بدا خيار التدخل الغربي والضربة العسكرية المحتملة إلى سوريا أكثر تأرجحاً، أمس، في ظل تأكيد الأممالمتحدة رفض أي عمل عسكري خارج القانون الدولي، والدعوات إلى انتظار تقرير مفتشي السلاح الكيماوي الأمميين، والمساعي الغربية لتوظيف قمة العشرين في سان بطرسبورغ الروسية لتقريب وجهات النظر، والإعلانات المتناقضة من المشرّعين الأمريكيين حول دعمهم لتدخل بلادهم، وعدم استبعاد فرنسا عرض أمر التدخل للتصويت البرلماني، فيما شغل “الاختبار” الصاروخي الذي أجرته “إسرائيل” والولاياتالمتحدة في البحر المتوسط، وكشفه الرادار الروسي، العالم، وأبرز مخاوف مما يمكن أن يؤدي إليه العمل العسكري، أدت إلى حالة اضطراب وهبوط في بورصات المنطقة . وقال أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون إن استخدام القوة غير قانوني إلا دفاعاً عن النفس أو بتصريح من مجلس الأمن، وأضاف أنه إذا أكد مفتشو الأممالمتحدة استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا فيجب أن يتغلب مجلس الأمن على خلافاته ويتخذ إجراء، وناقش بان كي مون مع أوكا سالستروم رئيس فريق التفتيش على الكيماوي كيفية الإسراع بعملية تحليل العينات، وذكر متحدث أنه تم شحن العينات ومن المقرر أن تصل إلى وجهتها في غضون ساعات بعد أن تم تحديد المختبرات التي ستتولى القيام بهذه المهمة . وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه لا ينوي “حتى الآن” الطلب من البرلمان التصويت على تدخل عسكري محتمل ضد سوريا، وأكد أن فرنسا لا تنوي التدخل وحدها، بعدما كان وزير العلاقات مع البرلمان الآن فيداليس أعلن أن تصويت النواب “ليس موضوعاً محرماً”، فيما دعا مايكل مان المتحدث باسم مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاترين آشتون المجتمع الدولي إلى الانتظار حتى يستكمل محققو الأممالمتحدة تقريرهم، ومن ثم اتخاذ إجراء قوي . والتقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعضاء بارزين في الكونغرس بالبيت الأبيض في إطار حملة لإقناع المجلس بمنح التفويض بعمل عسكري ضد سوريا، وأكد أن خطته ستكون محدودة وتهدف إلى الحد من قدرات النظام السوري، وقال إن “النقطة الأساسية التي أود التأكيد عليها هي أن الخطة العسكرية التي طورتها قيادة الأركان المشتركة متناسقة ومحدودة، ولن تشمل إرسال قوات برية، هذه ليست العراق كما أنها ليست أفغانستان”، وفي إطار حملة الإدارة الأمريكية لنيل موافقة الكونغرس الأمريكي على ضرب سوريا قدم جون كيري وزير الخارجية وتشاك هاغل وزير الدفاع إفادتهما أمام لجنة الشؤون الخارجية حيث لم يستبعد كيري دخول قوات برية لتأمين الترسانة الكيماوية السورية على حد قوله، مؤكداً أن القيام بعمل عسكري هدفه حماية القيم والأمن القومي للولايات للولايات المتحدة، وإلا فإنها ستكون “شاهداً على مذبحة” . وقال هاغل إن استخدام الكيماوي في سوريا تهديد لأمن الولاياتالمتحدة، وإن الأسد هو المسؤول عن استخدامه ضد شعبه، ونحن ندرك التكاليف والمخاطر التي قد تنجم عن الحرب ولكننا ندرك أيضاً أن أمريكا عليها أن تحمي مصالحها . وأكد هاغل أن الضربة ستكون محدودة وفقاً لإطار زمني محدد . وأعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يريد العمل على حل دبلوماسي خلال قمة مجموعة العشرين، وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا أن بلاده تعلق آمالاً كبيرة على