مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    سلام الغرفة يحقق الفوز الأول على حساب أتحاد سيئون في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    سيئون يتخطى هلال السويري ويقترب من التأهل في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    قيادي حوثي يقتحم قاعة الأختبارات بإحدى الكليات بجامعة ذمار ويطرد الطلاب    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    ميلشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات غير معلنة بصنعاء ومصادر تكشف السبب الصادم!    برئاسة القاضية سوسن الحوثي .. محاكمة صورية بصنعاء لقضية المبيدات السامة المتورط فيها اكثر من 25 متهم    رحيل الشيخ الزنداني يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي    الحوثيون يستجيبون لوساطة قبلية للسماح بإقامة مراسيم الدفن والعزاء للزنداني بصنعاء    ذمار: اندلاع حرب أهلية مصغرة تُثبت فشل الحوثيين في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم    بينهم يمني...شاهد: لحظة القبض على 4 متهمين بجرائم احتيال مالي في الرياض ومداهمة شقتهم    في اليوم ال 199 لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.. 34151 شهيدًا ونحو 77084 جريحا    دعاء مستجاب لكل شيء    ماذا طلبت جماعة الحوثي من الشيخ عبدالمجيد الزنداني قبل وفاته ورفض طلبها؟    حزب الرشاد يعزي في وفاة الشيخ الزنداني عضو الهيئة العليا للإصلاح    الكشف عن علاقة الشيخ الراحل "عبدالمجيد الزنداني" مع الحوثيين    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    رئيس مجلس القيادة: برحيل الشيخ الزنداني خسرت الأمة مناضلاً جمهورياً كبيراً    الزنداني كقائد جمهوري وفارس جماهيري    - عاجل محكمة الاموال العامة برئاسة القاضية سوسن الحوثي تحاكم دغسان وعدد من التجار اليوم الثلاثاء بعد نشر الاوراق الاسبوع الماضي لاستدعاء المحكمة لهم عام2014ا وتجميدها    طبيبة سورية تكشف عن علاج مبتكر لسرطان الرحم بدون ألم الكيماوي    عودة الزحام لمنفذ الوديعة.. أزمة تتكرر مع كل موسم    لهذا يُستهدف الانتقالي..!    رئاسة الجمهورية تنعي الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتشيد بدوره في مقارعة النظام الإمامي    غضب المعلمين الجنوبيين.. انتفاضة مستمرة بحثا عن حقوق مشروعة    وزير الصحة يشارك في اجتماعات نشاط التقييم الذاتي لبرنامج التحصين بالقاهرة    ماني يتوج بجائزة الافضل في الجولة ال 28 من دوري روشن السعودي    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تحتفل باليوم العربي للتوعية بآلام ومآسي ضحايا الأعمال الإرهابية    الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني يبعث برقية عزاء ومواساة الى اللواء احمد عبدالله تركي محافظ محافظة لحج بوفاة نجله مميز    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    تراجع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر.. "كمل امكذب"!!    راتكليف يطلب من جماهير اليونايتد المزيد من الصبر    مجازر صباحية وسط قطاع غزة تخلف عشرات الشهداء والجرحى    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    انخفاض أسعار الذهب مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط    ريال مدريد يقتنص فوزا ثمينا على برشلونة في "كلاسيكو مثير"    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحوثيون يخفون نتائج الثانوية لابتزاز الطلاب!    فاسكيز يقود ريال مدريد لحسم الكلاسيكو امام برشلونة    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    النقد الدولي: ارتفاع الطلب الأميركي يحفز النمو العالمي    مركز الإنذار المبكر بحضرموت يعلن انحسار تدريجي للحالة الجوية الموسمية    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    الأهداف التعليمية والتربوية في قصص القاضي العمراني (1)    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحددات الاجتماعية والسياسية للفيدرالية .. د. فؤاد الصلاحي
نشر في يمنات يوم 11 - 04 - 2013


مقدمة
وفقا للمسار السياسي الذي شهدته اليمن خلالا حكم الرئيس صالح الذي كان مطمعه في السلطة والثروة وهنا تم تغييب الدولة عبر مرتكزاتها المؤسسية والقانونية وتم احلال القبيلة عوضا عنها وهنا تشكلت مراكز قوى تنهب المال العام وتقدم الدعم والولا للرئيس فغابت المواطنة المتساوية حيث المطالب والحقوق تلبى من خلال مراكز القوى وليس من خلال القانون وهنا ظهر كيانين للدولة الاول شكلاني مظهري هو الذي تتعامل معه دول العالم والاخر كيان فعلي بيده القرارات وصناعة السياسات في هذا السياق تم افقار المجتمع وتبديد ثروته وقهر المواطن في كل تجمعاته السكانية بل وهنا ظهرت الدولة الفاشلة التي نبهنا الى مخاطرها منذ سنوات سابقة وفي اكثر من دراسة .
