عدم اعلان العدو السعودي عن المعارك التي تدور على حدوده الجنوبية والصمت على الاهانات التي يتلقاها جيشه باختراق اليمنيين للحدود والسيطرة على مواقعه الأمامية وقتل وفرار جنوده وتدمير آلياته ودباباته وجميعها حقائق لا خيال، و تنقل بالصوت والصورة كل هذا يطرح سؤال كبير هو لماذا يتجاهل العدو كل هذه الاهانات والوقائع الموثقة بالصوت والصورة؟ الجواب ببساطة يؤكد ما سبق وان طرح منذ الايام الاولى للحرب وهو ان نقطة ضعف السعودية الكبرى هي نقل اليمنيين للحرب عليهم الى حرب داخل الاراضي السعودية وهو ما يحدث اليوم، و هو ما يرعب السعودية و يدفعها لتجاهل اخبار الحرب في جيزان ونجران و اغلاق القنوات التي تنقل وقائع الحرب هناك حتى لا تتحول الحرب التي شنتها على بلد اخر لإعادة شرعية رئيسها حسب زعمها الى حرب داخل السعودية نفسها وبما يهز شرعية نظامها هي. أي انها لا تريد ان تتحدث عن خسائرها او عن وقائع الحرب اليومية حتى لا تتحول الى خبر يومي في وعي مجتمعها، ما سينعكس كل ذلك على أمنها وهيبتها في داخل السعودية وخارجها لان قوتها الداخلية والاقليمية تعتمد على هيبة الامن وهيلمان المال، لا على شرعية النظام ومتانة بنيانه الهيكلي والتراتبي. فاذا انكسر كل ذلك انكسرت السعودية وهزمت في الوعي قبل هزيمتها في الواقع، و هذا ما مثل كابوس كبير لقادتها اكثر من كابوس الخسائر المالية الهائلة في اقتصادها ورصيدها النقدي. و بهذا المعنى فهي تحاول ان تتجاهل ما يحدث في الحدود والتقليل من أهميته حتى تدفع اليمنيين للعدول عن مواصلة الحرب والتوغل باعتبار ان لا نتيجة منها لليمن بدليل عدم اهتمام السعودية بها اعلاميا وعسكريا مقابل الإمعان في ارتكبا طائراتها ومرتزقتها للجرائم الوحشية داخل اليمن واستخدام التهديد لمزيد منها علها تردع القيادة اليمنية من تجاوز ما تسميه بالخطوط الحمراء المتعلقة بأمن السعودية وسلامة اراضيها. و من اجل ذلك ترسل رسائل سرية لعديد من الوسطاء الإقليميين لإقناع انصار الله بعدم المضي في إستراتيجيتهم المعلنة مقابل إغراء التعامل معهم او تهديدهم بما هو أسوء وبهدف الردع ليس إلا. معتقدة ان هنالك من المغفلين في اليمن من يأخذ بهذه الرسائل على انها تنازل بالاعتراف بهم من ناحية و تهديدهم بمزيد من الحصار والقصف لردعهم من ناحية اخرى. و الخلاصة فمن نقطة ضعف السعودية في عدوانها ليس صواريخنا ولا طائراتنا التي دمرتها بل في الحرب على حدودها وهي لذلك تفضل ان تهان في حدودها الجنوبية بصمت على ان تعلن هذه الاهانات لشعبها والرأي العام الاقليمي واليمني تحديدا لان الاعلان ينقل الحرب مباشرة الى السعودية ويتناسى الاعلام الحرب في اليمن. و لكن هذه السياسة لا تزال ناجحة لان الاعمال العسكرية اليمنية رغم نوعيتها وتقدمها النسبي في الاونة الاخيرة لكنها لا تزال في نطاق التحكم بها اعلاميا. و هذا ما يجب ان تتنبه له القيادة اليمنية باتجاه جعل السعودية تضطر الى اعلان الاهانات في جيزان ونجران وعسير. وهذا لن يحدث إلا بعد ان يحتل الجيش واللجان قواعد عسكرية او مدن معروفة، خصوصا وان المشاهد الاخيرة المنقولة تلفزيونيا قد اظهرت ان الجيش قادر على اختراق كل تحصينات الحدود و السيطرة على المواقع العسكرية، بل والوصول الى مشارف المدن الكبرى في الجنوب (نجران- جيزان) اي نقل المعركة بقوة الى الاراضي السعودية وفي عمقها وبحيث يصعب السيطرة او التحكم بالأخبار فيها اصبح بالإمكان بل و أسهل مما يتصوره كل المحللون. حينها يصبح من المستحيل التكتم على سقوط عشرات الجنود وأسر اخرين وإهلاك اكبر عدد ممكن من مقدرات العدو المادية والبشرية والمعنوية، و حينها ايضا وهذا هو الاهم يكون التكتم على هذه الاخبار اكثر اهانة للنظام السعودي و أكثر تأثير سلبيا على مكانتها من الاعلان عنها و هذا ما يجب ان يتم ايا كانت التهديدات او التجاهلات. فجميعها لا معنى لها اذا كسر العدو في ارضه وفي وعي مجتمعه ومحيطه!