-انتقال القاعدة مركزياً إلى اليمن يهدف إلى زيادة نشاط جبهة النصرة والحرب في سيناء. -لقاء القمة لزعماء القاعدة، كشف عن مرونة في التخطيط،و قوة وتماسك التنظيم. كشفت المحادثة الأخيرة التي أجريت بين أيمن الظواهري وعشرين قائداً من القاعدة، أن التنظيم ما يزال قوياً، ليس لأن عناصره ما تزال حية ترزق، بل لأنها تخطط لعمل مستقبلي، يمكنه أن يغير قواعد اللعبة. لقد تم نقل مركز التنظيم من باكستان إلى اليمن، وهذا يعني أن التنظيم يبدأ مرحلة جديدة في دورة حياته القتالية، وهذا الجيل الثالث الذي واجه في باكستان ضربات الطائرات الأمريكية بلا طيار، يعيد تعريف طريقة الحرب على الإرهاب، ويعلن أنه سيواجه نفس التقنية والاستراتيجية الأمريكية، ويكشف فشلها. هذه النقلة النوعية هي سبب الاستنفار الأمني الأمريكي حول العالم، وتحديداً في اليمن، حيث تكثف تواجد القوات الأمريكية في المدن اليمنية التي لا تخلو من وجود فرع للاستخبارات الأمريكية، وانتقال رحلات الطائرات الأمريكية بدون طيار من التحليق في سماء المحافظات الجنوبية والشرقية، للتحليق بشكل مكثف ومنتظم في سماء العاصمة صنعاء نفسها، وهو أكبر دليل على أن أمريكا تتوقع الأسوأ. وسواءً نفذ التنظيم تهديداته، أم أجلها لأجل غير مسمى، فقد استطاع توجيه ضربة موجعة، بالكشف عن كونه الخصم الأقوى الذي لم يهزم بعد، والذي فند كل ما تقوله الإدارة الأمريكية ورئيسها أوباما ومن ورائه الاستخبارات الأمريكية، إن التنظيم الإرهابي يترنح، وتشتت، خاصة بعد مقتل قائده بن لادن، وتوجيه ضربات قوية له في اليمنوباكستان. وقتل أهم وأكبر رموزه في الجزيرة العربية. إذن انتقال التنظيم مركزياً إلى اليمن، تم عبر مؤتمر قمة للقاعدة، ولقاء القمة هذا كان بين زعماء التنظيم في باكستان والعراق وشمال أفريقيا ونيجيريا، وكذلك ممثلين من شبه جزيرة سيناء. وفيه نقل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة مسؤولية العمليات إلى ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في اليمن، وهذا يعني انتقال العمل المركزي إلى اليمن، واليمن تحديداً لأنها ملائمة جداً لكل الشروط لتكون مركز القاعدة الجديد بدلاً عن باكستان. وجود دولة فاشلة في اليمن، ضعيفة السيطرة على الأطراف، وطبيعة جغرافية ملائمة، إلى جانب قوة وتماسك تنظيم الداخل "تنظيم جزيرة العرب"، كلها عوامل مشجعة للخطوة الجريئة. لقاء القمة للقاعدة الذي اشترك فيه زعماء 22 دولة من التنظيم كشف عن قوة التنظيم، وبعد نظره، وواضح أن وصول القاعدة لسوريا وشبه جزيرة سيناء كان عبر اليمن، لذا تأتي أهمية اليمن اليوم في مواصلة نشاط القاعدة في مصر وسوريا وتونس أيضاً. والمحافظة على اليمن أولاً كمحطة تدريب للمقاتلين وإرسالهم، وكذلك نقطة لاستلام الأسلحة وإرسالها. فإن زادت قوة التنظيم في اليمن هذا يعني زيادة سيطرة جبهة النصرة في سوريا، لأن مدها بالرجال والسلاح لن ينضب، وكذلك الأمر بالنسبة للحرب في سيناء، وشمال أفريقيا، وهذه مناطق كانت