ومع ثورة الشباب وقهر الخوف من النظام والياته وخروج عامة الشعب في اصطفاف مع الثورة ووفق ما اعقبها من متغيرات في نقل السلطة وتشكيل حكومة محاصصة حزبية فان الفرصة السانحة لاعادة تشكيل النظام السياسي وطبيعة الدولة قد حانت ولا مجال معها الا باعادة الاعتبار للدولة وفق رؤية جديدة وهنا تشكل الفيدرالية مدخلا ومنهاجا لاعادة ترتيب النظام السياسي وبناء الدولة وفق تصور اتحادي جديد تتخلق معه وحدة اجتماعية ووطنية تشكل قاعدة للمواطنة المتساوية وبناء الدولة المدنية .
في مفهوم الفيدرالية
للوقوف على مفهوم الفيدرالية بعيدا عن الفهلوة الايدولوجية نقول ان الفيدرالية "نظام سياسي واداري يستهدف توحيد المجتمع والدولة وفق ترتيبات اجرائية ذات طابع مؤسسي ينقل المجتمع من حالة الانشطار الى التوحد ومن حالة المركزية الجامدة الى حالة التداخل المرن بين المركز والمحليات في سياق مجتمعي وسياسي تمثله الدولة وتحفظ توازنه السياسي" .
والفيدرالية وفقا للتجارب السائدة عالميا (توجد28 دولة ذات نظام فيدرالي) تشكل النظام الفيدرالي اما عقب حروب وفوضى اهلية او في حالات الاستقلال للدول التي تحررت من الاستعمار وكان من مشكلاتها بناء الدولة وهنا ظهرت اصوات واحزاب تطالب بترتيبات محلية واقليمية ضمن السياق الرسمي في بناء الدولة .وهناك دول كانت مركزية وقطعت شوطا في مسارها السياسي الا ان شدة المركزية نجم عنه اهمال واقصاء الاقاليم والمحليات بعضها او غالبيتها من عدالة توزيع ثمار التنمية فكانت الفيدرالية حلال لهذا الامر .. ومعنى ذلك انه لاتوجد وصفة او روشتة واحدة للفيدرالية يمكن اتباعها فتنجح في تطبيقاتها اليا ..ولكن المؤكد انها وصفة عامة مفيدة وايجابية شريطة تطبيقها وفقا لظروف كل بلد وتجربته في التنمية والبناء السياسي ونضج النخبة السياسية بتعدد مراكزها .
وللفيدرالية ترتيبات واجراءات متعددة فيما يخص الشأن الاقتصادي والامني وتوزيع السلطات والمهام بتوازن بين المركز والمحليات او الاقاليم وفيما يخص الموازنة العامة والثروات الوطنية وهذه الامور كلها تكون محل دراسة وحوار يتم الاقرار بها في دستور الدولة الفيدرالي .
المحددات الاجتماعية
وفقا لظروف اليمن التي لاتزال القبيلة والعشيرة والطائفة تشكل مرجعيات للافراد ووفقا لتجربة البناء السياسي السابقة التي اعتمدت النظام الرئاسي واحتكار السلطة وما قابلها من اقصاء للكثير من الاقاليم فان تجاوز هذا الامر لايكون الا من خلال نظام برلماني متعدد الاقاليم ، ولايخشى احد من تعزيز الانفصال كما يقال حيث تقسيم الاقاليم سياخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والادارية والتنموية .
