يواجه محافظ تعز شوقي أحمد هائل ضغوطا شديدة من طرفي التسوية السياسية في المحافظة جراء القرارات الأخيرة للمجلس المحلي للمحافظة بإيقاف مدير الأمن، وفصل طالبات وإعادة توزيع معلمين. وكان قرار إيقاف مدير الأمن العميد علي السعيدي قد أثار حفيظة التجمع اليمني للإصلاح، الذي يعد السعيدي محسوبا عليه، ما جعل مواقع وصفحات فيس بوك مقربة من تجمع الإصلاح تشن حملة إعلامية على المحافظ شوقي هائل، وتتهمه بالتعاون مع محسوبين على النظام السابق في قيادة المحافظة. وكان تعيين السعيدي مديرا لأمن تعز قد لاقى اعتراضا من قبل شباب الثورة، والقوى اليسارية والليبرالية في المحافظة، على اعتبار أنه متهم بقضايا تعذيب لعدد من الناشطين اليساريين والقوميين في فترة الثمانينات حين كان يشغل نائبا لمدير الأمن السياسي، فضلا عن كونه متقاعدا من الوظيفة العامة منذ سنوات. ونشبت خلافات حادة بين مدير الأمن السعيدي والمجلس المحلي للمحافظة في فترة المحافظ الصوفي قبل تعيين شوقي هائل، وذلك على خلفية تغييرات في إدارات أمنية وتغيير مدراء أمن لعدد من المديريات، دون العودة للسلطة المحلية. وهو ذات الخلاف الذي تفجر بين السعيدي والسلطة المحلية قبل أيام، على خلفية التمرد في الإصلاحية المركزية بتعز، والذي راج ضحيته قتلى وجرحى، فضلا عن فرار عشرة سجناء، والكشف عن مخطط لشق نفق من داخل الإصلاحية إلى خارج أسوارها لتهريب سجناء محكومين بقضايا جنائية، تقول مصادر أنهم على صلة بأحد طرفي التسوية. وكان قرار تغيير مدير الإصلاحية عبد الإله الأكحلي قد ساهم في شحن الأجواء المتوترة بين المجلس المحلي ومدير الأمن، خاصة وأنه لم يمضي على تعيينه سوى أسابيع حتى عاد التمرد بين أوساط السجناء من جديد. وتقول مصادر أن مدير الأمن علي السعيدي موقوف عن العمل منذ أحداث الإصلاحية المركزية يوم الجمعة الفائت، إلا أن الخبر سرب يوم أمس الأول عن طريق جهات مقربة من أحد طرفي التسوية، والتي روجت له اليوم على اعتبار أنه جاء على خلفية رفض مدير الأمن قمع محتجين عسكريين قطعوا شارع جمال. وكان العسكريين المنضمين للثورة قد أصدروا يوم أمس الأول بيانا أعطوا فيه وزارة الدفاع فرصة خمسة أيام لتسليم مستحقاتهم المالية وتحقيق مطالبهم بعد تفاوضهم مع ممثل عن السلطة المحلية أثناء قيامهم يوم أمس الأول بقطع الطريق الإقليمي تعزعدن بالقرب من مدينة دمنة خدير. وعلى الرغم من المهلة التي حددها العسكريون في بيانهم إلا أنهم قطعوا صباح أمس الأربعاء عددا من الشوارع في وسط المدينة، ما أدى إلى قيام قوات تتبع اللجنة الأمنية لإطلاق النار في الهواء بغرض تفريقهم، إلا أن القوات الأمنية انسحبت تفاديا لتفجر الموقف بعد تمترس العسكريين المنضمين للثورة، وهو الأمر الذي استغلته وسائل إعلامية تتبع تجمع الإصلاح لتبرر من خلاله إيقاف مدير الأمن القريب منهم، واتهام المحافظ بإيقافه على خلفية رفضه أوامره بقمع المحتجين بهدف تأليب