القمة، وذكرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أنها ستسعى لإجراء هذه المفاوضات، وأن “ألمانيا لن تشارك في عملية عسكرية” . ودعا رئيس أركان “الجيش السوري الحر” سليم إدريس الكونغرس الأمريكي إلى دعم قرار الرئيس باراك أوباما، توجيه ضربة عسكرية لسوريا، فيما أبدى ائتلاف المعارضة السورية تخوفه من هجوم جديد بالغازات السامة تشنه قوات النظام، وقال المتحدث باسم الائتلاف خالد صالح في مؤتمر صحافي في إسطنبول “لدينا معلومات حديثة تشير إلى تحرك ثلاث قوافل عسكرية تحمل أسلحة كيماوية، ويمكننا أن نؤكد الآن أن اثنتين منها وصلتا إلى جهتهما”، وأوضح أن القافلتين انتشرتا في قرية قريبة من درعا (جنوب) وفي مطار الضمير العسكري في ضواحي العاصمة دمشق . وأضاف “لدينا مخاوف حقيقية بناء على معلومات من مصادر داخلية في الجيش” . وانتقدت روسياالولاياتالمتحدة لإرسالها سفناً حربية بالقرب من سوريا، قائلة إن نشر هذه القطع البحرية سيؤدي إلى تفاقم التوتر، بعدما أعادت البحرية الأمريكية توزيع قطعها تحسباً لضربات عسكرية محتملة، فخفضت إلى أربع عدد المدمرات في شرقي المتوسط، وأرسلت مجموعة جوية بحرية إلى البحر الأحمر، ولم تكشف البحرية عدد صواريخ “توماهوك” التي تنقلها كل سفينة لكن معظم المحللين في شؤون البحرية يقدرون أنها تحمل حوالي 45 صاروخاً . وحذر نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي انطونوف الجهات التي أطلقت الصاروخين بشرق البحر المتوسط من “اللعب بالنار”، مشدداً على أنه من شأن مثل هذه الأعمال أن “تفجر المنطقة”، وقال للصحافيين إن منطقة البحر المتوسط هي برميل بارود، وتكفي شرارة واحدة لإشعال النار التي قد تنتشر لتشمل ليس الدول المجاورة فقط، بل وتقترب من مناطق أخرى في العالم، وأضاف أود أن أعيد إلى الأذهان أن منطقة البحر المتوسط قريبة من حدود روسيا . وأشار انطونوف إلى وجود مجموعة كبيرة من السفن الحربية والغواصات القادرة على حمل صواريخ ذات رؤوس قتالية نووية، وأكد أن الحادث أظهر فاعلية منظومة الإنذار الروسية لرصد الهجمات الصاروخية، قائلاً إن القوات الروسية مستعدة “لأي أعمال في ظل أي ظروف” . وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن التجربة الصاروخية التي أجرتها “إسرائيل” والولاياتالمتحدة في البحر المتوسط، لا علاقة لها بالضربة العسكرية الأمريكية المحتملة ضد سوريا، وكانت وزارة الحرب “الإسرائيلية” أعلنت أن عملية إطلاق الصواريخ التي رصدتها موسكو في البحر المتوسط تندرج في إطار تدريبات عسكرية “إسرائيلية” أمريكية مشتركة، وقالت إنها ووكالة الدفاع الصاروخية الأمريكية أطلقتا بنجاح صاروخ رادار من طراز “أنكور”، وأشارت التقديرات “الإسرائيلية” إلى أن الرادار الروسي ربما رصد إطلاق الصاروخين، “أنكور” والصاروخ المعترض، وثارت موجة تصريحات تراوحت بين تأكيد أن الأمر “اختبار”، وبين نفي تعرض سوريا لضربة . وأعلنت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين في جنيف، أن عدد السوريين الذين فروا من منازلهم خلال الصراع ارتفع إلى 25 .6 مليون شخص، مشيرة إلى أن ذلك يشكل أكبر مجموعة من اللاجئين في أي بلد حول العالم، وذكرت أن عدد اللاجئين في الخارج تجاوز مليوني شخص، بزيادة أكثر من 8 .1 مليون شخص على مدار ال 12 شهراً الماضية، فيما فر 25 .4 مليون سوري من منازلهم إلى أماكن أكثر أمناً داخل البلاد مع أواخر أغسطس/ آب .