ولان حرمان كثير من المحافظات من ثمار التنمية في المرحلة السابقة قد ولد ادراكا ووعيا بالتهميش مقارنة بادوارها الاقتصادية والوطنية حيث الاقرب الى اكتساب الحظ والترقي الاجتماعي هم الاقرب قبليا واجتماعيا لمراكز القوى ورئاسة النظام السياسي فاتجة النظام الى اعتماد ابناء قبيلته كقاعدة اجتماعية يستند عليها من منظور الحماية والسند وهنا فتح امام الغالبية منهم ابواب العمل في المؤسسات العمومية ومنحهم الاولوية بالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية ناهيك عن المنح الدراسية فولد هذا الامر احساسا بالغبن وعدم المساواة التي تصاعدة وتيرتها شيئا فشيئا وتم التعبير عنها ايجاء ورمزيا ثم صراحة وكانت هذه المسألة واحدة في جميع الثورات العربية حيث المسألة الاجتماعية (غياب العدالة والمواطنة المتساوية) تعد سببا رئيسيا من اسباب ثورات الربيع العربي.
ولان اليمن تتعدد وتتنوع في تضاريسها وفي مناخها بين الجبال والسهول والساحل والجزر فكذلك الامر التعدد والتنوع في مسار البنى الاجتماعية التي لاتزال قوية ومتماسكة ضمن منطق العصبية وفاعلية الشيخ في الشمال والشمال الشرقي وبين ظهور ترتيبات ادارية وعلاقات المواطنين بالمكان وبالدولة في وسط اليمن وجنوبه . مع العلم ان الجنوب قد خبر تجربة سياسية حديثة في مستويين الاول تجربة تحت ادارة الاستعمار البريطاني والثاني في اطار دولة مابعد الاستقلال خلال الفترة من 67-90 وفي وسط اليمن تفكك البناء القبلي وظهر نوع من الترتيبات الادارية منذ زمن الدولة الرسولية .
وعليه فان التخوفات من مخاطر انقسام المجتمع على اساس من مرجعيته القبلية والمذهبية انما هو تخوف يقوم على افتراض انهيار الدولة لا اعادة بنائها وهو الامر الذي نؤكد فيه على القول ان تعددية الاقاليم تستند في وجودها الى دولة مركزية قوية تتوزع الاختصاصات السياسية والادارية بينها وبين الاقاليم . ولان الواقع الراهن شهد نظاما رئاسيا ووحدة اندماجية الا ان المشاهدات الحسية اظهرت شرخا في بنية المجتمع من سؤ الادارة والاقصاء وهيمنة طرف على الاطراف الاخرى .
اذا فالعوامل المولدة للانفصال وانهيار الدولة تكمن في الممارسة السياسية الاقصائية والحرمان الاقتصادي والانحياز الاجتماعي من قبل النخبة الحاكمة اضافة الي غياب الديمقراطية .اما حضور الدولة المدنية الديمقراطية بتعددية اقاليمها فمن شانه تعزيز المسار الاندماجي للبنية الاجتماعية وللوحدة الوطنية في آن واحد .
ولما كان المجتمع اليمني لاتزال المؤسسات التقليدية فاعلة ومؤثرة في علاقات الافراد ووجودهم الاجتماعي بل ووعيهم فان البناء السياسي لايكون بالقفز على واقع اجتماعي بل من خلال الاقرار به اولا ثم اعادة تشكيلة ضمن بنية سياسية جديدة ..هنا تتسع مجالات المشاركة للمواطنين وسيكون الجميع لهم حضور جنبا الى جنب رموز البني القبلية ووجهائها في التعبير القبلي .فالشباب والمرأة سيكون لهم دورهم وحضورهم انطلاقا من نصوص القانون والدستور الذي سيقرر هذا الامر اذ ان الفيدرالية لاتنتظم فاعليتها الا وفقا لنص دستوري وقوانين محلية ناظمة لمجمل العمليات السياسية والادارية .
