عقد الحوثيون لقاءاً طارئا دعا له زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطاب مطول، يحضره الشعب، في صالة 22 مايو بالعاصمة صنعاء، لكن شاشة "المسيرة" قالت أن من حضر هم فصيل واحد من الشعب يطلقون "الصرخة" بعد كل كلمة ضيف، ويقاطعون كلمة "محمد القيرعي" لأنه قادم من فئة المهمشين، وعقب ثلاثة أيام من الانعقاد الدائم والنقاش المكثف الذي كان من المفترض أن يناقش أزمة اللحظة والمتمثلة في "الفراغ الرئاسي" والحكومي، خرج مؤتمر الحوثيون ببيان من تسع نقاط ، كلها بعيدة عن جوهر المشكلة وتكشف عن استمرار لعب دور "التعطيل" كمهمة حقيقية لهم، إذ لم يتم تقديم أي رؤية واقعية لحل الأزمة سوى التلويح بتهديدات تزيد من تعقيد الأزمة. تعطيل منذ النشأة في 24 من نوفمبر 2011م، كانت الأنظار مشدودة نحو قاعات القصر الملكي بالرياض؛ يتابعون لحظات توقيع المبادرة الخليجية، طمعاً في الخروج إلى الحل وإنقاذ اليمن من "النفق المظلم"، وفي تلك الأثناء كانت مجموعات "شباب الصمود" تموج في ساحات التغيير ، تدعو لرفض أي اتفاق، حيث شهدت تلك الليلة أسخن المعارك للسيطرة على منصة ساحة التغيير بجامعة صنعاء، والدفع بالمعتصمين إلى منافذها بغية التظاهر والاحتجاج -في الظاهر- على بيع دماء الشهداء وأن التوقيع "خيانة" للثورة ومصافحة "للسفاح"، واستغلال حالة الضيق والوجوم لدى شريحة عريضة من شباب الثورة والخروج في مسيرات بالتحديد من شارع الزراعة وفي نفس الشارع كانت مجموعات مسلحة منتشرة لإحداث مجزرة تحول دون التوقيع ذاك، من يومها بدأ المشوار الفعلي لجماعة الحوثي في تنفيذ "مهمة التعطيل" لكل اتفاق، من رفض المبادرة والعزف عليها فترة ،ورفض كل خطواتها ، وبدأ الشعب في انتخاب الرئيس تنفيذاً للمبادرة، فأعلنوا رفضهم لهذه الخطوة، وفتحوا مراكز الاقتراع في صعدة، ثم أعلنوا رفضهم لحكومة الوفاق الوطني وأطلقوا عليها "حكومة النفاق" وكانت حناجرهم تصدح في كل مظاهر لهم بشعار "يا حكومة نص نص واحد سارق وواحد لص"، في ذات الوقت الذي يمثلهم فيها الوزير الشاب حسن شرف الدين، بعدها جاءت محطة مؤتمر الحوار الوطني فشاركوا في كل مراحله ابتداء من اللجنة الفنية بأمل الباشا وصولا إلى تمثيلهم ب 35 عضواً في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، ومع تواجدهم في هاتين المرحلتين -الحكومة والحوار- فقد قضوا كل فترتهم في -الاضرابات وتنفيذ وقفات الاحتجاج- رغم استمرارهم ، وهو ما ينبئ بوضوح عن طبيعة الدور الذي تمارسه جماعة الحوثي والمهمة المطلوبة منها أصلاً . وبالنظر إلى السيرة الذاتية للجماعة تجد ان أبرز ما يميزها هو "نقض الاتفاقات" والهروب إلى مسابقة الخصوم بكيل الاتهامات وإطلاقها جزافاً لهم، في حين أنه هدفهم الحقيقي ومقصدهم الأول تعطيل الاتفاقات, ولا يجدون حرجاً من تناقضهم الفجّ بين أفعالهم وصرختهم، حيث خرج بيانهم الأخير المخصص لحل "الفراغ الرئاسي"، يتحدث في تسع نقاط عن الحرب ضد التكفيريين ونقطة واحدة لا رؤية فيها من قبلهم بل حديث عابر وتهديد مزمن بثلاثة أيام. معول هدم.. يخرج الحوثيون كل مرة بشعارات رنانة مصحوبة بضجيج إعلامي ضد هدف ما، يحشدون لإصلاح في الظاهر لإصلاح شيء، لكن سرعان ما يجد الشعب أنفسهم قد فقدوا ما كان عليلاً في نظر الحوثي، بعد ان قتلوه، كانت ثورة "21 سبتمبر" كما يزعم الحوثي لإسقاط الحكومة الفاسدة حسب نظرهم، لكنهم أسقطوا جهاز الدولة ، وكانت ثورتهم ضد الجرعة، فوجد الشعب نفسه بلا مرتبات ولا غاز ولا مشتقات نفطية، ولا اقتصاد، وكانت ثورتهم لتنفيذ مخرجات الحوار وهم الآن في مهمة تفكيك كل هيئات الحوار التي دفع الشعب اليمني ثمن تلك المرحلة من دمه وكرامته ولقمة العيش، ووقعوا اتفاق السلم والشراكة ثم وجدوا أنفسهم والشعب بلا سلم ولا شراكة, وهاهم الآن في مهمة قتل الإطار الأخير وكتم آخر نفس في رئة الدولة ، بتعطيل وصول الحل إلى صيغة لشغل منصب الرئيس. مأزق الحوثيين في