الحوثيون يمنعون محاكمة مشرف متهم بقتل مواطن في إب... ضربة قوية للقضاء    أول تعليق للشرعية على حملة اعتقالات تشنها مليشيات الحوثي بحق قيادات حزب المؤتمر بصنعاء    منظمة الشهيد جار الله عمر تعقد اجتماعاً مع هيئة رئاسة الرقابة الحزبية العليا    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    بعثات دبلوماسية تدرس إستئناف عملها من عدن مميز    روح الطفلة حنين تبتسم في السماء: تأييد حكم الإعدام لقاتلها في عدن    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    القادسية يتأهل إلى دور 16 من كاس حضرموت الثامنة لكرة القدم    أول تحرك للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد احتلال اسرائيل لمعبر رفح    رئيس مجلس القيادة يكرّم المناضل محمد قحطان بوسام 26 سبتمبر من الدرجة الأولى    أنظار العالم تتجه إلى الرياض مع انطلاق بطولة رابطة المقاتلين المحترفين    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    اعتدنا خبر وفاته.. موسيقار شهير يكشف عن الوضع الصحي للزعيم ''عادل إمام''    الأسطورة تيدي رينير يتقدم قائمة زاخرة بالنجوم في "مونديال الجودو – أبوظبي 2024"    تصرف مثير من ''أصالة'' يشعل وسائل الإعلام.. وتكهنات حول مصير علاقتها بزوجها    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    إعلان عسكري حوثي عن عمليات جديدة في خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    الإعلان عن مساعدات أمريكية ضخمة لليمن    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    من فيتنام إلى غزة... حرب النخبة وغضب الطلبة    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمنيون يترقبون رحيل صالح ويتطلعون إلى الدولة المنتظرة
نشر في يمنات يوم 13 - 04 - 2011

في مؤشِّر على تحوّل المواقف الدولية والإقليمية تُجاه التطورات التي تشهدها اليمن، توالت خلال الأيام القليلة الفارطة الضغوط الخارجية على الرئيس اليمني المطالبة له بنقل فعلي وسلِس للسلطة، ما يفتح الباب واسعاً لنقاشات حامية حول خلفيات ومآلات هذا التطور، خاصة لجهة الدولة المُنتظرة بعد رحيل صالح.
ففي تطور لافت، طالبت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وإيطاليا، الرئيس اليمني أن يستجيب لمَطالب الشعب اليمني بالتنحي عن السلطة، وترافَق ذلك مع صدور إدانات واسعة من قِبل هيئات ومنظمات دولية وأممية لأعمال العنف المروِّعة ضد المحتجِّين والمعتصمين في الساحات العامة.
عوامل تحوّل مواقف الأطراف الدولية ويعزى هذا التحوّل في مواقف الأطراف الدولية والإقليمية إلى عدد من العوامل، يأتي على رأسها القمع الوحشي الذي واجهت به السلطات الاعتصامات السِّلمية المطالِبة بالتغيير، والتي أسفرت حتى لحظة كتابة هذا التقرير عن سقوط أزيد من 100 قتيل وحوالي ألفي جريح في صفوف المحتجِّين في عموم ميادين الاعتصامات في مناطق البلاد، فضلا عن سقوط 200 قتيل و100 جريح بانفجار مصنع الذَّخيرة في محافظة ابين، جنوب البلاد، جرّاء ما يُقال أنه من تدبير السلطات أو ناتج عن إهمالها بترْك مرفَق عام يحتوي على مواد خطِرة على حياة الناس، التي أنكرت السلطات أن ليس لها أي علاقة بها، ما وسع دائرة النِّقمة والسخط الشعبي والدولي، خاصة من قبل الهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان التي صنّفت تلك الممارسات كجرائم ضد الإنسانية.
