بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع الحوثي و صالح في هذه الحرب .. إلا أن ما لا يمكن لأي متابع إغفاله إلا من باب التعامي وهو، أن الأحداث و المتغيرات الأخيرة منذ دخول عدن و تحريرها و حتى يومنا هذا. سواء على واقع الحرب و يومياتها أو على الجبهة السياسية قد كشفت بجلاء و وضوح أن صالح و الحوثي يخوضوا حربهم، ضمن إستراتيجية خاصة بهم ضمن مراحل مرسومة و مدروسة بأكثر من احتمالات و سيناريوهات، تدخر عناصر ومكنات مفاجأة العدو في جبهات القتال. كما تفتح أفقا سياسيا لأي مفاوضات تستدعيها جبهاتهم القتالية حال تقهقرهم أو ضعف جهودهم هنا و هناك وكذلك العكس. فإنهم يفتحوا آفاقا أخرى بأدوات الحرب في التوقيت المناسب تعزز جبهتهم السياسية في الواقع وفي أي مفاوضات. كان الحوثي بعد معركة عدن و خسارته فيها قد سارع إلى إكمال خروجه من الجنوب، لصالح فتح أفاق سياسية تفاوضية. و على إثرها جاءت محادثات مسقط. و قد استثمر هذه التكتيكية لصالح إعادة و تعزيز تموضعاته العسكرية في جبهات بعينها. أهمها تعز و مأرب. و حين لم تتراجع السعودية عن موقفها الجامد في مفاوضات مسقط، قام الحوثي بدعم طاولة مفاوضاته بعمليات عسكرية نوعية، أهمها التصعيد في الحدود و تحقيق اختراقات نسبية. و من ثم إطلاق صاروخ اسكود إلى جيزان. و اليوم و بعد أن شعر بخطورة ما يعتمل بجبهة مأرب، و في توقيت متزامن للقاء سلمان - اوباما قام بتنفيذ عملية نوعية في مأرب، سواء كان صاروخ باليستي أو عملية توعية فهي قاصمة لجبهة العدوان ميدانيا و محرجة حد الضعف لهم، في مفاوضات سلمان اوباما. صالح رجل متمرس في إدارة الحروب في اليمن لاسيما و هو غير معني بالمحافظة على مكتسبات اليمن، لذلك فهو يخوض هذه الحرب بالتحالف مع الحوثي، ضمن إستراتيجية قتالية و سياسية غنية بالمكر و الخدع و الانتهازية و المناورة و التكتيك والمفاجئة. هذه الإستراتيجية تضمن لهم إحداث نقلات وتغيير معادلات الواقع حتى في اضعف أوقاتهم، بينما السعودية تخوض الحرب بعقليه عنجهية تفتقر لإستراتيجية موضوعية مرسومة بحكمة. و ضمن معطيات الممكن فهي وان كانت قد نجحت في تدمير اليمن، إلا أنها لم تنجح لحد الآن في تحقيق أي هدف استراتيجي بالنسبة لها. فلم تقض عسكريا على الحوثي وصالح. و كلما عززت حربها في هذا السياق وجهت بصفعات مؤلمة. هي أيضا لم تعيد هادي إلى عدن. بل إن الرياض لازالت في مرمى صواريخ صالح. وحدودها الجنوبية اصبحت ملتهبة و في مرمى الحوثي. يبدو أن السعودية رغم ما يمكن أن تعتبره من نجاحات حققتها بالحرب، إلا أنها في ورطة كبرى باليمن و فوق ذلك، ورطت معها دوله الإمارات. على السعودية الآن و معها الإمارات و البحرين أن يدركوا جميعا، أن اليمن ليست دوار اللؤلؤة ولا إمارة أم القوين...!!! عليهم ان ينتهزوا اي مبادرة و ضمانات قد يقدمها الرئيس الأمريكي في الساعات القادمة.