: هناك قتل بدم بارد، وهناك قتل بدون دم على الإطلاق. والنوع الأخير هو القتل الذي ترتكبه السعودية ضد المدنيين في اليمن. تقتل السعودية المدنيين اليمنيين مراراً وتكراراً بدون إكتراث ولا إحساس ولا تأنيب ضمير ولا حتى إعتذار عابر، وتقدم مجازرها للعالم على أنها إنجازات عسكرية حققتها طائراتها وطائرات التحالف ضد الحوثيين وقوات صالح. تقتل السعودية النساء والأمهات اليمنيات وتسميهن "قيادات حوثية"، وتقتل الأطفال اليمنيين وتسميهم "ميليشيات". حدث هذا مراراً وتكراراً منذ نصف عام، آخرها مجزرة أمس في ميدي بحجة: ما لا يقل عن 25 مدنياً أغلبهم من النساء والأطفال قتلوا في غارات جوية شنتها طائرات أباتشي سعودية. قصفت طائرات الأباتشي منازل السكان القرويين، ومن فر منهم خارج المنازل المدمرة لاحقتهم الأباتشي وقتلتهم وهم يفرون. وكالعادة، ظهر الخبر على شريط "العربية" كالتالي: مقتل وجرح العشرات من الميليشيات في زيلع بحجة الحدودية مع السعودية. لكنهم كانوا سكانا مدنيين أبرياء لا علاقة لهم بالميليشيات، بل كانوا نساء وأطفالاً في الغالب، وقد أطلعنا على صور العديد منهم أمس. الكثير من هذه المجازر حدثت وتحدث منذ 6 أشهر وراح ضحيتها الكثير من النساء والأطفال والرجال المدنيين الذين يتحولون بكل راحة بال في الإعلام السعودي الى "قيادات حوثية" و"ميليشيات". وحين تنكشف إحدى هذه المجازر، تنفي السعودية علاقتها بها على لسان أحمد عسيري كما حدث مثلاً مع مجزرة المخا السابقة التي استهدفت قبل نحو شهرين مدينة سكنية وراح ضحيتها أكثر من 70 مدنياً أغلبهم من النساء والأطفال، وهي المجزرة التي صنفتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" كجريمة حرب. واليوم، هناك على الأرجح جريمة حرب جديدة في المخا، حيث ارتكب طيران التحالف مجزرة أخرى كبيرة لا تقل بشاعة عن سابقتها. إنها مجزرة المخا 2، التي حدثت في مقر عرس كان يعج بالنساء والأطفال، وراح ضحيتها- وفقا للأخبار المتداولة- أكثر من 75 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال. لم يتحدث عسيري بعد عن هذه المجزرة. ويبدو أن السعودية أوكلت مهمة تبريرها للحكومة اليمنية التي قالت لقناة "بي بي سي" إنه كان قصفاً "عن طريق الخطأ". أما قناة العربية، التي قدمت ضحايا مجزرة ميدي أمس باعتبارهم "ميليشيات"، فلم تتطرق لمجزرة المخا من قريب ولا من بعيد، لكنها تحدثت باستفاضة- في نشرة السادسة- عن "المجازر" التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي اليوم ضد المدنيين في تعز، وراح ضحيتها- كما قالت- أربعة مدنيين. قتل المدنيين جريمة مدانة سواء ارتكبتها ميليشيا الحوثي وصالح أو السعودية ودول التحالف، وسواءً راح ضحيتها 4 مدنيين أو 75 إمرأة وطفل في صالة عرس. لكن السؤال هو: إذا كان قتل 4 رجال مدنيين في تعز من قبل الحوثيين قد وصفته "العربية" بأنه "مجازر"، فماذا عن قتل 75 إمرأة وطفل ورجل مدني؟ مُشْ مجازر؟ ولا حتى مجزرة واحدة؟ ماهو إذنْ؟ قناة "العربية" قالت إن ميليشيا الحوثي ارتكبت اليوم في مدينة تعز "مجازر" ضد المدنيين على أساس أن ما ارتكبته السعودية اليوم أيضاً في مخا تعز كان "حفلة موسيقية"! من حائط الكاتب في الفيسيوك