حديث للباحث والمحلل السيياسي عبد الناصر المودع أكد أن الحوثيون أوقعوا أنفسهم في مأزق حقيقي «لو كانوا قادرين على أن يتخذوا خطوة بديلة لاتخذوها ولم يحتاجوا أن يطلبوا من القوى السياسية أن تقدم حلول». وأوضح أن الحوثيين في أزمة مثل الدولة، وهم من وضع البلد في هذا المأزق، لافتاً إلى أنهم يعتقدون أن الآخرين سيقدمون لهم حبل النجاة وسيخرجونهم من هذا المأزق. وأضاف: «لا أعتقد أن هناك قوى سياسية واعية ستقدم على أن تخرج الحوثيين من المأزق لأن جميع القوى بما فيها المؤتمر لا تريد أن تخرجهم من هذا المأزق هم وضعوا أنفسهم وأصبحت هناك عقدة محكمة لا نعرف كيف سيتم الخروج من هذه العقدة وليس الأزمة اليمنية لأنه أي خروج من هذه العقدة هو فقط سيكون ترحيل للأزمة وليس حلا لها». وأوضح المودع في مقابلة مع فضائية "الحدث" أن الحوثي سيصر على موقفه في الهروب إلى الأمام وسيدخل في مأزق جديد وأزمة جديدة، مضيفاً: «لو شكل الحوثي مجلس رئاسي خاص به هذا المجلس لن يحصل على اعتراف داخلي أو خارجي وبالتالي ستولد حكومة غير شرعية ستزيد الأمور تعقيداً أكثر مما هي معقدة الآن». من الهامش في مؤتمر الحوثيون كانت الصرخة تتوالى بعد كل فقرة وأخرى، وظهر المتحدثون كلٌ في واد ، حيث تحدث صالح الصماد عن أسرار خطيرة سيكشفها وأنها ستأتي بالتقسيط، فبدأ بأول سر كشفه ، أن الحكومة السابقة رفضت اعتماد السبت عطلة لعيد المولد النبوي، ثم كتبه في صفحته على فيس بوك، أشبه باللغز أما السر الثاني الذي كشفه صالح الصماد "المستشار المعلّق" فإنه لم يكشفه بعد، رغم انه اعلن عن كشف سرّين! عبده بشر بدا يتحدث بحديث أكبر من الحاضرين ، لم يكن يجد من يصرخ بعد حديثه لأن كلمته حظيت ببعض مفردات "الدولة المدنية، الحقوق والحريات، الشراكة، دولة المؤسسات" ثم لما وجد خمول الحضور ذكر لهم اسم عبد الملك الحوثي فكانوا يفيقون من عفوتهم وهتفوا بالصرخة مدوية، وهي ذات الحركة التي استخدمها المتحدث باسم المهمشين "محمد القيرعي" حيث لقيت كلمته الكثير من المقاطعات على الهواء مباشرة، وحين ازداد الضغط عليه ليصمت هتف القيرعي باسم عبد الملك الحوثي فدوت الصرخة وسمحوا له باكمال الحديث، لقد أعلن القيرعي أن فئة المهمشين تعلن انضمامها "لأنصار الله" ليضفي شرعية ليست مقبولة في معايير الحوثيين أصلاً، فكان الرد سريعاً من " نعمان الحذيفي" عضو مؤتمر الحوار عن فئة المهمشين، يعتبر ما اعلنه "محمد القيرعي " لا يمثل الا نفسه. وقال "الحذيفي : إننا في الوقت الذي سبق وأن أكدنا فيه التزامنا في الإتحاد الوطني بإعتباره الإطار القانوني المعني بتمثيل المهمشين عن التزامنا الحياد والبقاء على مسافه واحده مع كافة القوي السياسية والدينية . وبهذا يتجرد الحوثيون من أي غطاء شعبي ولو كانوا فئة المهمشين حسب توصيف الناس لهم. البيان.. المرور السريع كان من المتوقع أن يخرج بيان الحوثيين بحديث مكثف عن أزمة اللحظة ، لكنه تجاهل الوضع الذي يعشه الشعب اليمني والذي صنعوه بأيديهم تحدث في تسع نقاط لم يكن نصيب أزمة الرئاسة منها سوى ثلاثة أيام تهديد كسعي حثيث لتصعيد الأزمة، وتضمن البيان تكرار الحديث عن "التكفيريين" والحرب ضد الإرهاب في كشف صريح عن المهمة التي سيقوم بها الحوثي في هذه المرحلة الراهنة والتي تأتي بالتزامن مع الحملة الدولية ضد ما يسمى ب "داعش" ، وهذا يأتي متزامنا مع الأخبار والمعلومات والتقارير التي نشرتها صحف ومواقع أمريكية، حيث أشارت مجلة "فورين بوليسي" إلى أن الحوثيون ينفذون مهمة الحرب على القاعدة بالشراكة المخابرات الأمريكية, وفي مقابلة مع فضائية الجزيرة، اعترف محمد العماد المتحدث باسم الجماعة أنهم "حققوا في سنة ما لم تحققه أمريكا خلال عشر سنوات"، وأن أمريكا لن تجازف في معركتها ضدهم, وبالعودة إلى التغطيات الإعلامية المرافقة للمهرجان المنعقد تجد أبرز المانشتات والعناوين تتحدث عن "القاعدة في مأرب" لتفصح عن طبيعة المهمة القادمة.