أضيف مصطلح "التجديد" في الخُطب الرئيسية في أكبر حدث سياسي في الصين لهذا العام، وهو اجتماع الهيئة التشريعية المكونة من ثلاثة آلاف عضو ليلخّص الهدف المهيمن وطويل المدى للحزب الشيوعي الحاكم: بناء الأمة لتصبح قوة عالمية حقيقية تحظى باحترام بقية العالم. ويتشابك هذا الهدف مع هدف آخر وهو الاحتفاظ بالسيطرة على السلطة، حيث يحافظ الحزب على قبضته من خلال فرض رقابة على الفضاء الرقمي، والتحكم في وسائل الإعلام الإخبارية وسجن أولئك الذين يتحدون خطّه علنا. لكنه يحاول جذب الجمهور من خلال تأجيج الاعتزاز الوطني بالنفوذ العالمي المتزايد للبلاد لتبرير استمرار حكمه بعد أكثر من 70 عاما.
بوني غلايزر: بكين تتجه نحو موقع يتمتع بقوة أكبر وهذا يعد تحديا لواشنطن وقال المسؤول الصينى لي زانشو، وهو ثالث أكبر مسؤول في الحزب الشيوعي، "من خلال تمكين الأمة الصينية من اتخاذ خطوة عملاقة أخرى نحو التجديد، حققت اللجنة المركزية (للحزب الشيوعي) نتائج مبهرة يسعد بها شعبنا وستسجل في التاريخ".
وتكرّر مصطلح التجديد مثل المانترا، حتى أنه نُسج في معرض مترامي الأطراف في متحف الفن الوطني بمناسبة عام الثور. وتستحضر مقدمة المعرض الثور الدؤوب وتشيد بزعيم الحزب ورئيس الدولة شي جين بينغ لتعميقه "فهم النضال العظيم للأمة الصينية".
ويُعد هذا المنظور ديناميكية مهمة، حيث يعمل صانعو السياسة في واشنطن وعواصم أخرى على تحديد كيفية التعامل مع صعود الصين والتغيرات العالمية في أعقابها.
ويظل القادة الصينيون عازمين على تطوير اقتصاد أكثر تطورا وجيشا أكثر قوة، وتسريع نمو السوق المحلية وقدرات التكنولوجيا الفائقة في مواجهة التعريفات والقيود الأميركية. ويبحثون عن فرص لإظهار الريادة العالمية، من مواجهة الجائحة إلى تغيّر المناخ. وهم أقل رغبة في الاستجابة إلى دعوات الآخرين في قضايا مثل حقوق الإنسان.
ويعود مصطلح "التجديد" إلى ذروة العصر الإمبراطوري الصيني، عندما كانت البلاد رائدة تكنولوجية وثقافية في آسيا. وضعفت سلالة تشينغ لاحقا في القرن التاسع عشر، وأجبرتها الدول الغربية التي أصبحت أكثر قوة عسكريا على تقديم سلسلة من التنازلات الإقليمية والتجارية.
ودعمت فكرة التجديد نداءات الشيوعيين والثوريين والمصلحين الآخرين في أوائل القرن العشرين. ولكن، مع تنافس القوى المختلفة على السلطة وانزلاق الصين إلى الفوضى، غزت اليابان البلاد واحتلت جزءا كبيرا منها حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وكثيرا ما يستحضر الحزب الشيوعي "قرن الإهانة" هذا في محاولته لجعل الصين قوية مرة أخرى.
وبعد عقود من النمو الاقتصادي السريع، أصبحت بكين أقرب إلى تحقيق هدفها النهائي أكثر من أي وقت مضى. وقال شي في خطاب ألقاه في 2017، "إن الأمة الصينية، التي عانت الكثير منذ بداية العصور الحديثة، حققت تحولا هائلا: لقد نهضت، ونمت، وأصبحت قوية".
Thumbnail لكن السؤال يكمن فيما سيعنيه تجديد شباب الصين لبقية العالم. فهل هو محرك للنمو الاقتصادي العالمي، وأكبر سوق استهلاكي في العالم، ومصدر استثمار للدول الأخرى؟ أم سيكون تهديدا عسكريا وصناعيا من شأنه أن يتنمّر على الجيران الأصغر ويسرق التكنولوجيا؟ وهل سيشجع نجاح الصين بعض الدول الأخرى على احتضان الحكومات الاستبدادية والابتعاد عن الديمقراطية التي تتبناها الولاياتالمتحدة؟
وقالت بوني غلايزر، وهي مديرة مشروع الطاقة الصينية التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الصين تتجه نحو موقع يتمتع بقوة أكبر ونحو ما تعتبره البلاد تفوقا في ميزان القوى العالمي. ويعدّ هذا تحدّيا كبيرا لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقد تفسح المواقف العامة المجال للدبلوماسية، لكن أهداف الصين النهائية (سواء أن تصبح رائدة في مجال التكنولوجيا أو توسّع نفوذها البحري في بحر الصين الجنوبي) لا تتزعزع. وبينما تكافح الولاياتالمتحدة الركود والوباء، تزداد ثقة الصين وقادتها في مسعى لتجديد شبابها.