عقول حائرة تجوب وتحول في أعماق المحيطات لعلها تجد فيها ما لا تجده فوق الشاطئ ،عقول حائرة تسابق العنكبوت في نسج بيتها الذي سرعان ما يذهب عن الأنظار بلمسة يد غاشمة ،عقول حائرة تواجه مسائل فيزيائية لم تتعلمها من قبل مسائل لم يضع لها أنشتاين أو غيره قوانين لكي تمشي عليها، عقول حائرة بين أبتسامة الفقراء وأحزاب الأغنياء، عقول حائرة بين الفقدان والحرمان، عقول ترفض الركوب في زورق النجاة ليس حبا في الموت ولكنها تنتظر لعل العاصفة ستخمد ويعود الإستقرار أو ستستسلم للموت في تلك السفينة الكبيرة أو إنها تحب المغامرة وتريد أن تري كيف يكون الغرق ثم تعود إلي الحياة ، عقول حائرة في أختيار معلوماتها ومن أي زهرة سوف تمتص منها رحيقها الذيذ ،عقول حائرة وخائفة إن أمكنني أن أقول ذلك، عقول حائرة تسوقها الأمواج المتلاطمة في ذلك البحر الكبير إلي الهلاك ،عقول حائرة في مرعا كبير ولكنها بلا رأعي ،عقول حائرة ما ستتكلم؟ مأذا ستقول ؟مأذا ستكتب؟ بعد إن اشتهر المتخصصون في إغلاق افواه المتكلمين ومقطعين أنامل الكاتبين، عقول حائرة في وأقع محير ،إلي متي ستظل تائهة ؟إلي متي ستظل متذبذة ترفض المبدئية ؟إلي متي ستظل محاطة بشباك الوهم والخيال الواسع الذي فيه تغرس الزهور وتشم العطور وتضحك ضحكة العاجز المكسور؟ عقول حائرة علي رصيف الشارع تريد السفر بإحدي السيارات ولكنها لم تحاول إيقاف أي واحدة منها ،هل هي غريبة هذه العقول الحائرة عن المكان؟ أم إن الحياء جعل الليل يخيم عليها وهي لم تزل قابضة فوق الرصيف ؟ألا تعرف حالة الخوف التي تجول وتسيطر علي قلوب المارين، لم ترى خلال وقوفها أي شخص منفردا في مشيه، ولكنها ترى الأقوام تمشي دفعة دفعة غرها ذلك المنظر وقالت: يا لهذه السعادة والأخوة التي يعيشها أهل هذه المدينة لا يستطيع أحد أن يفارق الآخر ليتني منهم، ولكنها لم تكن تعلم أن الخوف هو من جعلهم بهذا المنظر، تلك العقول الحائرة لم تزل إلي الآن علي رصيف الشارع تنتظر سيارة تأخذها إلي عالمها الآخر .