تشهد تونس تصريحات وتسريبات غير مسبوقة، صادرة عن قيادات عليا في الأمن والدفاع والقضاء، كشفت عن اتهامات بالتخابر والفساد والتستر على اغتيالات، وسط مخاوف من وجود ما قال مراقبون إنه مخطط خطير يستهدف تفكيك الدولة التونسية. وكشف وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، مساء الخميس، عن عزل عسكريين، قال إنهم تخابروا مع مهربين و "إرهابيين" في الجنوب التونسي. من جهته، قال وزير الداخلية التونسي، توفيق شرف الدين، إن مسؤولين أمنيين خانوا الوطن وتواطأوا في تسهيل دخول مخدرات إلى البلاد، فيما كشفت تسريبات منذ يومين، عن تبادل اتهامات خطيرة بخصوص التلاعب بملف الاغتيالات السياسية والتورط في الفساد، بين الوكيل السابق للجمهورية بمحكمة تونس، ورئيس محكمة التعقيب. ورأى المحلل التونسي، الصغير القلعي، أن التصريحات الصادرة عن وزيري الدفاع والأمن، تثبت ما يردده عموم التونسيين بشأن اختراق حركة النهضة الإسلامية لأجهزة الدولة. ورجح القيزاني، في تصريحات ل"إرم نيوز"، أن يكون وزير الدفاع قد أدلى بتلك المعلومات، بناء على تقارير صادرة عن جهاز المخابرات العسكرية، ما يؤكد حديث رئيس الجمهورية، قيس سعيّد في وقت سابق، عما قال إنها "مؤامرات تحاك ضد الوطن". وأضاف القيزاني أن خطورة هذه التصريحات والتسريبات، أنها تمس أخطر ثلاث مؤسسات سيادية، وهي الأمن والقضاء والدفاع، وهو ما يكشف عن وجود مخطط خطير تحركه رغبة أطراف سياسية في ضرب وحدة الدولة وتفكيكها، بحسب تعبيره. بدوره، يرى المحلل السياسي حسن القلعي، أن أجندة حركة النهضة ترمي إلى تفكيك الدولة وإضعاف الجميع، مستندا في ذلك إلى النظام السياسي القائم الذي تعارض النهضة تغييره، والذي يشتت الحكم على الجميع دون تحميل أي طرف المسؤولية عن ذلك. وقال حسن القلعي، في تصريحات ل"إرم نيوز" إن تنفيذ حركة النهضة لمشروعها الذي يرمي إلى تغيير النمط المجتمعي التونسي، يدفعها إلى إضعاف كل المؤسسات قصد السيطرة عليها، والتغطية على التجاوزات التي ترتكبها. واعتبر القلعي أن التسريبات الواردة بشأن تورط بعض الجهات القضائية في قضايا وملفات فساد والتستر على اغتيالات ، علاوة على كونها تكشف تورط الوكيل السابق للجمهورية بمحكمة تونس بشير العكرمي الذي يوصف بأنه "رجل النهضة"، في التستر على حقيقة الاغتيالات السياسية، تفقد عموم التونسيين الثقة في عدالة القضاء، كما تريد حركة النهضة، بحسب تعبيره.
في المقابل، رأى المحلل سرحان الشيخاوي، أن "الحديث عن تورط حركة النهضة في تفكيك مؤسسات الدولة دون تقديم إثباتات يخدمها لإطلاق حملات من التظلم تستفيد منها شعبيا. واعتبر الشيخاوي، في تصريحات ل"إرم نيوز"، أنه من الأجدى أن يناقش مجلس الأمن القومي القضايا ذات الصبغة الأمنية وتفاصيلها الخطيرة، وأن يتعهد المجلس الأعلى للقضاء بما تم تسريبه من اتهامات لأجهزة العدالة، لوضع حد للتأويلات التي تعكر المناخ السياسي. وأضاف الشيخاوي أن إضاعة فرصة إصلاح أهم أجهزة الدولة، وخضوع بعضها للتعيينات السياسية، كانا سببا في مشاركة ألوان سياسية عدة في محاولات اختراق الدولة، لكنه اعتبر أن الدولة التونسية عصية على كل هؤلاء، وفق قوله.
