تباينت ردود الفعل عقب المناظرة التي جمعت أمس بين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والسيد عمرو موسى مرشحي الرئاسة المصرية. فبينما اهتمت صحيفة "نيويورك تايمز" من جانبها، بالاشتباك بين موسى وأبو الفتوح، وقالت إنهما وجها لبعضهما البعض انتقادات لاذعة حول تاريخهما السياسي، وتجادلا حول دور الدين في الحياة العامة، ورأت الصحيفة أن موسى كان أكثر ثقة وإن كان أكثر عنفاً من أبو الفتوح، لكن أياً منهما لم يوجه ضربة قاضية مع تحول النقاش مراراً إلى السؤال المستقطب حول دور الإسلام في الحكم. وتابعت الصحيفة قائلة إن موسى سعى مراراً إلى "دق إسفين" في التحالف غير المرجح بين الليبراليين والإسلاميين المعتدلين والسلفيين الذى يعتمد عليه أبو الفتوح، واتهمه موسى بأنه يستخدم لغة مزدوجة، وقال إنه سلفي مع السلفيين ووسطى مع الوسطيين وليبرالي مع الليبراليين، وهو ما يثير التساؤلات، في حين حاول أبو الفتوح التعبير عن فهم الشريعة الإسلامية التي تؤكد على الحريات الفردية والعدالة الاجتماعية. وقالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية على هذه المناظرة، إنها لم تكن أمراً يمكن التفكير به في ظل عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وأضافت أن المصريين تجمعوا في غرف المعيشة بمنازلهم وبالمقاهي للاحتفال لحدث فريد من نوعه في ملحمتهم السياسية المضطربة نحو الديمقراطية وهو تلك المناظرة. ورصدت الصحيفة الاشتباك بين موسى وأبو الفتوح في المناظرة التي كانت درباً من الخيال في حكم مبارك، على حد قولها. وقالت إن المشهد كان لحظة نادرة في منطقة شهدت ثورات عربية. ولفتت الصحيفة إلى أن المناظرة لم تخل من الطابع المصري مع تأخر وصول عبد المنعم أبو الفتوح إلى الاستوديو بسبب الزحام المرورى في القاهرة، مما أدى إلى طول الفترة الإعلانية ونقاش طويل للمحللين. وأشارت الصحيفة إلى أن محمد مرسى، مرشح حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين قد غاب عن هذه المناظرة بعد أن حل ثالثاً أو رابعاً في السباق الرئاسي، وخرج من دائرة الضوء بعد أن قرر منظمو المناظرة اختيار أعلى مرشحين فقط بين الثلاثة عشر مرشحاً في الانتخابات الرئاسية. فيما أذاع التلفزيون الإسرائيلي تقريراً له نشره عبر موقعه على الإنترنت، أوضح فيه أن التصريحات التي أدلى بها عبد المنعم أبو الفتوح -المرشح للرئاسة- مخيفة لإسرائيل؛ نظراً لوصفه إسرائيل بالدولة العدو. وأوضح التلفزيون عبر موقعه على الإنترنت اليوم (الجمعة) أن مطالبة أبو الفتوح بإعادة النظر في اتفاقية السلام مع إسرائيل كل 5 سنوات أمر مثير للخوف والاضطراب والقلق. مضيفاً أن طلب أبو الفتوح بأن ينظر البرلمان في أمر المعاهدة يثير القلق؛ لأن غالبية أعضاء البرلمان إخوان مسلمون أو من حزب النور السلفي المتشدد؛ حسب وصف التقرير. في الوقت نفسه أشار التلفزيون إلى حكمة عمرو موسى -المرشح الرئاسي- وتصريحه بأن الاتفاقية مع إسرائيل ستظل سارية، مشيدة بذكائه في الإجابة عن سؤال ما إن كان يعتبر إسرائيل عدوا، ورؤيته أن مصر لا تريد الصدام حالياً مع إسرائيل، وتصريح موسى: "نحن غير مستعدين، ولا بد من إعادة النظر في بعض الاتفاقيات الموجودة". وفي نهايته أشاد التقرير بالمناظرة ودخول المصريين عصر الانتخابات الرئاسية الديمقراطية، مؤكداً أن المصريين لم يختاروا رئيسهم من قبل على مدار التاريخ. وحول رأي عمرو موسى نفسه في المناظرة أكد موسى أنه يشعر بالارتياح بعد المناظرة التي تمت بينه وبين المرشح الرئاسي الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح مساء أمس الخميس، مشيراً إلى أنه وضع كثيراً من النقط فوق الحروف وفقاً لما نقلته جريدة اليوم السابع المصرية. من جانبها قالت باولا روزاز، مراسلة صحيفة إيه بي سي الإسبانية في مصر، إن المواجهة بين عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح أمس، كانت ناجحة إلى حد كبير، كما أنها كانت مثيرة، وجعلت المصريين يشعرون بالفخر في أول مناظرة مناقشة حول الانتخابات في تاريخ مصر. