حمل شهر رمضان اليمني هذا العام في طياته العديد من المظاهر المغايرة لسابقيه، حيث بدا الاهتمام بالشأن السياسي خلاله أكثر حضورا، فيما جاء الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والدينية في مراتب لاحقة. ومنذ اليوم الأول لرمضان في اليمن انشغل أغلب اليمنيين بمتابعة الشأن السياسي المصري، من مختلف الأطراف السياسية، حيث يتابعه الاسلاميون على أساس المناصرة لرفقائهم المتظاهرين في ميدان رابعة العدوية المطالبين بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، فيما يتابعه غيرهم من السياسيين لنصرة أقرانهم من المسؤولين الجدد في مصر الموالين للنظام السابق. وانشغل الاعلام اليمني منذ اليوم الأول لرمضان بمجريات الأحداث في مصر، وانقسم بين مؤيد ومعارض، لدرجة أن قنوات التلفزة اليمنية الموالية للاخوان المسلمين اضطرت إلى إلغاء بعض برامجها الرمضانية لتفرغ للنقل المباشر لما يدور في مصر وبالذات في ميدان رابعة العدوية. الوضع في مصر وبالذات ما جرى مؤخرا من انقلاب على الشرعية الديمقراطية انعكس بشكل كبير على الوضع السياسي اليمني، حيث خلق شرخا عميقا بين الأحزاب السياسية المتحالفة وهي تكتل أحزاب اللقاء المشترك، في حين استغله حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح لينفث سمومه على الاسلاميين في بلاده ويصوّر مصيرهم بأنه سيكون نفس مصير الاخوان المسلمين في مصر، رغم الفارق الكبير في وضعهما وأسلوب تفكيرهما السياسي. وأبرز صراع سياسي مذهبي شهده رمضان اليمني هذا العام، هو الصراع بين جماعة الحوثي الشيعية المسلحة وبين جماعة سلفية في صنعاء وصعدة، بدأ في جامع التيسير بصنعاء حول إقامة صلاة التراويح التي يصر السلفيون على إقامتها فيما يجبرهم الحوثيون على التخلي عنها،وأدى هذا الصراع إلى عراك ومواجهات مسلحة أدت إلى سقوط العديد من الضحايا بينهم قتلى وجرحى. وذكرت المصادر أن مسلحين من جماعة الحوثي اقتحموا مسجد التيسير واعتدوا على المصلين فيه في محاولة منهم لفرض معتقداتهم بالقوة على المصلين من خلال منعهم من إقامة صلاة التراويح في هذا المسجد الواقع في منطقة يقطنها حوثيون وسلفيون. وفي محافظة صعدة، عاصمة الحوثيين ومعقل أكبر الجماعات السلفية اليمنية، تتجه الاوضاع نحو الانفجار في أي لحظة، وبالذات في منطقة دماج حيث تقع الجماعة السلفية، إثر قيام المسلحين الحوثيين منذ بداية شهر رمضان بإعادة التموضع العسكري حول هذه المنطقة التي شهدت مواجهات مسلحة بين الجانبين مطلع العام الماضي. وذكرت مصادر محلية في منطقة دمّاج أن المسلحين الحوثيين قاموا خلال الأسبوعين الماضيين بالسيطرة على 13 موقعا حول منطقة دمّاج ونقضوا بذلك الاتفاقيات السابقة بشأن عدم المساس بالسلم الاجتماعي في منطقة دماج، والتي أبرمت عبر لجنة وساطة قبلية رفيعة، إثر الغياب الكامل للدولة في محافظة صعدة، حيث يتمتع الحوثيون فيها بالحكم الذاتي من طرف واحد. وقالت ‘لاحظنا في الأسبوعين الأخيرين زيادة التمترس من جهة الحوثيين، وذلك عن طريق التفجير والتلغيم، ومن ثم البناء في المواقع المحيطة بنا'. ومن مفارقات رمضان هذا العام سقوط العميد يحيى محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق صالح، في انتخابات الاتحاد اليمني لوكالات السياحة والسفر امام منافسه الاسلامي حسين الصباحي، بعد أن كان يحتكر يحيى صالح رئاسة هذا الاتحاد منذ تأسيسه، إثر استثماراته الكبيرة في مجال السياحة والسفر ولديه عدة وكالات في هذا المجال. ودلالات سقوط يحيى صالح في هذه الانتخابات النقابية تكمن في تراجع نفوذه وشعبيته في اليمن، وهي مؤشر مبكر على عدم قدرته على المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة مطلع العام القادم،حيث ألمحت مصادر مقربة منه اعتزامه خوض غمار هذه الانتخابات الرئاسية ممثلا عن الأسرة الحاكمة سابقا (أسرة الرئيس صالح) ولكن كمرشح (كستقل). في غضون ذلك كشف مقدم برنامج رمضاني خيري فجر أمس الاثنين تلقيه مجموعة قطع من الأسلحة ضمن التبرعات التي يتلقاها برنامج (بسمة أمل) المخصص لجمع التبرعات لبناء مستشفى في عدن لعلاج السرطان والذي تبثه قناة (السعيدة) الفضائية المستقلة اليمنية. وتفاجأ المشاهدون بعرض مقدم البرنامج محمد العامري قطع سلاح بينها مسدس وقال انها قدمت من متبرعين لدعم بناء مستشفى مكافحة السرطان. مؤكدا أن برنامجه تلقى مسدسا وبندقية آلية من متبرعين لهذا الغرض. على صعيد آخر، ذكر العديد من المصادر أن منافسات حادة جرت خلال شهر رمضان بين المتسولات اليمنيات ونظرائهن من اللاجئات السوريات اللواتي برزن بشكل واضح خلال الأسابيع الأخيرة في العديد من تقاطعات الشوارع وعند الإشارات المرورية في العاصمة صنعاء. وأظهرت الكثير من المتسولات اليمنيات امتعاضهن من بروز ظاهرة تسول اللاجئات السوريات في صنعاء، إثر المنافسة الصعبة معهن، حيث يظهر الكثير من المحسنين اليمنيين تعاطفهم مع اللاجئات السوريات فيغدقون عليهن بالعطاء، نظرا لحالتهن الانسانية ولجمالهن الفاتن مقارنة بالمتسولات اليمنيات اللواتي يعتبرن من أفقر الشرائح اليمنية.