوما بعد آخر !
في تلك السنوات كنا نشاهد جنائز الشهداء في شوارع بغداد بشكل يومي , مثلما كنا نشاهد اللافتات السود على الحيطان ,ولكن أن نشاهد جنائز لشهداء صغار فهذا كان أمرا ملفتا للنظر!
كيف يمكن لعراقي أن يصمد بوجه عواصف الموت 98 سنة؟
ثم عصفت بالبلاد مواسم جديدة للموت
لكن أغربها أن يموت عراقي بعد ولادته بساعة واحدة!
حدث ذلك في مستشفى الحلة فعندما وضعت أم جنينها في مستشفى الحلة عام 2006 طلبوا نقلها الى جناح آخر وخلال عملية النقل جعل حظ الرضيع العاثر أن يمر قرب الاستعلامات وفي تلك الدقائق فجر انتحاري نفسه في حشد من المرضى فسقط عشرات القتلى وكان من بينهم ذلك الرضيع الذي ولد قبل ساعة من وقوع الحادث ولم يكن يحمل اسما بعد !
فكيف يمكن لعراقي أن يصمد بوجه الموت98سنة؟
أمراض غريبة داهمت البلاد وجوع ووو
وطالما رددت قول الشاعر عبدالوهاب البياتي :
"أيتها الأرض التي تعفنت
فيها لحوم الخيل والأطفال والنساء
وجثث الأفكار
أيتها السنابل
هذا أوان الموت والحصاد "
لكن الحياة ابتسمت ابتسامة عريضة لهذا الشيخ ولو بعد قرن الا قليلا!
فعندما تمنحه بريطانيا هذا التاج ,جنسيتها, ليس لأنه أقام على أرضها ست سنوات فقط , حسب القوانين السائدة في الدول الأوروبية , بل لأنه قاوم الفناء كأي كلكامش ذلك لأنه صمد بوجه الموت 98 سنة !
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.