وهنا تحتاج اليمن الى خبراء ذوة معرفة كبيرة بالشأن الاجتماعي واحساسا عاليا بالوطن والمواطنة ليكونوا فريق عمل في تقديم الرؤى والتصورات اللازمة لاقرار الفيدرالية وفق معطيات علمية وليس اجراءات اعتباطية او نزوات خادمة للحاكم ومراكز القوى المحيطة به . فنحن لانزال نعاني من اعتباطية التقسيم الاداري القائم حاليا ونزوات الحاكم في توزيع الدوائر الانتخابية وفقا لمصالحه بعيدا عن محددات موضوعية تاخذ في الاهتمام حاجات المواطنين ومصالحهم .
ولانه قد حان الوقت لتفكيك البنى العصبوية وتقليل دور المشائخ لصالح عامة الافراد في الاقليم خاصة الشباب والمرأة والمهمشين ومن ثم حضور المؤسسات الادارية والتنموية والسياسية ناهيك عن منظمات المجتمع المدني كل هذا يعزز من التغيير السياسي نحو الدولة الوطنية في اطار تعددية اقاليمها ..فالاقاليم لها هوية محلية وهوية وطنية هنا لاخوف من الفيدرالية بل يكون العمل الجاد في توظيف المحددات الاجتماعية لصالح البناء السياسي الحديث في الدولة والديمقراطية .اي جعل الهويات المحلية مندمجة في هوية وطنية عامة ومشترك سياسي وطني من خلال تعبيرات ادارية وسياسية متعددة .هنا تعمل الفيدرالية والدولة الاتحادية على تحقيق مزيدا من الاندماج الاجتماعي والوطني .
ان وجود نظام سياسي مركزي لايعترف بتعددية الجغرافيا السياسية والاجتماعية انما هو نظام فاشل في ادارة الدولة وهنا ظهرت ملامح الدولة الفاشلة في اليمن عقب حرب 94 وحروب صعدة الستة وغياب الانجازات التنموية وتزايد معدلات الفقر والبطالة وغياب تكافؤ الفرص كل هذا خلق شعورا في جميع المحافظات بان النظام لايمثلهم وتبلور لديهم احساسا بالاغتراب السياسي مفاده انهم لايجدون انفسهم وهوياتهم في النظام وخطاباته وسياساته ومن ثم برزت مظاهر الانتقاد والتذمر تدريجيا حتى اكتملت الصورة مع ثورة 11فبراير 2011 .وللعلم هناك دول عديدة لم تنجح في نظامها الاندماجي فتحولت تدريجيا نحو الفيدرالية ومكنت الاقاليم المحلية من سلطات سياسية وادارية كتفويض ونقل لبعض سلطات الدولة .
صفوة القول هنا انه مع المتغيرات العولمية وتزايد الترابط بين سكان المعمورة وسهولة التواصل الثقافي والاعلامي فاننا ازاء هوية سياسية واجتماعية جديدة تتجه نحو مواطنة عالمية فلا يجوز اثارة التخوفات من هويات محلية ضمن وطن ومجتمع محدد في مساره وتاريخه فنحن اصبحنا اقليما في اطار الهوية العالمية الجديدة. والسؤال هنا كيف نبني نظام سياسي وطني يعزز من هويات الافراد وحضورهم مع تاكيده على وطنيتهم (نزعة الانتماء للوطن) وتاكيده على انفتاحهم نحو العالم واثبات حضورهم الفردي والجمعي في سياق عالم يعيد تشكيل الجغرافيا ونظمها السياسية .
المحددات السياسية
وفقا لاهداف الثورة الشبابية في اقامة دولة مدنية وخروجا من ازمات النظام السابق فانه لايمكن باي حال من الاحوال العودة الى دولة فاقدة لقاعدتها المجتمعية وفاشلة في ادائها لوظائفها ومن ثم فالدولة المنشودة في بلادنا هي الدولة التي تقوم علي تعددية الاقاليم ضمن نظام برلماني هنا فقط نحدث قطيعة مع النظام الذي ثرنا ضده لنؤسس لمرحلة جديدة من العمل السياسي بل ولنعلن ميلاد الجمهورية الثانية في اليمن . فخلال اربعة عقود لم ينجح النظام الرئاسي في ادارة البلاد ولا اكمال مؤسسات الدولة بل تحولت الدولة الى اداة للنهب في المال العام ورديفة لقيم التخلف والقهر وتصنيع نخب سياسية وقبلية وعسكرية تمكنت من الثروة الوطنية ضدا على حقوق كافة ابناء اليمن . وعليه فاول الاهتمامات الراهنة يجب ان تكون في كيفية اعادة الاعتبار للدولة من خلال محددات سياسية جديدة لامجال معها لاعادة انتاج النظام السابق . ولان الفيدرالية تشكل اهم ملمح جديد في البناء السياسي فلايستقيم امرها الا من خلال توافق سياسي على مشروع دولة اتحادية .
