من ساعات أحاول جاهدا جمع أجزاء المشهد لتكوين صورة كاملة لما يجري ولا أستطيع . الأوضاع شديدة الضبابية والتعقيد ، ولا يمكن التنبوء بإتجاهاتها ومآلاتها . وتدهشني ردود الفعل المتسرعة ، و ليس السريعة . المتمثلة بالمواقف المتشنجة ، المنفعلة ، المتحررة من رقابة العقل ، المستسلمة كليا للغرائز والإنفعالات والأهواء والرغبات . إقليم مدري أين يعلن إنضمامه الى إقليمي مدري فين ويعلم الله أين ، ويدعو إقليم لا أدري لاوين للإنضمام . من متى كان للأقاليم وجودا قانونيا أصلا ؟! وكيف لإقليم لا وجود قانوني ولاتمثيل شرعي له ، أن يعزم نفسه ، ويدعو غيره ، للإنضمام الى إقليمين لا وجود قانوني ولا تمثيل شرعي لهما أيضا ؟! وعلى فرض أن هذين الإقليمين ، المدعو للإنضمام إليهما ، أستطاعا ، لسبب أو لآخر ، فرض وجودهما ككيانين فعليين على الأرض ، فهل سيقبلان بإنضمام إقليم " أنا جازع " وإقليم " خذني معك " إليهما وعلى أي أساس ؟! وهل ستنال حفلة الأقاليم المجنونة هذه إعترافا دوليا بها ، كلا أو بعضا ، ومتى ؟! علما بأن من شروط " الإعتراف " وفق قواعد القانون الدولي العام ، وجود إقليم " بمعنى مساحة جغرافية " وشعب ، وسلطة مركزية ، تمارس كافة مظاهر السيادة على مكوناتها الجغرافية والديموغرافية … الواضح ، حتى الآن ، هو أن هناك مليشيا متغولة ، متهورة ، رعناء ومدمرة ، منفلتة ومتفلتة من كل حسابات العقل والمنطق ، أنطلقت بجنون مسلح ، لتقوض ، أسس الإجتماع السياسي اليمني ، المنتظم في شكل " دولة "، كيفما كان وضعها ، ودفعت ، وتدفع ، الاخرين بجنونها الطليق إلى جنون مماثل . ويقينا ، فإن المليشيا العمياء هذه ، ستدفع ، بصورة أو بأخرى ، ثمن أخطائها وخطاياها عما قريب . والمفترض ، مساعدتها على الخروج من الوضعية المأزقية التي أنحشرت ، وحشرت البلد فيها ، بأقل الخسائر . أي جهد شعبي أو حزبي لإستنقاذ البلد ، مجتمعا ودولة ، ينبغي أن يتركز في العاصمة ، على أن مايأتي من المحافظات روافد يتعين أن تصب في نفس المجرى ، مجرى التاريخ اليمني العام ، الحافظ للهوية الوطنية الجامعة. عدا ذلك فهو الطوفان . ___________________________ *من صفحة الكاتب على الفيس بوك*