صعبة إن لم تكن محظورة على التنظيم قبل أعوام قليلة فقط. والمحافظة عليها تحتاج لهذه الخطوة من الظواهري. لذا يمكن توقع زيادة العمليات في سوريا ومصر وتونس، مع زيادة قوتها المركزية في اليمن، ناصر الوحيشي الآن زعيم القاعدة في اليمن مخول له السيطرة على كافة التنظيمات التابعة للقاعدة في كافة أرجاء العالم الإسلامي، وهذا كاف لإغلاق 22 سفارة أمريكية في الشرق الأوسط بدافع الحذر والخوف معاً. لقاء القمة هذا الذي كشفته وكالة الاستخبارات الأمريكية، ونشرته بعض المواقع الأمريكية، يكشف أن الظواهري لم يعد هو المسيطر الوحيد على القاعدة، وبالنسبة للبلدان الإسلامية ليس هو الرجل الأول الذي يتولى الإشراف على الخط وتوزيع المهام. وهذا يفند الشك الذي كان يساور البعض ممن جمع هذه المعلومات، من أن الظواهري نفسه هو الذي انتقل إلى اليمن، لكن بتكليفه للوحيشي لا يحتاج الظواهري لذلك، وهذا يظهر مرونة التنظيم، ولا مركزيته، وبالتأكيد تنظيمه الدقيق. أضف الأهم من الولاء للقائد، والإخلاص للفكرة. فكيف تواجه طائرات أمريكية بدون طيار كل هذا؟! إن سير عمليات التنصت الأمريكية على زعماء القاعدة لا يكشف فقط قوة الخصم لكنه يؤكد، أن المخابرات الأمريكية فشلت في باكستان وقتلها لأسامة بن لادن، لم يحقق غرضه، فقائد القاعدة ليس شخصاً بعينه، وقتل الظواهري اليوم لن يجدي أيضاً، وهنا تكون الحرب في بيت أسامة بن لادن "محافظة حضرموتاليمنية" حرباً مصيرية في الحرب على الإرهاب، فحضرموت هي المرشح رقم واحد لتكون مركز القاعدة في الشرق الأوسط، هي المحافظة اليمنية التي تواصل الطائرات الأمريكية الغارات عليها، حيث مسقط رأس مؤسس التنظيم بن لادن، والمحافظة البعيدة الممتدة الأطراف،التي تدعمها تضاريس وعرة وملائمة، وتقارب سكاني مع أفكار القاعدة، أي أنها البيئة الحاضنة له، وهنا يبرز القرار اليمني الضعيف في مواجهة كل هذا، فالدولة الفاشلة التي تحاول الانتقال بصعوبة إلى تجربة الدولة والديمقراطية، وعملية الحوار بين الأطراف السياسية، تعطي الضوء الأخضر لتنفيذ الغارات الأمريكية، فوق كل الأراضي اليمنية، ولكن هذا لا ينقل فقط التجربة الباكستانية، ويؤكد الشبه بين البيئة اليمنية والأفغانية، بل يقول إن جهود التسوية السياسية في المرحلة الانتقالية مهدد بالفشل وضرب مصالح النخبة السياسية اليمنية، وطموحها في السلطة، وهذا يدعم توجه القاعدة ويخدم خططها المستقبلية. واضح أن تحول اليمن إلى أفغانستان العرب أصبح واقعاً، ولكن تطبيق التجربة الأمريكية في الحرب على الإرهاب التي طبقت في أفغانستانوباكستان.. يقابل بسطحية في التعامل من قبل القرار السياسي اليمني، لأن الحرب على القاعدة لن يقتل فقط الإرهابيين وبعض المدنيين بالخطأ, بل إنه ينسف محاولات التحول إلى دولة ومشروع الانتقال السياسي والحوار والديمقراطية ومصالح النخبة السياسية في الحكم، لذا فالضوء اﻻخضر من قبل مختلف الأحزاب والتيارات السياسية لأمريكا هو ضوء أخضر للقضاء على مستقبل اليمن السياسي..