العامل الثاني، ما باتت تطلِق عليه وسائل الإعلام الداخلية والخارجية:
مراوغة صالح وتقلّباته حِيال مبادرات نقل السلطة التي عرضت عليه، وآخرها التي وافق عليها أواخر الشهر الماضي بحضور وإشراف سفراء أمريكا والاتحاد الأوروبي في صنعاء، والتي كانت تقضي بتسليمه السلطة إلى نائبه وتشكيل حكومة وِحدة وطنية بالتّوافق مع المعارضة وشباب الثورة، إلا أنه انقلب عليها وبدأ الحديث عن أنه لن يسلِّمها إلا إلى أيادي أمينة، وهو ما اعتبره الشباب المحتجّ والمعارضة، مواصلة للنّهج ذاته الذي اعتاد عليه الرئيس اليمني، معتبرة أن طريقة تعامله مع الثورة الشبابية ليست سوى استمرار لسياسات قديمة، درج عليها منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، غيْر مُدرك للتحوّلات التي طرأت على المجتمع وتنامي مطالبه، خاصة وِفق ما يراه رئيس مجلس تنسيق الثورة الشبابية الأستاذ عبد السلام جابر في حديثه ل swissinfo.ch، تعامله مع القضية الجنوبية التي يجري إغفالها، على الرغم من انطلاق الحِراك الجنوبي منذ عام 2007، علاوة على أن التطوّرات التي تشهدها المنطقة العربية لم يقرأها بدقّة وتمعُّن، وإنما يقرأها بالأفكار والقناعات ذاتها التي درج عليها ورسَّخت لديه ولدى النُّخبة الحاكمة مع مرور الزمن صورة نمَطية، فيما المجتمع، حسب جابر، تجاوز تلك الصورة وهو اليوم يتطلّع إلى دولة مدنية تستوعِب كل الآمال والطموحات التي غيَّبها النظام على مدار العقديْن الأخيريْن.
العامل الثالث، رِهانه على أن الغرب يحتاج إليه من أجل مكافحة الإرهاب، خاصة مع صدور إشارات من واشنطن بأن هذه الأخيرة ستواجِه مصاعِب في مواجهة الإرهاب بعد سقوط صالح، إلا أن انضمام قادة كبار في الجيش وشيوخ قبائل إلى المطالبين بإسقاط النظام، والذي حمل معه بوادِر تصدّع في صفوف الجيش، قلَّص رهانه وبات يطرَح معه نذر انقِسام في المؤسسة العسكرية والقبلية، الذي قد يوفِّر بيئة آمنة لانتشار الجماعات الجهادية المتطرفة، لاسيما في المحافظات النائية (صعدة والجوف ومأرب وشبوة وأبين)، التي سقطت في أيْدي المحتجِّين بعد انسحاب الشرطة والجيش، وهي المحافظات التي تتركّز فيها نشاطات مجاهدي القاعدة.
العامل الرابع والأهَم، مواصلة احتجاجات المتظاهرين وتوسّعها، لتشمل أكثر من 15 مدينة يمنِية وتمسّك المعتصمين من يوم إلى آخر وإصرارهم على مواجهة العُنف بالطُّرق والوسائل السِّلمية، إلى الحدّ الذي جعل نهْج الثورة اليمنية مثيرا للإعجاب بترْك رجال القبائل لأسلحتهم في منازلهم والانضمام إلى الاعتصامات المطالِبة بتغيير النظام بالطُّرق السِّلمية. قاعدة الرحيل الآمن لصالح انشغال الساحة اليمنِية بالخلفِيات التي أفضت إلى تبلوُر المواقف الدولية على النحو الذي بات يُقرأ على أنه تخلٍّ خارجي عن الرئيس اليمني قد يقرب من رحيله، خاصة بعد إفصاح مصادر خليجية أن توسّطها في الملف اليمني، الذي جاء بناءً على ضوءٍ أخضر من واشنطن وبروكسل، يتأسّس على قاعدة الرحيل الآمن لصالح، إلا أن ذلك أثار بالمقابل الكثير من السِّجال حوْل مرحلة ما بعد صالح، خاصة لجهة الدولة اليمنية المُنتظرة والمأمولة.
خليط أيديولوجيات متنوِّعة فكما هو معروف، يضم اللقاء المُشترك أهَم أحزاب المعارضة، وهي خليط لأيديولوجيات متنوِّعة، دينية وقومية، اشتراكية متنافِرة في بعض رُؤاها وتصوّراتها، فضلا عن أن ماضيها مُثقل بالكثير من الخِلافات، التي لم تتراجع حدّتها، إلا بفعل السياسات الإقصائية التي مارسها الحزب الحاكم وربّما رئيسه صالح ضدّهم على مدار العقدين الأخيرين، وهي السياسة التي وحَّدت جبهتهم ضدّه وجعلتهم يلتقون على هدف المطالبة برحيله، قبل الدخول في أي تفاصيل للمرحلة اللاحقة.
وإلى جانب أحزاب اللقاء المشترك، سيبقى الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام فاعلا سياسياً، لأن لا المعارضة ولا الشباب يطالبون باجتثاثه أو بحلِّه، على غِرار مطالبة الثوار في تونس ومصر، ثم هناك شباب الثورة الذين يصنّفون أنفسهم كمستقلِّين ويرون أنهم الحامِلون الحقيقيون للثورة، وأنه لا يمكن تجاوزهم بأي حال وِفق ما أكّدت عليه بيانات التحالفات والتكتُّلات الشبابية، التي بدأت تتبلوَر في ساحات التغيير والحرية المنتشرة في المدن اليمنية، والتي ترفع من سقف مطالبها إلى الحدّ الذي لا يقبل بدون تحقيق الأهداف التي خرجوا من أجلها، ثم هناك الحِراك الجنوبي وما يرفعه من مطالب، بعضها سياسي والبعض الآخر حقوقي، وكذلك تواجد الحوثيين في شمال البلاد.