ان التحول نحو نظام فيدرالي في اطار دولة اتحادية يعتر من اهم الاستحقاقات السياسي كتتويج لنضالات الشعب عقب ثورة شبابية شعبية ادهشت العالم ومن ثم فان بناء هذا النظام يكون بالتزامن مع نفي مقومات النظام السابق واحداث قطيعه معه فقد حان الوقت لليمنيين بان يشيدوا نظاما يعبر عنهم ويمثلهم ويكون رديفا لقيم المواطنة والمشاركة والمساواة .
وللعلم فان المحددات الاقتصادية(ندرة الثروة)والاجتماعية (التقسمات القبلية والمذهبية) لم تكن لتزرع شقاقا بين الشعب او تؤلب بعضهم على بعض فقط وحده النظام السياسي العائلي اراد زرع الشقاق والصراعات داخل المجتمع ليستفيد هو من ذلك وكان دائما ما يولد صراعات ويدعم اطرافها ومن هنا فنفي هذا النظام وتجاوزه امرا لابد منه وهو مطلب شعبي وسياسي .ولكن القوى الحزبية ومراكز القوى التي لاتزال فاعلة في المجتمع وفقا لبراجماتيتها قد تتجه في مؤتمر الحوار نحو رموز النظام السابق واعادة تفعيل حضورهم من خلال مايسمى بالمصالحة وهو الامر الذي سيدفع الى تشويه البناء السياسي الجديد حيث تتداخل المصالح والمنافع للنخبة الحزبية ضدا على مصالح الشعب .
اهم ملامح ومظاهر الفيدرالية في بعدها السياسي
الفيدرالية اتحاد اختياري يعتمده الشعب وفق توافق سياسي تكون السلط مقسمة بين حكومة مركزية وحكومات اقليمية/محلية والحوار السياسي الوطني يكون في تفاصيل بناء الفيدرالية وفق الاطر المؤسسية والتشريعية والقانونية بمستوييها المركزي والمحلي وحدود العلاقات بينهما ..وهنا يكون للقضاء عبر المحكمة الادارية العليا والمحكمة الدستوريا العليا القول الفصل في النزاع بين الاقاليم والحكومة المركزية .
الفيدرالية تساعد في تحقيق اعلى معدلات المشاركة السياسية على المستويين المحلي اولا ثم المركزي ثانيا وهنا يتبلور الوعي المجتمعي باهمية المشاركة في صنع القرار السياسي والاداري والتنموي من خلال المجالس المنتخبة في كل اقليم وهنا ايضا تتبلور الشخصية الايجابية للمواطن وفقا لادواره ومساهماته في الحكم المباشر وغير المباشر .
في هذا النظام يتم تقليص نفوذ وهيمنة الرموز القبلية/المشيخية لان المشاركة السياسية في الاقاليم تتسع في مجالاتها وفي اعداد الافراد رجالا ونساء ،شبابا وشيوخ ،، ولايمكن احتكار الترشح في عضوية المجالس المنتخبة من مراكز القوي بل يظهر الشباب والمرأة والاحزاب الصغيرة ونشطاء المجتمع المدني . والمشاركة المحلية تنمي في المواطنين عادات وقيم العمل الجمعي والمساءلة والرقابة الادارية والمالية (تعزيز رقابة المجتمع المحلي على الحكومات ) وفهم قواعد العمل السياسي بل والادارة السياسية .
