يقول شباب الثورة أنهم ماضون في تحقيق أهداف ثورتهم السلمية ويؤكدون في كل مرة موقفهم الثابت عبر الهتافات الثورية وإخراج المسيرات وأسماء الجمع والتي غالبا ما تتبنى المطلب الثوري (الهيكلة قبل الحوار) وفي هذا الجانب تقر جميع القوى السياسية بأهمية توحيد الجيش تحت قيادة واحدة وعلاقتها بأمن واستقرار الوطن من جهة، وتنفيذ نتائج الحوار الوطني من جهة أخرى وفي نفس السياق تؤكد حكومة الوفاق حاجتها إلى جيش موحد يحفظ الأمن ويحقق الاستقرار ويزيد من حجم الفوائد العائدة على الاقتصاد الوطني من الاستثمارات الخارجية والسياحة.. ورغم توافق الآراء والإجماع بأهمية هيكلة الجيش بين مختلف القوى الوطنية، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا كل هذا التأخر في إصدار قرارات تكون كفيلة بتوحيد الجيش رغم كل هذا الإجماع؟!!. في هذا الاستطلاع تحدث صحفيون وكتاب عن ضرورة هيكلة الجيش، وانعكاسات انقسامه على نتائج الحوار الوطني المزمع عقدة نهاية العام الجاري.
أي حوار قبل الهيكلة محكوم علية بالفشل مسبقا الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية نبيل البكيري أعتبر أي حوار بدون خطوات واضحة لمسألة هيكلة الجيش، سيكون محكوم عليه بالفشل مقدماً, مضيفا أن تجربة وثيقة العهد والاتفاق في عام 1993م خير شاهد على ذلك. ولإثبات تلك الأهمية التي يوليها هيكلة الجيش بالنسبة لإنجاح الحوار طرح الباحث البكيري عدد من الأسباب. أولا كون الجيش هو الحامي الحقيقي والضامن لإنجاح أي حوار وطني وتنفيذ بنوده وآلياته، وهذا الشيء غير متأتي في حالة جيش منقسم على نفسه ومتعدد الولائات. ثانياً: هيكلة الجيش هي عملية طويلة و متعددة المراحل ولكن أولى خطواتها يجب أن تتم من خلال استبدال القيادات الحالية بقيادات مهنية وطنية غير محسوبة على أي من أطراف الصراع و التنافس الحالي. ثالثاً: نتائج الحوار يجب أن تكون من خلال نقاط واضحة ومحددة بآلياتها التنفيذية والتي لا أعتقد أن أحد يستطيع تنفيذها وهو ذاته لا يمتلك أي ضمان سيادي كالجيش الموحد والوطني لتحقيق تلك الأهداف والنتائج للحوار. وأختتم الباحث نبيل البكيري حديثه أن أي خطوات باتجاه الحوار دون مسألة تغيير القيادات الحالية للجيش وخاصة تلك التي لا زالت محسوبة على العهد السابق والأسرة الحاكمة سيكون مصيره الفشل لا محالة.
هيكلة الجيش القضية الأكثر استحقاقا الكاتب فتحي أبو النصر على صفحته بالفيسبوك قال إن استمرار الجيش منقسماً ومنهكاً وبإدارة فاسدة ومن دون ولاء وطني، وإنما بمزاج مرتبط بأفراد و بإدارة شديدة التقليدية والبدائية وبولاءات مخجلة ومهينة لصالح شخوص، يجعلنا نزداد قلقاً في هذه المرحلة الفارقة من النية المبيتة لمزيد من إفراغ الجيش وتفجيره من الداخل بدلاً عن صيانته وتجبير الأضرار الكبيرة التي طالته ما يعني أن قضية هيكلة الجيش هي القضية التي يجب أن تكون الأكثر استحقاقا الآن. ودعا الكاتب فتحي أبو النصر إلى كشف الخطة الواضحة لإجراءات الهيكلة التي ينتظرها الشعب معتبرا أن الهيكلة يجب أن تدفع إلى متغيرات مهمة على الساحة الوطنية على رأسها تخلق جيش جديد بعافية أكبر وبهشاشة أقل من كافة النواحي. أما المطلب الأساسي الآن فيتمثل في وجوب الاستعجال والإسراع في الهيكلة. ويبقى الشعور بأهمية توحيد الجيش والأمن تحت قيادة واحدة هو الشعور السائد لدى مختلف القوى السياسية لارتباطه مباشرة بأمن واستقرار الوطن وفي هذا الجانب يرى الكاتب فيصل على أن هذا الشعور لا يكفي مؤكدا أن النوايا الطيبة لا تكفي في وقت لا يزال الحس الثوري عند الشباب يتمسك بضرورة هيكلة الجيش وتوحيده، مشيرا أن لا ضرورة اليوم لهذا الانقسام الذي فرضه الرئيس السابق على الجيش. وأوضح فيصل علي أن المطلوب في هذه المرحلة هو توحيد الجيش تحت إشراف وزارة الدفاع وهيئة الأركان وكذلك إنهاء صلاحيات المناطق العسكرية نهائيا وتحول المؤسسة العسكرية إلى مؤسسة وطنية. وأعتبر فيصل علي أن العائق أمام توحيد الجيش والأمن هي توجسات الرئيس السابق وابنه وعائلته الذين يظنون أن بقاء الحرس في خدمتهم وحراستهم سيوفر لهم قوة مؤكدا أن هذا الظن خاطئ وسيضعفهم أكثر, ودعاهم إلى التخلص من الهواجس الغير منطقية وسرعة الانصياع لتوجيهات الرئيس هادي ووزارة الدفاع. وأشار فيصل إلى أن المعضلة الأساسية التي تواجه اليمن هي معضلة اقتصادية بحته متراكمة من عشرات السنين معتبرا أن هيكلة الجيش وتوحيده سيمكن صانع القرار من العمل لجعل الاقتصاد قوي ويعود بخيره على جميع اليمنيين.