الحب بين الفتى والفتاة، والتزامهما، وأخلاقهما ليس كل ما يتطلبه الأمر لإتمام الزواج وتكوين اسرة سعيدة ومستقرة، فهناك عوامل أخرى قوية وخارقة تتحكم في مصير هذا الحب، وتحديد مدى امكانية الزواج من عدمه، ومن أبرز هذه العوامل المؤثرة، التفاوت الطبقي بين الفتى والفتاة، واختلاف الحسب والنسب والأصل والفصل لاسرتيهما، وغيرها من الأحكام العرفية التي لطالما حطمت أحلاماً، وأزهقت أمنيات.. وأرواح أيضاً.. سامية محمد يحيى 25 عاماً، طالبة في جامعة الحديدة، أحبت زميل لها في الدراسة يدعى أحمد الملاحيني 26 سنة، ويعمل والده جزاراً يبيع اللحوم، مما جعل أحمد يتردد كثيراً في التقدم لخطبة حبيبة قلبه “سامية”، لأنه يدرك سلفاً أن والدها سيرفضه عندما يعلم أن والده جزار. يشير أحمد إلى أن سامية شجعته كثيراًعلى هذا الشأن، مؤكدة له أنها ستدفع حياتها من أجله.. لذا تعاهد الحبيبان على الوفاء لحبهما مهما حدث.. ومهما كان رد والدها . وفي عصر يوم جمعة ذهب أحمد ووالده إلى منزل والد سامية وهو ثري ورجل أعمال ويمتلك شركة تجارية، وكانت سامية قد قامت بما عليها، حيث مهدت لحضور أحمد ووالدها، وذلك من خلال حديثها مع والدتها.. وخلال المقيل فتح والد أحمد الموضوع طالباً يد سامية لولده، ولاحظ وجود علامات القبول والارتياح لدى والد سامية، ولكن بعد لحظات وبدون أي مقدمات سأل والد سامية ضيفه والد العريس سؤالاً نزل على مسامع أحمد كالصاعقة، حيث قال له أنت ما هو عملك.. لم يتردد والد أحمد كثيراً وسرعان ما رد له جواباً من كلمة واحدة: “جزار”، هنا اعترت والد سامية نوبة غضب ورد بصوت مرتفع: “لم يخبروني إنك جزار، وان ابنك جزار ابن جزار، واحنا لسنا جزارين، والقبائل عندنا ما تزوج بناتهم لجزارين وحلاقين”. لقد حدث ما كان يخافه أحمد ويخشاه، وسرعان ما لملما نفسيهما من وقع الصدمة وخرجا يجران خيبة الأمل في أمر هذا الزواج، كانت سامية تستمع عن قرب لما يدور في المقيل، وعندما رأت حبيبها ووالده يخرجان بحالةٍ مزرية، خرجت تهرول خلفهما ونادت أحمد بصوت مرتفع ليسمعه والدها في الداخل، وأخبرته أنها لن تتزوج شخصاً غيره، وإذا لم يوافق والدها على العقد بها، فسوف تعقد بها المحكمة. سمع الوالد كلام ابنته فثار غاضباً، أخذ سلاحه وخرج إلى باب المنزل، ورأى سامية وهي تحدث أحمد ووالده، فأطلق نحوهما النار، ليصاب والد أحمد في ساقه ووقع على الأرض، فما كان من سامية إلا أن هرولت نحو والدها وأخرجت سكينا وطعنته في كتفه، عندما تجمع الناس حولهم ليتم اسعاف المصابين إلى المستشفى. ولحسن الحظ أحمد وسامية، ولأن القدر وقف إلى جانبهما، فقد تدخل وجهاء وأعيان واستطاعوا اقناع والد سامية بتزويجها لأحمد حفاظاً على حياتها لأنها كانت تهدد بالانتحار، ليسدل الستار على قصة حب نجت بأعجوبة من مشنقة الأعراف والتقاليد الاجتماعية القاهرة.