تمر على كل واحد منا لحظات تبدو فيها قطعة حلوى أو معجنات ساخنة أشهى من أية أطعمة مغذية أخرى. كما تمر علينا لحظات نعتبر فيها رقائق البطاطا الهشة الموجودة ضمن البضائع المشمولة بالتخفيضات غنيمة علينا الظفر بها. وتمر بنا أيضاً لحظات نعتقد فيها أن ارتشاف مشروب غازي مجاني ضمن وجبة "كومبو" خفيفة هو امتياز يتحتم علينا الاستفادة منه رغم علمنا المسبق بأضراره. وبين حلوى هنا، ورقائق بطاطا هناك، تضيع لياقتنا وينتهي بنا المطاف مدمني عادات غذائية نعرف يقيناً أنها سيئة! وللتغلب على هذا، يرى خبراء تغذية أميركيون أن هناك سُبلاً عدة للتخلص من العادات الغذائية السيئة، بدءاً بقطع الطريق على كل عذر واه، أو مسوغ بال، وانتهاءً باستراتيجيات تكييف الجسم مع الأطعمة الصحية وتناول أي شيء باستمتاع وتلذذ. يقول خبراء غذاء وتغذية أميركيون، إن تزايد السمنة وزيادة الوزن في مختلفات المجتمعات المعاصرة يرجع بالأساس إلى فشل معظم الناس في مقاومة إغراءات العادات الغذائية السيئة، إلى جانب التبريرات والأعذار التي يميل كل شخص لاستحضارها ليسوغ لنفسه أكل ما يشتهيه دون شعور بالذنب أو تقريع الضمير. أسعار ومطاعم يفيد خبراء بأن أول عذر يقدمه الناس عادة عند نُصحهم بتناول أطعمة صحية هو أنها غالية الثمن، لكن الواقع يثبت أن هذا العذر غير واقعي. وتقول د. داون جاكسون بلاتنر، خبيرة تغذية من شيكاجو ومؤلفة كتاب "حمية شبه نباتية": "ليس صحيحاً أن الأطعمة الصحية غالية الثمن. إذ توجد أطعمة كثيرة ذات قيم غذائية عالية ورخيصة الثمن في الآن نفسه"، ومن بينها الأطعمة الغنية بالألياف كحبوب القمح والشعير. وعوضاً عن الدوران حول فلك اللحم ومشتقاته، تنصح داون باختيار الأطعمة قليلة البروتينات، مثل البقوليات والبيض وأفخاذ الدجاج منزوعة الجلد وسمك السلمون المعلب. من جهتها، تقول إليزا زييد، اختصاصية حمية من نيويورك ومؤلفة كتاب "تغذية صحية على أطراف أصابعك": "عند شراء منتجات غذائية طازجة، يجب الحرص على اقتناء الفواكه والخضراوات الفصلية، فلا تشتر البطيخ والكرز والفلفل والخس مثلاً في فصل الشتاء، أو الفراولة والمشمش في فصل الخريف، فالفواكه والخضراوات المعروضة في غير فصلها عادة ما تكون غالية الثمن، إضافة إلى أنها تُعاكس عقارب ساعة الجسم، ما يقلل من فائدتها". وهناك عذر افتقار المطاعم إلى وجبات صحية ومغذية، هو من بين الأعذار التي يسوقها مدمنو الأطعمة غير الصحية. ورغم أن هذا الأمر ينطبق على غالبية المطاعم، إلا أنه يمكن لأي شخص أن يخطط مسبقاً ويجري بحثاً مستفيضاً لمعرفة ما تقدمه المطاعم الموجودة في المدينة التي يسكن فيها أو الضاحية التي يقطن بها. كما يمكنه أن يستفيد من المعلومات التي أصبحت توفرها العديد من المطاعم عن قوائم ما تعرضه من أغذية في مواقعها الإلكترونية وعلى الإنترنت بشكل عام. وإذا كان المطعم الذي تقصده لا يقدم معلومات وافية عن مكونات ما يقدمه من أطعمة، فيمكنك اختيار أحد أطباق السمك المشوي، أو الدجاج المشوي أو الخضراوات، فهذه الأطباق تكون عادة قليلة السعرات الحرارية. كما يمكنك أن تطلب بطاطا مطبوخة، أو مشوية أو طبق خضراوات بدلاً من طلب صحن بطاطا مقلية أو بطاطا مهروسة، ولا تحرم نفسك طبعاً من صلصة السلطة التي تحبها. التغيير صعب لا شك أن أفضل طريقة لتعويد النفس على تناول أطعمة صحية أكثر هي إلحاقها بنظامك الغذائي اليومي. وهذا لا يكون دائماً سهلاً باعتبار أن أي شخص لا يستسيغ بسهولة الأطعمة الجديدة التي يضيفها لنظامه الغذائي منذ البداية. وتقول زييد "تسريع تكيف ذائقة الجسم الغذائية، مع أي طعام جديد يتطلب تكرار تناوله. وقد يستغرق تكرار المحاولة 20 مرة قبل أن يألف الشخص طعامه الجديد". وتنصح بتنويع طرق طهي الطعام الملحق. فقد