ثم هناك الثِّقل العسكري والقبَلي، الذي التَحق بالثورة وأعلن تأييده لها، كل هذه المكوِّنات والتشكيلات السياسية تشكِّل قِوام الخارطة السياسية اليمنية وترسم مشهداً سياسياً غائِم الوضوح، وِفق ما يذهب إليه مراقبو الشأن اليمني.
ويطرح ذلك المشهد على الشارع اليمني سؤالاً ملِحّاً يدور حول طبيعة الدولة اليمنية القادمة، بما هي دولة وطنية مدنية حديثة أم دينية تُسيطر عليها الأحزاب الدينية أم استمرار لنموذج الدولة التقليدية المشوّهة بمزجِها بين المظاهر المؤسسية الحديثة من جهة والخضوع للبنى الاجتماعية التقليدية، كالقبيلة والعشيرة والأسرة والمنطقة، من جهة أخرى؟
ويساور الشارع اليمني قلَقا كبيرا كلما أثيرت تلك التساؤلات، التي يبدو أن الإجابات عليها حالياً مؤجّلة إلى ما بعد رحيل صالح، الذي تضعه جميع تلك القوى على رأس أولوياتها كخطوة في طريق التحوّل نحو بناء الدولة المأمولة.
وارتفع الحديث عن الدولة المأمولة بارتفاع التوقعات برحيل صالح، التي تزايدت فُرصها مع دخول أطراف دولية على الخط ومحاولات أطراف سياسية، خاصة حزب الإصلاح ذو التوجّه الديني، الذي يتوجّس البعض منه خيفة، لاسيما مع سعيه إلى فرض هيمنته على الساحات والميادين العامة، وما يحظى به من رعاية من قِبل بعض قادة الجيش الذين انضمّوا للثوار. إلا أن عبد السلام جابر لا يرى سبباً للمخاوف من انحياز أولئك القادة العسكريين إلى طرف في الساحة على حساب أطراف أخرى، لأن ثورة الشباب، على حد تعبيره، محصّنة في إطار واحد ولها مطالِب واضحة لا تقبل أن تساوم عليها، لكن جابر لم يستبعد حضور بعض من تلك المخاوف والهواجس، إلا أنه أردف قائلاً: "كل الشباب يطرحون مثل هذه القضايا ويضعون في حسبانهم مطالب محددة متمسكين بها، وهم على وعْي كبير بأهميتها، وجميعهم يلتقون على حتمِية الدولة المدنية الحديثة، باعتبارها المخرَج من المأزق الذي وصل إليه اليمن".
تساؤلات ومخاوف بقدر ما تثير مثل هذه التساؤلات المخاوف جرّاء تنوّع القوى السياسية اليمنية وتبايُن منطلقاتها الأيدلوجية، فإنها تحتِّم توافقها على دولة تحترم وترعى هذا التنوع، ويحيلون في ذلك إلى الوثائق التي اتّفق عليها الأطراف السياسيون في مراحل سابقة والتي جاءت كمحصِّلة للأزمات التي مرّوا بها مثل: وثيقة العهد والاتفاق عام 1994 ووثيقة الإنقاذ للحوار الوطني التي توصّلت إليها المعارضة وحلفاؤها العام الماضي (2010)، ثم اتفاقات ومحاضر الحِوار بين المعارضة والحزب والمحاكم بشأن الإصلاحات السياسية والدستورية والانتخابية، وجميعها يُمكن تطويرها بالشكل الذي يستوعِب مطالب كل الفاعلين السياسيين، بما فيهم الفاعلين الجدد من الشباب، ويؤسّس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة لا مركزية، باعتبارها الخيار الأقل كُلفة وضرَراً، من أي بديل آخر لا يقوم على التراضي والتوافق الداخلي من ناحية أو لا يحظى بقبول الأطراف الإقليمية والدولية، التي تظل طرفاً فاعلا، لاسيما لبلد محدود الموارد والإمكانات كاليمن.
الخلاصة، أنه في الوقت الذي تتطلّع الساحات إلى رحيل صالح، يتزايد النِّقاش حول الدولة اليمنية المُنتظرة منذ اندلاع الاحتجاجات في الشارع اليمني وتنتعش الآمال بقدوم هذا الكيان الغائب، حسب ما يؤكده أغلب اليمنيين.

عبد الكريم سلام" swissinfo.ch "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.