البيان الذي اعتمدته 11 دولة أعضاء في مجموعة العشرين، أمس، وحمّل مسؤولية استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق في 21 أغسطس/ آب الماضي، للنظام السوري، ثبّت حالة الانقسام التي خيّمت على أجواء قمة المجموعة بين مؤيد ومعارض لرد عسكري، إلى جانب تصاعد المواجهة بين الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين اللذين اجتمعا على هامش القمة، وخرج كل منهما متمسكاً برأيه، ودخول رئيس الوزراء البريطاني على خط الاستقطاب الحاد، بانتقاده موسكو بشدة، وتأكيد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن بلاده ستعمل على تشكيل حلف لتوجيه الضربة إلى سوريا، وإن قرن ذلك بانتظار نتائج تحقيق مفتشي الكيماوي الأمميين، وقرار الكونغرس الأمريكي، الذي ألمح أوباما إلى إمكانية أن يأتي سلبياً، وأكدت دائرته المقربة أنه لن يتحرك من دون موافقة المشرّعين وقال إنه سيخاطب الشعب الأمريكي يوم الثلاثاء المقبل . وأعلن بيان للبيت الأبيض أن استراليا، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا الجنوبية، والسعودية، وإسبانيا، وتركيا، وبريطانيا، والولاياتالمتحدة، دانت الهجوم الكيماوي الذي شهدته سوريا في 21 أغسطس/ آب الماضي، وحملت مسؤوليته للنظام السوري، ودعت إلى رد دولي قوي، ودعا بيان لها صدر في ختام قمة سان بطرسبرغ الروسية إلى "رد دولي قوي" . وفي مواجهة إصرار روسيا على موقفها من رفض تدخل عسكري، ضاعفت الولاياتالمتحدة انتقاداتها لموسكو التي حذرت واشنطن من ضرب المواقع الكيماوية، وتصاعد التوتر بين البلدين، واستؤنف بعد هدوء لم يستغرق أكثر من بضع ثوان خلال المصافحة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما الذي أكد أن العالم لا يمكن أن يقف متفرجاً إزاء الوضع، وأعلن أنه سيتحدث إلى الشعب الأمريكي في هذا الشأن الثلاثاء، وأعلن الرئيس الروسي بعد لقاء مع أوباما أن كلا منهما "بقي على موقفه"، وقال إن المباحثات استمرت بين "20 و30 دقيقة وبقي كل منا على موقفه" . وشرح أوباما وجهة نظره بشأن سوريا خلال محادثات أجراها مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وأشاد بالتزام فرنسا القيام "برد دولي قوي"، وقال إثر لقاء جمعه بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند "أقدر كثيراً التزام الرئيس هولاند رداً دولياً قوياً على هذه الأعمال الوحشية"، مشيراً إلى أن التدخل الذي يسعى إلى القيام به سيكون "محدوداً" ويرمي إلى "الردع عن استخدام أسلحة كيماوية" . من جهته، أكد هولاند أنه "في ما يتعلق بسوريا لدينا المبادئ نفسها"، وقال "نحن مرتبطون أحدنا بالآخر لتحمل مسؤولياتنا لأن الأمر يتعلق بانتهاك لقانون دولي"، وأشار إلى أن نشر مفتشي الأممالمتحدة تقريرهم بشأن الهجوم "سيكون عنصرا إضافياً لتأكيد موقفنا"، وأضاف "لكن منذ الآن علينا تشكيل أكبر ائتلاف ممكن لاتخاذ القرارات، بما فيها الذهاب نحو الحل السياسي" . وأعلن الرئيس الروسي أن استخدام القوة ضد دولة ذات سيادة محظور في القانون الدولي من دون تفويض من مجلس الأمن، وقال في ختام قمة العشرين إن "روسيا ستساعد سوريا في حال تعرضها لضربة عسكرية"، وأضاف "سنواصل تقديم المساعدات، بينها الأسلحة، لسوريا"، وجدد اتهام المعارضة باستخدام السلاح الكيماوي، وحذر من أن الولاياتالمتحدة ستضع نفسها خارج القانون في حال تنفيذها عملية عسكرية . وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده لن تشارك في أي عملية عسكرية، غير أنه لم يستبعد أن تبدأ العملية من دون موافقة مجلس الأمن، وقال في ختام القمة إن من الصعب إقناع بوتين، أن الرئيس السوري بشار الأسد يتحمل مسؤولية استخدام السلاح الكيماوي، وذكر أن انتظار موافقة مجلس الأمن هي "عقيدة خطيرة"، وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن زعماء مجموعة العشرين اتفقوا على أن الأسلحة الكيماوية استخدمت في سوريا، لكنهم مختلفون بشأن من الذي استخدمها، وأضاف أنه سيسعى لبناء تحالف من دول عدة، من أجل تدخل كهذا إذا تعذر التوصل إلى اتفاق بشأن التحرك في مجلس الأمن، وأعلن أن باريس ستنتظر تقرير خبراء الأممالمتحدة وقرار الكونغرس الأمريكي قبل الرد على استخدام السلاح الكيماوي . واعتبر الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي أن الهجوم الكيماوي الذي وقع في الغوطة بريف دمشق يعرقل جهود عقد مؤتمر "جنيف 2"، وأكد أن القانون الدولي ينص بوضوح على ضرورة الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي قبل شن أية عملية عسكرية . وكان أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون ذكر أن العينات التي جمعها المحققون الدوليون في سوريا يجري تحليلها في أربعة معامل في أوروبا، وإن العلماء يعملون على مدار الساعة لضمان سرعة إعلان النتائج مع احترام أعلى المعايير المهنية . وقررت الولاياتالمتحدة سحب موظفيها غير الأساسيين من قنصليتها في أضنة التركية، وسفارتها في بيروت، ودعت رعاياها إلى عدم السفر إلى البلدين، والموجودين فيهما إلى المغادرة، فيما عززت تركيا عسكرياً على الحدود مع سوريا، وتواترت الأنباء عن قرب توجه مدمرة روسية جديدة إلى منطقة شرق المتوسط . على الأرض، بث ناشطون سوريون صورا لإسقاط مقاتلة حربية في محافظة إدلب، (شمال غرب)، وقالوا إن المعارضة تمكنت من إصابة طائرة مقاتلة فوق منطقة "جبل الزاوية" قبل أن تسقط في قرية "محنبل"، فيما تواصل القصف العنيف في أكثر من منطقة وسقط المزيد من الضحايا، وتضاربت التصريحات حول أحداث قرية معلولا، التي اقتحمها مقاتلو "جبهة النصرة"، والذين أعلن أكثر من مصدر أنهم اعتدوا على كنيسة فيها، وفككوا تمثالاً تاريخياً للعذراء عن أحد تلالها . )