يفضل الشخص تناول طعام ما مشوياً، بينما يفضله آخر مبخراً. كما قد نجد شخصاً يحب أكل العدس مطبوخاً، في حين يفضله شخص آخر حساءً. وتضيف زييد "من المهم جداً أن يحاول الشخص الذي يرغب في إضافة طعام ما إلى الاجتهاد وابتكار وصفاته الخاصة، فيمكنه مثلاً أن يمزج الطعام الذي يرغب في إلحاقه بجدول وجباته اليومية بطعام آخر يحبه". وإذا كنت مثلاً تحب الجزر، ولكنك لا تستسيغ اللفت، فيمكنك أن تطهو الاثنين مع بعض بطريقة ما، أو تضيفهما إلى سلاطتك المفضلة، أو طبق خضراوات مبخرة. وتقول بالتنر، إنه يفضل لكل شخص أن يحرص على توخي الحكمة في ملء عربة تسوقه، بحيث يكون جزء منها حبوباً كاملة كالخبز والمعكرونة وغيرها من الطحينيات، وجزء منها منتجات بروتينية كالبيض والسمك والبقوليات والدجاج ومشتقات الحليب قليلة الدسم وقليلاً جداً من اللحم، وجزء بسيط منها منتجات معلبة ومجمدة، وجزء أكبر منها منتجات طازجة كالخضراوات والفواكه. وتوصي بالتنر بقراءة لاصق محتويات كل منتج، مع تجنب اقتناء كل منتج يحوي كميات زائدة من السعرات الحرارية أو الدهون المشبعة أو الصوديوم. «كشكول» استراتيجيات من النصائح التي يعتبرها خبراء التغذية استراتيجية ويوصون بأخذها في الحسبان كل يوم ما يلي: ◆ أهمية الفطور. فوجبة الفطور ينبغي أن تكون قليلة الدهون، غنية بالحبوب والفواكه، ولا تخلو من بروتينات. فالوجبة الصباحية تلعب دوراً كبيراً في مزاج الشخص طوال اليوم وتُحدد مدى إنتاجيته. فنَفَسُ الشخص في العمل والأداء يكون أطول عند تناول فطور غني، وأقصر عند تناول فطور هزيل. ◆ تجنب السعرات الحرارية السائلة. وذلك عبر تقليل تناول المشروبات المحلاة مثل الصودا، واستبدالها بالماء أو الشاي أو المياه الفوارة. فيكفي ما تتناوله من سعرات حرارية صلبة عن طريق ما تأكله من أطعمة كل يوم. ◆ تخطيط الوجبات. فلا تدع يومك مفتوحاً على المصادفات، بل خطط لما ستتناوله طوال فترة وجودك بعيداً عن البيت، في مكان العمل أو الدراسة. ولتكن لديك خطط ثابتة وأخرى بديلة عما تتناوله خلال فترة عملك، وأيضاً ما تسد به رمقك كلما شعرت بالجوع، غير الوجبات السريعة أو رقائق البطاطا أو المعلبات من ماكينة البيع الموجودة بالقرب من مكتبك. ◆ التركيز عند الأكل. من الأخطاء الشائعة جداً المنتشرة في وقتنا الراهن هي أن كثيراً من الناس يُبقون التلفاز أو الحاسوب مشغلاً وقت تناولهم وجبة الغذاء أو العشاء، أو حتى وجبة الفطور. في حين أن المطلوب هو التركيز في ما تأكله وتشربه فقط، دون الانشغال بأي شيء مما يوجد في محيطك. فعدم التركيز في الأكل من الأسباب الخفية للسمنة نظراً لأن الشخص الذي لا يركز فيما يأكل لا يُدرك متى شعر بالامتلاء، ولا متى وجب عليه التوقف أو الاستمرار في الأكل، ولا عجب في ذلك ما دام عقله منشغلاً بهذا الفيلم، أو ذاك البرنامج. ◆ الأكل ببطء. من الأشياء التي ينصح خبراء التغذية باتباعها هو عدم الإسراع في الأكل، بل تناول أي شيء بروية. فذلك يسمح لك بالاستمتاع أكثر بطعامك والتلذذ به، ويجعل مفعوله يصل إلى دماغك ويؤثر فيه إيجابياً عبر ما يبعثه من رسائل تُترجَم إلى هرمونات المكافأة التي يفرزها الجسم عند الشعور بالرضى والاستمتاع بفعل شيء ما. ◆ عدم التسوق وقت الشعور بالجوع. فارتياد مركز التسوق وقت الشعور بالجوع يجعل المتسوق يشتري أكثر من حاجاته ويُكثر من الأطعمة عالية السعرات الحرارية. ◆ طبخ كميات قليلة واستخدام صحون صغيرة. فذلك يساعد على عدم الإسراف في الأكل. وأن تقوم عن مائدة الطعام غير شاعر بالامتلاء التام، أفضل من أن تقوم منها وأنت تتجشأ بسبب التخمة. كما يُنصح بعدم وضع الطبق الرئيس الكبير في متناول اليد على مائدة الطعام حتى لا تستسهل الزيادة منه دون حاجتك. هشام أحناش عن "واشنطن بوست"