شباب الثورة والعسكريين المنضمين للثورة عليه، على الرغم من أن قرار الإيقاف تداولته وسائل الإعلام منذ مساء الثلاثاء. وبالقرب من مدينة دمنة خدير عاود عسكريون منضمون للثورة بقطع الطريق الإقليمي تعزعدن من ظهر الخميس، وأفاد شهود عيان أنهم شاهدوا بعد مغرب أمس عددا من السيارات والقاطرات الكبيرة في الخطين المتجهين إلى عدنوتعز متوقفة في الشارع بالقرب من مفرق سد السقيع شمال مدينة دمنة خدير. ويرى مراقبون أن تراجع العسكريين عن مهلتهم المحددة بخمسة أيام، يأتي بإيعاز من قيادات حزبية وعسكرية تتبع تجمع الإصلاح للضغط على المحافظ شوقي هائل للتراجع عن قرار توقيف مدير الأمن، خاصة وأن كثير من العسكريين منضويين في إطار المجلس الثوري للدفاع والأمن الذي يرأسه العميد صادق سرحان قائد الدفاع الجوي في الفرقة والمقرب من تجمع الإصلاح. وفي سياق متصل تظاهر صباح أمس الأربعاء العشرات من الطلاب وشباب الثورة تنديدا بقرار صدر عن الهيئة الإدارية للمجلس المحلي ووافق عليه المحافظ، قضى بفصل 22 طالبة من مدرستي نعمة رسام وأسماء، ونقل 21 معلم ومعلمة إلى مدارس أخرى من المدرستين المذكورتين، على ذمة الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها المدرستين خلال العام الماضي للمطالبة بإقالة مديرتي المدرستين على خلفية قضايا فساد. وهتف المتظاهرون بهتافات مناوئة للمحافظ شوقي هائل، مطالبين برحيله مع وكلاء المحافظة، كما حملوا لافتات تندد بالقرار وتتهم المحافظ بالتواطؤ مع بقايا النظام. ويرى مراقبون أن موافقة المحافظ على القرار جاء تحت ضغوط جهات محسوبة على المؤتمر الشعبي العام، بهدف خلق نوع من الأجواء المشحونة في المحافظة، وتوجيه رسالة للطرف الأخر بأنهم موجودون في الساحة، خاصة وأن المديرتين السابقتين تديران المدرستين منذ فترة طويلة، حيث تدير أمة الرحمن القاضي مدرسة أسماء في حي صالة منذ أكثر من ثلاثين عاما، في حين تدير فاطمة رسام مدرسة نعمة رسام منذ وفاة شقيقتها في نهاية التسعينات من القرن المنصرم، والتي أسميت المدرسة باسمها بعد وفاتها بحادث مروري على طريق صنعاءتعز. وبالتالي فإن التداعيات والأحداث الأخيرة التي شهدتها تعز خلال الأسبوعين الماضيين، تنم عن توتر شديد بين طرفي التسوية السياسية في المحافظة حسب مراقبين. ويرى هؤلاء المراقبين أن كل طرف يريد إثبات وجوده على حساب الطرف الآخر، وإظهار المحافظ شوقي هائل ضعيفا بهدف إرغامه على الاستجابة لضغوطاتهم في إصدار بعض القرارات، حيث بدأ المحافظ متوازنا منذ تعيينه، وحقق بعض النجاحات فيما يخص الجانب الأمني والخدمات المتصلة بالمواطنين، وهو ما أعتبره طرفي التسوية تقليصا لنفوذهم، ووضع حدا لتدخلاتهم في إدارة شئون المحافظة بما يتوافق مع رغباتهم، خاصة وأن الطرفين يمتلكان مليشيات مسلحة تم الحد من تحركاتها وفق خطة الانتشار الأمني، وتم مصادرة عددا من السيارات والأسلحة التي تتبع مسلحين من الطرفين.