مجلة فورين بوليسي - جيمس تراوب -ترجمة مهدي الحسني الأسبوع الماضي كتبت عن "طيْرَنة" السياسة الامريكية المتصاعدة نحو اليمن، و شككت في الاعتقاد بأن الهجمات بطائرات من دون طيار لن تثير رد الفعل العنيف الذي قد ينتج عن شكل اخر من التدخل العسكري الأقل استهدافا. و في أفضل حالاتها، تمثل الطائرات بدون طيار أداة سياسة، و ليست سياسة بحد ذاتها. منتقدو استراتيجية مكافحة الإرهاب الناشئة التي تنتهجها إدارة أوباما في اليمن و مناطق أخرى، يعتقدون أن الولاياتالمتحدة بحاجة إلى عدد أقل من الطائرات من دون طيار، و المزيد من الأشياء الأخرى. سؤالنا لهذا الاسبوع هو: ما هي هذه الاشياء الاخرى؟ إنه سؤال عاجل جدا، حيث تقف اليمن الان على خط المواجهة الاول في الحرب على الارهاب. جون برينان، مستشار البيت الابيض لشؤون مكافحة الارهاب، قال أن لدى القاعدة في شبه الجزيرة العربية و التي مقرها اليمن، لديها اكثر من 1000 عضو، و أنها أكثر فروع القاعدة نشاطا من حيث العمليات التي تنفذها. محاولة التفجير من خلال زرع قنبلة الملابس الداخلية عام 2010، انطلقت من اليمن، و كذلك محاولة الشهر الماضي، التي أحبطها عميل سعودي مزدوج، و ذلك من خلال زرع قنبلة لا يمكن كشفها على متن إحدى الطائرات. في الأشهر القليلة الماضية، قامت القاعدة في شبه الجزيرة العربية بطرد القوات الحكومية، لتنشأ دويلة في جنوب اليمن، و لتوفر لها بذلك مساحة أكبر لعملياتها تفوق بذلك مساحة منطقة الحدود الافغانية الباكستانية. من مفاتن الطائرات من دون طيار أنها تؤدي في معظم الأحيان العمل الذي يوكل اليها - قتل الارهابيين. و تؤدي ذلك بسرعة فائقة. و هذه بالضبط وجهة النظر التي يسعى إلى توضيحها منتقدو إدارة أوباما. جريجوري جونسن، الخبير في الشأن اليمني، و يكتب في مدونة واق الواق على الانترنت، يشكو أن الادارة الامريكية أصبحت تعتمد على "حلول سريعة و بسيطة لليمن" عوضا عن تلك التي تتطلب وقت و جهد أكبر. جونسن و الآخرين يعتقدون أنه يجب على الادارة الامريكية أن تعطي أولوية أكبر لعملية التنمية الاقتصادية البطيئة و المملة، بالاضافة الى المشاركة السياسية و التي تشمل المعارضة اليمنية. "على الولاياتالمتحدة أن تركز بشكل أكبر على الأسباب الجذرية للارهاب، بدلا من التركيز على نتائجه"، كما يقول الباحث في مؤسسة امريكا الجديدة، باراك بارفي في حديث ادلى به مؤخرا لشبكة سي ان ان. إن الاسباب الجذرية للارهاب ليست واضحة ضمناً، لكن من الواضح أن الارهابيين يسعون الى استغلال المساحات الفارغة التي خلفتها الحكومات الضعيفة و غير الفعالة. و بالتالي فان الحل طويل الاجل امام نمو الارهاب في مناطق مثل اليمن، يكمن في مساعدة الدولة لتصبح اكثر فاعلية و شرعية. لقد قبل رؤساء امريكا هذه الفرضية منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر. في حفل تنصيبه الثاني، اعلن جورج بوش ان نشر الديمقراطية في العالم الاسلامي، هو في صميم مصلحة الامن القومي للولايات المتحدة. اما باراك اوباما، عندما كان مرشحا للرئاسة، قال ان على الولاياتالمتحدة ان لا تركز كثيرا على الانتخابات في الدول الهشة، و ان تولى اهتمامها لتعزيز التنمية الاقتصادية و قدرات الحكومة. إن استراتيجية مكافحة التمرد التي اعتمدتها في أفغانستان، احتوت كثيرا على المكون المدني الذي صمم لهذا الغرض. و من الانصاف القول أن إدارة أوباما لم تبدِ التزامها بعملية بناء الدولة في اليمن. المساعدة المدنية الامريكية خصصت فقط 39 مليون دولار للتنمية، او ما يعادل ما يربو قليلا عن 1.50 دولار أمريكي لكل مواطن يمني من أصل 24 مليون نسمة. هذه بلاد تاتي في المرتبة 154 في مؤشر التنمية البشرية للامم المتحدة، حيث الاسر في حاجة ماسة لمياه الشرب النظيفة و الكهرباء و الوقود، بالاضافة الى مواد اساسية اخرى. اين الحل طويل الاجل اذن؟ إن تجربة أفغانسان وهاييتي و العديد من الدول الاخرى، أظهرت أنه من الصعب إنفاق مبالغ كبيرة بشكل فعال على دول ليس للحكومة فيها تواجد يذكر خارج بعض المدن الرئيسية. و بعد سنوات من الجهود و مليارات من الدولارات، ما تزال الحكومة الأفغانية فاسدة للغاية و ضعيفة جداً و ليست شرعية تماما. اليمن أكثر تطورا من أفغانستان، لكن 33 عاما من حكم الرئيس علي عبدالله صالح، الذي اتسم بالشخصنة و الفساد الشديد، كانت كفيلة باضعاف مؤسسات الدولة، و حولت معظم الاقتصاد الى شبكة محسوبية. ان القيمة الهامشية لاي دولارات اضافية، قد تنخفض بسرعة كبيرة. و ماذا عن الشرعية الديمقراطية؟ المقال الذي نشر مؤخراً في مجلة فورين بوليسي، زعم أنه من خلال ازدراءه لنجاحات الحركة الشبابية التي نزلت إلى الشوارع في نسختها اليمنية من الربيع العربي، فإن البيت الابيض يكون بذلك قد انهى "أي أمل في ثورة ديمقراطية حقيقية"، و بالتالي "يمن مستقر و أكثر مرونة". توقع كاتب المقال أن يرتمي المزيد من الشباب الساخطين، في أحضان القاعدة في شبه الجزيرة العربية. ذلك امر ممكن، لكن نفس النقاش دار حول الغارات بطائرات من دون طيار، و حتى الآن لا يوجد أي دليل كافي علي صحة أي من الجبهتين. لا يبدو أن هناك الكثير من اليمنيين ممن يشاركون مقاتلي القاعدة من الأجانب أفكارهم، مقارنة بالباكستانيين الذين يؤيدون طالبان أبناء الارض.