كلما تزايدت معدلات المشاركة السياسية في الاقاليم وعلى المستوى المركزي تنخفض حدة الزاعات والتوترات بين السكان وبين الوحدات او الاقاليم. فالمشاركة تخلق روح التنافس بين الافراد وبين الوحدات او الاقاليم في مجالات التنمية والادارة كما في مجالات بناء قدرات الافراد وقدرات الوحدات المحلية .واخيرا فحكومات الاقاليم تخلق توازن مع الحكومة المركزية وتمنع الهيمنة والتسلط من قبل حكومات المركز او حتى محاولاتها بذلك .
يتم الاتفاق بين مختلف مكونات المجتمع المشاركين في اعداد دستور الدولة على مجموعة من القواعد والاجراءات الناظمة لعمل الحكومات المحلية وحدودها وطبيعة التشريعات المحلية التي تدخل في صلاحياتها وتلك التي تكون من صلاحيات المركز وهنا يضمن دستور الدولة المركزية وتشريعاتها المحلية ضمان تنقل الافراد بحرية تامة داخل كل الوحدات والاقاليم فالمواطنون جميعا متساوون في الحقوق والواجبات وضمان حق العمل والتملك وحرية تنقل راس المال والاستثمار وهنا قد يحق للحكومات المحلية ان تضع بعض الظوابط الادارية على حركة راس المال والاستثمار وفقا لشروط تخدم المجتمع المحلي وتحترم سلامة البيئة وتحقق مصالح العمال او الموظفين في المشاريع الاستثمارية .ولمنع النزاع بين المركز والاقاليم يكون التاكيد ان سلطات الحكومات المحلية مضمونة بواسطة دستور الدولة الفيدرالي ولايحق لاي حاكم المساس بها . ويجب ان يتضمن هذا الدستور موادا واضحة وصريحة بحق الاقاليم في الحكم المحلي دون هيمنة من حكومات المركز .
وللعلم فان الدولة الفيدرالية يكون لها مجلس نواب مكون من غرفتين تشريعيتين الاولى مقسمة حسب دوائر انتخابية متساوية في السكان ويكون الانتخاب مباشرة والثاني غرفة ينتخب نصف الاعضاء فيها كممثلين لحكوماتهم المحلية عبر احجام السكان لكل اقليم او وحدة محلية ووالنصف الاخر يتم تعيينه وهم من الكفاءات المهنية والعلمية والثقافية في عموم البلاد .
وللعلم ايضا في الدولة الفيدرالية الشخصية القانونية والاعتبارية امام العالم هي من نصيب الحكومة الفيدرالية التي تمثل عموم المجتمع من خلال العضوية في المنظمات الدولية والاقليمية وفي التجمعات العالمية .مع الاخذ بعين الاعتبار ان التشريعات والقوانين الصادرة عن الحكومة المركزية ملزمة لكل الوحدات والاقاليم طالما وهذه الاخيرة قد شاركت فيها ووضعت ملاحظاتها قبل نفاذ التشريعات .
للدولة الفيدرالية ثلاث مؤسسات كبرى ملزمة في قراراتها لكل الاقاليم وهي مؤسسة التعليم العام من خلال الزامية التعليم الاساسي ووحدة المنهج والمقرر الدراسي ومؤسسة الجيش وهي مؤسسة وطنية ذات ايدولوجيا قتالية تعني بحماية الوطن وسيادته ومؤسسة القضاء بتعدد محاكمها ونخص بالذكر المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الادارية العليا وهما ذات شان كبير في الرقابة على دستورية القوانين المركزية والمحلية والفصل في الاختلافات والمنازعات بين الاقاليم والحكومة المركزية والفصل في تنازع الاختصاصات بين المؤسسات او الاقاليم مع حكومات المركز ناهيك عن الاشراف العام على الانتخابات الرئاسية والنيابية والبت في المنازعات الناشئة بهذا الخصوص . ويضاف اليها مؤسسات اخرى لاتقل اهمية مثل الخزانة (البنك المركزي) والخارجية .
