أصبح مساعد أمين عام الأممالمتحدة ومستشاره الخاص لليمن، جمال بن عمر، جزءاً رئيسياً من اهتمامات اليمنيين، الذين ينقسمون في التعاطي مع تصريحاته ما بين مؤيد ومعارض ومتشكك ومتيقن. بن عمر، وصل مساء الجمعة إلى صنعاء، في زيارة قال إنه سيعمل خلالها على إعداد تقرير جديد إلى مجلس الأمن يقدمه أواخر حزيران/يونيو، مضيفاً في بيان صدر عنه، أنه سيعقد خلال زيارته، الثلاثين، لقاءات مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ومختلف القيادات السياسية، تهدف إلى دعم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله قبل فترة، مقراً تحويل اليمن إلى بلد اتحادي من ستة أقاليم على أمل أن تساهم هذه الخطوة في معالجة الأزمات اليمنية. لكن الثقة بقدرة بن عمر على دعم تنفيذ مخرجات الحوار تتزعزع. في اليمن، الكثير من اليمنيين يرون أن للرجل مساعي حميدة في التوفيق، ونزع التوترات بين الأطراف. وينتظر قطاع واسع من الشعب، عبر بن عمر، الدعم البناء من المجتمع الدولي، بما فيه تطبيق الفصل السابع على المعرقلين للتغيير، تماشياً مع مقررات مجلس الأمن الدولي الذي هدد بفرض عقوبات دولية تطال معرقلي التسوية السياسية في البلاد. في المقابل، يرى آخرون، أن بن عمر ليس إلا مندوباً سامياً، ثقيل الظل، وغامض المواقف. فضلاً عن ذلك، ثمة اتهامات للنخب السياسية، بشأن تفريطها بالسيادة ومنحها بن عمر زمام الأمور في البلاد ليقرر حاضرها ومستقبلها نيابة عن الشعب كذلك يعتبر البعض أن أهداف الزيارة أشبه بنغمة مكررة، يسمعها اليمنيون منذ عامين، بلا فائدة حقيقية، أو فارق في أرض الواقع، إذ أن الأزمات تتضاعف عوضاً عن التضاؤل. وكان بن عمر، قد اعتبر، أكثر من مرة خلال زياراته السابقة، أن ما حدث في اليمن معجزة، كونه البلد الثاني على مستوى العالم في انتشار السلاح. في مداخلة له، في منتدى الجزيرة، حول تحديات التحول الديموقراطي في السابع والعشرين من الشهر الحالي، قال بن عمر إنه "رغم جميع التحديات والعقبات، على اليمنيات واليمنيين أن يفتخروا بما حققوه. فقد تمكنوا عبر تجربتهم النوعية من جذب أنظار العالم، واستحقوا كل الدعم، وهم ما زالوا في حاجة إليه لاستكمال مسيرة العبور نحو الديموقراطية". الواضح أن لدى بن عمر مفهومه للمرحلة الانتقالية في "كونها زمناً ومهاماً وليست زمناً فقط"، ولذلك قام بتأييد الانتقال من المرحلة الانتقالية المزمنة التي كان يفترض أن تنتهي بعد عامين من توقيع المبادرة الخليجية، إلى ما يسمى بالمرحلة التأسيسية، التي تم التمديد للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على إثرها، إذ خلص بن عمر ومعه الرعاة الخليجيون الدول الغربية أن مهام هادي لا تنتهي بعامين فقط بل بانتهاء المرحلة الانتقالية. وهي مرحلة لا يبدو أنه سيكتب لها النهاية قبل الانتهاء من الدستور اليمني الجديد وتحول اليمن إلى بلد فدرالي. منذ أشهر، تباشر لجنة صياغة الدستور مهامها في ظل أجواء من السرية والاحتراز، إذ مُنعت من التصريحات لوسائل الإعلام، بينما تتباطأ في عملها على نحو غير مبرر. وبما أن الشعب اليمني أنهك كثيراً، جراء عدم وضع حد لمجمل التدهور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، يمكن القول إن مشكلة المشهد السياسي في اليمن تتمركز في عدم إحداث قطيعة مع الماضي. إضافة إلى ما سبق، تعد الصيغة المقترحة لشكل اتحادي مستقبلي لليمن، كارثية، كما يجمع مراقبون، ولا سيما أنها تُطرح في ظل كيان الدولة الهش، وغياب الجيش والأمن، إضافة إلى اضمحلال الموارد والإمكانات للاستقرار. كما أن تغذية النزعات الطائفية والمناطقية القائمة، تملك من الخطورة ما يمكن أن يشظي اليمن إلى أكثر من بلد. أما الحلول التي مازالت عالقة بخصوص القضية الجنوبية، وإعاقات بناء سجل انتخابي جديد، فهي تضفي عوائق جديدة على المشهد المعقد أصلاً، إذ أن هناك خطر النزاعات المسلحة بين الحوثيين والجيش والقبائل، في محافظتي صعدة وعمران شمالاً، كما أن هناك تهديدات جمّة، مبعثها تنظيم القاعدة، الذي بدأت الحكومة عمليات ضد عناصره في محافظتي أبين وشبوه جنوب البلاد، منذ نيسان/أبريل الماضي. وهي أزمات تتخطى على الأرجح قدرة بن عمر، ومن ورائه المجتمع الدولي، وتتطلب قراراً واضحاً من الأطراف اليمنية بحل يأمل اليمنيون أن يتم التوافق عليه قبل تفجر المزيد من الأزمات.