منذ أشهر وعدن تغرق بالقمامة التي تتراكم يوماً بعد يوم في شوارع المدينة، ومعها تنتشر الأمراض والأوبئة الخطيرة التي تنذر بخطر بيئي وشيك في حالة ظل فيها تجاهل السلطة المحلية. هذا التجاهل جعل بعض المواطنين يعملون على إحراق القمامة للتخلص منها لكن هذا الفعل أكثر خطورة من انتشار القمامة نفسها؛ كونه يساعد على انتشار أمراض بيئة جراء انبعاث غازات سامة تضر بصحة الناس عموماً. تنتشر القمامة بالشوارع الرئيسة والحواري والأزقة؛ بسبب استمرار إضراب عمال النظافة المطالبين بحقوقهم، ويقول أحد عمال النظافة إن الحكومة تنصلت عن وعودها، مضيفاً أنهم مازالوا يعملون بالأجر اليومي، وإن توفي أحدهم فلا تحصل أسرته على معاش من الدولة. وأضاف: "حتى إكرامية رمضان لم نحصل عليها". وعبّر مواطنون عن استيائهم البالغ لتدهور الأوضاع في عدن خصوصاً منذ تعيين المهندس وحيد رشيد محافظاً. جولنا في عدد من مديريات المدينة، وأخذت صوراً لانتشار القمامة في الشوارع العامة، وأخذت بعضا من أراء المواطنين الذين أبدوا تشاؤمهم وسخطهم الكبيرين من القمامة التي تعم شوارع المدينة، وعبّروا عن استيائهم من تجاهل السلطة المحلية ممثلة بمحافظ عدن إزاء انتشار القمامة وتوسعها يوماً بعد يوم، وقالوا إن تراكم القمامة تحول إلى ظاهرة "تندر بكارثة بيئية وشيكة". عندما تمر في كثير من الشوارع تجد القمامة ورائحتها تحاصرك من كل اتجاه. مراقبون بيئيون حذروا من كارثة حقيقية إذا استمر انتشار القمامة أمام منازل المواطنين بكمياتها الكبيرة، وقالوا إن الأمراض ستنتشر قريباً إذا لم يتم اجتثاث القذارة بأسرع وقت ممكن. جمال سيف، أحد الأهالي الذين التقت بهم الصحيفة، قال: "لا أحد يحب أن يرى حارته السكنية مليئة بالقمامة، لأن ذلك يعكس البيئة الحضارية لحارته". وأضاف: "ما يحدث يعد لعبة سياسية بين الكبار فيتأثر بها الصغار والمستضعفين من عامة الشعب..". وتابع جمال: "الفاسدون يلعبون بمشاعر الناس وحياتهم من تفشي القمامة، وأيضاً من المشاكل الأخرى التي تعاني منها عدن كالانقطاع المتكرر للماء والكهرباء". ويناشد أشرف ولي، وهو أحد الأهالي، قيادة المحافظة للتدخل لإنقاذ المواطنين، مؤكداً أن "انتشار القمامة ظاهرة غير حضارية وغير مألوفة لمدينة عدن، إضافة إلى كونها تشكل خطراً على البيئة". وقال: "نأمل من قيادة المحافظة التدخل لمعالجة وضع عمال النظافة من أجل انتشال القمامات من الشوارع حفاظاً على أراوح المواطنين". حملات فردية وأخرى جماعية بقيادة المحافظة تعمل لأجل نظافة شوارع عدن، لكنها ليست كافية ولا تفي بالغرض المطلوب، وتبقى أكثر شوارع عدن تحاصرها المخلفات من كل اتجاه، وتعد بعض الحملات مجرد مناكفات سياسية؛ لكون شارع "المعلا" يقوم بتنظيفه أنصار الحراك، على الرغم من أن هناك شوارع بلغ الإهمال فيها حداً كبيراً، وحتى اللحظة لم يلفت نظر المحافظة. وحول إحراق القمامة، طالب محمد علي أفراد المجتمع بالحفاظ على مظهر المدينة، وقال إن التعامل السليم للتخلص من القمامة ينبع من تكوين الإنسان الحضاري بأي مجتمع عربي أو أوروبي، مضيفاً أن التعامل السليم من أبناء المجتمع يعطي المظهر الجميل لبناء الحياة الاجتماعية ويجنب الناس من جميع الأمراض. وإضافة لما سبق؛ تعيش عدن حالة من الفوضى متمثلة في انعدام الأمن والماء والكهرباء ويقول المواطنون إن السلطة المحلية الحالية قد تكون أكثر السلطات فشلاً، التي أدارت مدينة عدن منذ عدة عقود، لاسيما أن "شارع الشيخ عثمان" أحد أكثر شوارع المدينة عراقة أصبح تعمه حالة من الفوضى وتجده مكدساً بالقمامة ومخلفات الأسماك والباعة، ولم يعد كما كان مزاراً لجميع الناس؛ بل أصبح من يرتاده المستهلكون لشراء الحاجات الضرورية. إنها حرب القمامة الجديدة كما يراها الكثير من المواطنين الذين يقولون إن المحافظة تحاول معاقبة قاطني عدن؛ وذلك على خلفية آرائهم التي تسير بعكس اتجاه آراء المحافظ.