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن هذه المناقشة لن تغير نوايا التصويت لمعظم الناخبين، إلا أنها تعتبر تاريخية، وتشير إلى أول خطوات التغيير في مصر ولمحة عن الديمقراطية في الفترة الانتقالية الصعبة، والطويلة التي تمر بها مصر بعد ثورة يناير التي مر عليها أكثر من عام. وقالت باولا "منظر انتظار المصريين لهذه المواجهة، وتجمعهم حول الشاشات التلفزيونية في الشوارع ذكرني بالمباريات النهائية المهمة لكرة القدم، حيث اكتظ المصريون على المقاهي لمشاهدة هذه المباراة وسط صيحات التهليل للمرشحين"، مضيفة "أنا لا أحب أي منهما، ولكن هذا النقاش يبدو أساسياً بالنسبة لي، وأعتقد أنها خطوة صغيرة ولكنها مهمة لخلق مجتمع ديمقراطي تدريجياً". وترى باولا أنه على الرغم من أن كلا من عمرو موسى وأبو الفتوح تحدثا عن مشاكل البلاد والفقر، إلا أنهما كانا بعيدين عن الشعور الحقيقي الذى ينتاب الشعب المصري، مشيرة إلى أن موسى كان متعجرفاً ونضالياً في هذه المناقشة كما هو حال السياسة في مصر، أما أبو الفتوح فكان أكثر وضوحا وتأثيرا، كما أنه أكثر عقلانية، حيث إنه تجنب هجمات الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية. وأشارت باولا إلى أنه بعد هذه المناقشة أصبح التنافس قوياً بين موسى وأبو الفتوح، وزادت فرصة كليهما في الفوز في الانتخابات، في حين ضعفت فرصة مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسى في الفوز، موضحة أن المناظرة انتهت دون فائز واضح، ولكنها أظهرت اتجاه الطرفين في حملاتهم الانتخابية. وأوضحت باولا أن إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر من المقرر أن تكون في 23 و24 مايو الجاري، لافتة إلى أنه حتى الآن لم يتضح رئيس معين أو واضح. ورأت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إنه على الرغم من أن ليلة الجمعة هي بداية نهاية الأسبوع في مصر، ويعتاد الناس فيها الخروج والاستمتاع، إلا أن الكثير من المصريين اختاروا بدلا من ذلك البقاء في المنزل أو الاتجاه إلى المقاهي لمشاهدة المناظرة التي دامت أربع ساعات بما فيها فترة الإعلانات التجارية. وأشارت بي بي سي في تقرير صاحبته بصورة لرواد أحد المقاهي وهم يشاهدون تلك المناظرة، إلا أن الأسئلة التي شملتها المناظرة تطرقت إلى التعليم والصحة والبطالة، لكن مسألة هوية مصر هي التي هيمنت عليها، وتحدى الرجلان بعضهما البعض مرارا حول الإسلام السياسي والصلة بالحكم السابق. ونقلت الإذاعة البريطانية عن أحد مشاهدي المناظرة قوله إنه لم يتوقع أن تكون بتلك السخونة، وأن تلفت انتباهه بهذا الشكل، وأضاف قائلا: هذا شيء جديد للغاية بالنسبة لي، وهذه خطوة أخرى نحو التغيير في مصر، وذكرت بي بي سي بأن الوزراء في مصر في الماضي كانوا يظهرون أحيانا في بعض برامج التوك شو الليلية على أن يتم التعامل معهم من قبل مقدمي تلك البرامج بحذر شديد. من جانبها، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن ملايين المصريين بالأمس شاهدوا تلك المناظرة، في الوقت الذى يرقد فيه الرئيس السابق حسني مبارك على سرير بمشفاه في انتظار الحكم عليه في الشهر المقبل، وأضافت أنه على الرغم من وجود 13 مرشحا في الانتخابات إلا أن كلا من موسى وأبو الفتوح كانا الأوفر حظا في استطلاعات الرأي. واستعرضت الصحيفة أهم محاور المناظرة والتي تطرقت إلى التعليم والصحة وشكل الدولة والأمن ودور الشريعة في الدستور والعلاقات مع إسرائيل. وانتقدت الصحيفة كثرة الإعلانات التجارية التي تخللت المناظرة، وقالت إنها جعلتها أشبه بالمباراة النهائية في بطولة كرة القدم الأميركية، وتعرضت لانتقادات بأنها محاولة لجني الأموال أكثر من كونها مناسبة تاريخية. كما انتقدت الصحيفة خطأ حدث في المناظرة، وقالت إنه بينما كان مقدما البرنامج يناقشان المناظرات في الولاياتالمتحدة وأوروبا ويتحدثان عن واحدة بين جو بايدن وسارة بالين عام 2008، عرضت صورة لتينا فاى تجسد شخصية بالين في أحد البرامج التلفزيونية الساخرة.