انتجت مؤسسة السحاب -الذراع الاعلامي لتنظيم القاعدة-كلمة متلفزة للشيخ ايمن الظواهري,مؤخراً,تحت عنوان التحرر من دائرة العبث والفشل,عرج من خلالها على مجمل الأحداث في دول الربيع العربي واولها مصر الكنانة في اطلالة شاملة لرؤية التنظيم العالمية للأحداث المعاصرة. وخاطب الظواهري الإخوان المسلمين في مصر وليبيا وتونس وباكستان وفلسطين وفي كل مكان قائلاً: "هناك قضايا رئيسة لا أتصور أن تكون الحركةُ الإسلاميةُ إسلاميةً بدونها. فمن هذه القضايا: الحرص على حاكمية الشريعة وأن تكون فوق الدستور والقانون وهوى الأغلبية، بأن تكون المرجعية العليا التي لا تنازعها مرجعية ولا تزاحمها حاكمية. يجب علينا أن لا ننهزم نفسيًّا, فإن الهزيمة العسكرية لدولة الخلافة التي بدأت بالتهام أجزائها ثم القضاء عليها بعد الحرب العالمية الأولى قد أورثتنا هزيمة نفسية مصاحبة للهزيمة العسكرية, بحيث جعلتنا نطالب بالشريعة عبر وسائل أعداء الشريعة, فنطالب بتحكيم الشريعة عبر تحكيم غير الشريعة, فنطالب بالشريعة عبر سيادة هوى الأغلبية, كمن يطالب بتحريم الخمر عبر اعتناق النصرانية. فهل هذا تصرف معقول؟! وهذه الهزيمة النفسية لها رموز بارزون بلغت عندهم حدًّا مَرضيًّا مزمنًا أثر على تصرفاتهم وأقوالهم وأفعالهم فأصابها بالتناقض والتشوش، ومن أشهر هؤلاء: راشد الغنوشي، الذي تخلى عن الشريعة قبل أن يصل للحكم بعقود، وأعلن مرارًا تنكره لتطبيقها حتى تفتح له الأبواب للحكم والسلطان، ومع هذا التملص والتهرب والتبرؤ من الشريعة نراه يقاتل قتالاً شرسًا على الوزارة ورئاستها, ويسعى بكل طريق لاستمرار حزبه فيها, فالوزارة يستميت عليها أما الشريعة فقد تخلى عنها ثمنًا للوزارة. ومن أمثلة تناقضاته أيضًا الناشئة عن الهزيمة النفسية المستشرية المزمنة مدحُه وكيله الثناء لزعيم حركة (الدرب المضيء) في بيرو, بينما يكيل التهم للمجاهدين, ويقول إنّ هذا عنف, والعنف إجرام, وهؤلاء دمروا البلاد وجلبوا الكوارث.. إلى آخر مكرراته التي يرضي بها وزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومشيخات الخليج، فالدرب المضيء أبطال, أما المجاهدون ضد الحملة الصليبية الصهيونية الغربية فمجرمون"! واختص الظواهري مصر ورئيسها المعزول محمد مرسي برسالة قال فيها: "وقد رأينا نتيجة عدم مواصلة الثورة في مصر لاستئصال القضاء الفاسد والجيش المربى على أيدي الأمريكان ووزارة داخلية الجلادين والقتلة, كل هؤلاء انقلبوا على من تراجع أمامهم. ورأينا نتيجة القول بترك تغيير المادة الثانية للدستور وعدم الإصرار على أن تكون أحكام الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع، لأن ذلك في زعمهم سيؤدي لعدم التوافق مع أعداء الشريعة من العلمانيين والكنيسة الانفصالية. كانت نتيجة ذلك انقلاب هؤلاء جميعًا على من سعى للتوافق معهم، وكان الأشرف لمن انقُلب عليه أن ينقلب عليه المنقلبون وهو يتمسك بحاكمية الشريعة من أن ينقلبوا عليه بعد أن تنازل عنها. المهم؛ نحن أبناء اليوم, ولنجعل ما مضى عبرةً ودرسًا ينير لنا طريق الحاضر والمستقبل. ولذلك فإني أدعو وأكرر الدعوة لكل مسلم وعامل لنصرة الإسلام أن نتحد حول كلمة التوحيد لننصر الإسلام وشريعة الإسلام ونحرر بلاد الإسلام من الاحتلال ومجتمعات أبنائه من الفساد والظلم والاضطهاد والاستغلال. ومن أجل هذه الدعوة الكريمة النبيلة لتوحيد المسلمين والعاملين للإسلام حول كلمة التوحيد فقد أصدرنا بعون الله وثيقة نصرة الإسلام التي نرجو من الجميع أن يدرسوها ويستفيدوا بما يرونه حقًّا فيها وينصحونا إن وجدوا فيها غير ذلك, (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ). وقد يتساءل متسائل: وما البديل عن دائرة العبث والفشل؟ البديل هو: سنة المرسلين صلوات الله عليهم وسلامه وأتباعهم: الدعوة والجهاد. فعلينا في هذه المرحلة أن نحشد الأمة في انتفاضة دعوية لا تهدأ ولا تفتر حتى تزيح هذا الانقلاب العلماني المتأمرك وتؤسس لحاكمية الشريعة ولحكم الإسلام. وعلينا أن نتحد حول هذا الهدف ولا نتنازل عنه قيد أنملة ولا نساوم عليه أدنى مساومة. علينا أن نصمد ولا نساوم ولا نتنازل على أن تكون الشريعة هي الحاكم الشرعي الوحيد في بلاد الإسلام. علينا أن لا نختزل المواجهة في مجرد عودة الدكتور محمد مرسي، ولا في عودة الدستور السابق، فإن هذه ليست هي الشرعية, وإنما الشرعية في حاكمية الشريعة. ولكن للأسف أنّ البعض لم يكتفِ باختزال المواجهة في مجرد عودة الدكتور محمد مرسي بل أبدى استعداده للتنازل عن عودة محمد مرسي ومجلسي الشعب والشورى، والاكتفاء بوهم أسموه: المحافظة على المسار الديمقراطي، وهكذا يستمر الانحدار في اختزال المطالب. لقد تمت سرقة انتفاضة الشعب المصري المباركة في الخامس والعشرين من يناير لما اختزلنا مطالبها في مجرد إزاحة حسني مبارك، وقبلنا بحكم المجلس العسكري وبدأت المساومات والتنازلات التي أدت لما وصل إليه الحال من إجرام وقتل واعتقال وتعذيب واعتداء على الحرائر والأطفال. لقد كانت انتفاضة الشعب المصري المباركة في الخامس والعشرين من يناير فرصة تاريخية لتعود مصر لدورها الريادي القيادي في العالمين العربي والإسلامي. تدافع عن حقوق المسلمين وعن كل مضطهد في هذه الدنيا, وتنشئ حكمًا إسلاميًّا نزيهًا عادلاً يجتث الفساد والظلم". ووجه الظواهري رسالتين للأهل بسيناء والرئيس المصري المعزول محمد مرسي: " أما رسالتي لأهل سيناء فأقول لهم: يا أيها الأباة الأعزاء، الكرام الشرفاء، يا أهل النخوة والحمية والنصرة والعزة، يا أهل سيناء بوابة الفتوح، ويا أبناء الفاتحين، يا جند الإسلام، وحماة العقيدة، ويا عشائر الخير، ويا أيها الأعمام والأخوال: اسأل الله أن يرزقكم الصبر ويأجركم خير الأجر على صبركم على عدوان جيش السيسي المتأمرك المتواطئ مع إسرائيل ضدكم، وأن يتقبل شهداءكم، ويداوي جرحاكم، ويُعجل بتفريج أسراكم، وأناشدكم أن توفروا المأوى لإخوانكم المهاجرين إلى جواركم من بطش السيسي العميل الأجير، وأنتم أهل الغيرة لا تردون من استجار بكم، وأناشدكم بحق الإسلام والأرحام أن تنصروا أهلنا في غزة، وأن تسعوا بكل طريق لكسر الحصار عنهم الذي يفرضه السيسي وكيل الصليبية والصهيونية. أما رسالتي للدكتور محمد مرسي فأقول له: بدايةً اسأل الله أن يفرج كربك، ويهدي قلبك، ويصلح لك دينك ودنياك، وأسأل الله أن يثبت فؤادك، ويملأ قلبك يقينًا وإيمانًا وثباتًا حتى تنصر دينه وشريعته غير هيّاب ولا وجل ولا مساوم ولا مناور، وأن يرزقك اتباع قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- : "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" وقوله -صلى الله عليه وسلم- : "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" وأنصحك مخلصًا لك النصيحة وراجيًا لك الهداية والتوفيق والتثبيت، فأقول لك: لقد تعاملت مع العلمانيين ووافقتهم، ومع الصليبيين وتنازلت لهم، ومع الأمريكان وأعطيت لهم الضمانات، ومع الإسرائيليين وأقررت بمعاهدات الاستسلام معهم، ومع عسكر مبارك الذين تربوا على مساعدات أمريكا فوافقتهم، ومع جلادي الداخلية فطمأنتهم، فماذا كانت النتيجة؟ وأنت اليوم في امتحان عظيم، إما أن تتمسك بالحق غير متزلزل ولا متذبذب ولا متزحزح، فتطالب بحاكمية الشريعة في وضوح وجلاء، وترفض القضاء الفاسد، والقوانين العلمانية، والدستور العلماني، وتصر على تحرير كل شبر من ديار الإسلام المحتلة، وتأبى الاعتراف بأية معاهدة أو اتفاق يتنازل عنها، وتعاهد ربك أنك ستجهر بالحق الذي يفرضه عليك شرعه، ولا تتنازل قيد أُنملة عن ذلك؛ فحينئذ أبشرك بأنك ستكون من أبطال هذه الأمة، ورموزها البارزة، وقادتها العظام، وستحشد الأمة في مصر والعالم الإسلامي خلفك في معركتها مع أعدائها، وإن توفاك الله مخلصًا على ذلك فأبشر بحسن الخاتمة وعظيم الثواب فيها في آخرتك. فاتق الله في نفسك وجماعتك وجموع الأمة في مصر وسائر عالم الإسلام، التي تنظر إليك وتترقب ماذا تفعل، فلا تتخاذل عن نصرة الدين، وعن إعلاء حاكمية الشريعة، وتذكر موقف إمام أهل السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله- حين أبى التراجع فثبت الله به الأمة من بعده". ______