الخاتمة
يتم الحديث حاليا بدعم من اطراف نافذة بان الفيدرالية لاتنفع مع المجتمع اليمني وانها ستؤدي الى الانفصال وهم بهذا الحديث انما يدافعون عن مصالحهم غير المشروعة التي حصلوا عليه وتخوفهم من حضور دولة القانون والمساءلة وعليه يستكتبون من يروج لهذا اللغو من اجل خلق وعي مضاد للفيدرالية كمفهوم وكعملية سياسية . وهؤلاء لايدركون ان عملية التغيير السياسي وتطلعات الشعب قد تجاوزت مخاوفهم ونفوذهم واصبح الشعب مدرك لحقيقة البناء السياسي على قاعدة فيدرالية باعتباره مخرجا من مجمل الازمات البنيوية التي طالت الدولة والمجتمع في عهد النظام السابق .
وانه لابد وان ياخذ المجتمع المحلي والشباب والمرأة حقهم من المشاركة الواسع في مختلف دوائر صنع القرار وفي صناعة العمليات والبرامج التنموية كل في اقليمه وعلى المستوى العام . وانه حان الوقت لتقليص نفوذ المراكز القبلية والعسكرية وحلفائها واتاحة الفرص للشباب ونشطاء المجتمع المدني من ان يكون لهم حضور في مختلف الهيئات السياسية والادارية التي تتشكل منها سلطات الاقاليم .
. ومن جانب اخر يمكن القول إننا في اليمن لاخيارات امامنا متاحة للعبور نحو الدولة المدنية الا وفقا لمنطق الثورة وفلسفته وإلا فالعقبات كثيرة من الداخل والخارج .. ففي الداخل انتصرت القبيلة على الوطن بقدرتها استملاك الدولة ومواردها في الثروة الوطنية مع إقصاء المجتمع من شراكته في العملية الإنتاجية والسياسية وذهب الحاكم ومجموعاته المتحالف معها الى تعميم ثقافة القبيلة بازعومة اصلانيتها وشموليتها في المجتمع وافرز ذلك مناخا مناسبا لمشروع سلفي مضاد للدولة المدنية وثقافتها وهنا كان التحالف بين مختلف القوى التي تلتقي عند منطق الغنيمة والاستملاك السياسي للدولة وعند تعظيم القبيلة وجعلها اصل المجتمع وهنا ظهرت برجوازية طفيلية من هذا التحالف تعمل في إطار مشروعه السياسي والثقافي لأنها تقود وتدير مؤسساته الاقتصادية برأسمال منزوع عنوة من المال العام مع تمويل إقليمي يعزز من الوجود الاجتماعي والسياسي لهذا التحالف وهكذا تم إعاقة العبور إلى الدولة المدنية منذ ستينات القرن الماضي حينها كنا وكان اليمن في أعتاب مرحلة العبور ضمن مسار ثوري في شطري اليمن فكانت الشطرية إعلانا بتوقيف مسار العبور خاصة وإنها قد ارتبطت بالشمولية وغياب الديمقراطية بالرغم من حداثوية الخطاب والنهج السياسي في الجنوب وتقليديته في الشمال .
صفوة القول ان واقع اليمن الراهن وتفاقم مخاطر الازمات المتعددة والمتراكمة لاحل لها الا من خلال الفيدرالية وتاسيس نظام سياسي مدني لايقبل بان تمارس القبيلة والطائفة وظائف الدولة او ان تحل محلها . فالمواطنة المتساوية وترسيخ حقوق الانسان هى الاسس التي تقوم عليها الدولة الاتحادية الجديدة بنظامها الفيدرالي . ولااخفي القارئ ان هناك عددا من المخاوف تكمن في انتهازية احزاب المشترك ورموز اخرى في اعتمادها صفقات ربحية بينها وبين الحزب الحاكم سابقا وهنا يكون التحايل على تغييب الفيدرالية واعادة انتاج النظام السابق فمثلما تحيلت وانحرفت على مسار الثورة وهرولت نحو مبادرة مكنتها من مقاعد الحكومة ووأد الثورة قد تسلك مسلكا انتهازيا اخر في مؤتمر الحوار الوطني.
* استاذ علم الاجتماع السياسي
مارس 2013
عن: الاشتراكي نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.