استنكرت وزارة الخارجية المغربية تصريحات صادرة عن عصام العريان، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، بخصوص لجنة القدس التي يرأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس. وتأتي تصريحات العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لتؤكد على محاولة الإخوان المسلمين المتاجرة بالقضية الفلسطينية في الوقت الذي تقيم فيه مصر بقيادة الرئيس الإخواني محمد مرسي علاقات متطورة مع إسرائيل، وفق ما أشار إلى ذلك مراقبون. وأعربت الخارجية المغربية عن استغرابها من تلك التصريحات التي “انتقصت من دور لجنة القدس وحاولت التبخيس منه”، بينما تقوم اللجنة “بالمتابعة المستمرة لتطورات الوضع بالمدينة المقدسة وتوالي المبادرات السياسية لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية ضدها”، وهي “الجهود التي أشادت بها بانتظام مختلف مؤتمرات القمة العربية والإسلامية”. من جهتها، اعتبرت وكالة بيت القدس الشريف. الذراع الميدانية للجنة القدس. أن “تصريحات عصام العريان. رئيس الهيئة البرلمانية لحزب “الحرية و العدالة” الحاكم في مصر. التي أدلى بها في اجتماع للجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى المصري. “غير بناءة وبعيدة عن الواقع″. وقال المراقبون إن القيادي الإخواني تحدث عن لجنة القدس، وهو إما جاهل بنشاطها ودور المغرب في دعمها والإسهام بثمانين بالمئة من ميزانيتها، أو أنه يقفز على الحقيقة، وفي الحالتين فإن تلك التصريحات لا تليق برئيس كتلة برلمانية (كتلة حزب الحرية والعدالة الإخواني) في بلد عريق مثل مصر فضلا عن كونه نائبا للمرشد العام في حزب يزعم الدفاع عن الدين وأخلاقه وأبرزها الصدق والنزاهة المفقودين في كلام العريان. وكشف المراقبون أن الإخوان ظلوا خلال ثمانين عاما من نشاطهم السري يرفعون شعار تحرير فلسطين ويزايدون به، لكن وبمجرد وصولهم إلى الحكم أعلنوا بوضوح تام عن أنهم يساندون اتفاقية السلام التي أبرمتها مصر السادات مع إسرائيل، وكانوا ينتقدونه ويكفرونه لأجلها. يشار إلى أن تقارير أميركية سابقة قد أماطت اللثام عن لقاءات أميركية إخوانية منذ ثورة 27 يناير 2011، وأن الإخوان تعهدوا خلال تلك اللقاءات بالالتزام بمعاهدة السلام، ومواصلة التنسيق الأمني مع إسرائيل. وأضاف هؤلاء المراقبون أن التنسيق الأمني في ظل حكم الإخوان أصبح أكثر قوة ومتانة، وهو ما أشار إليه بيني جانتز رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، حين أكد أن التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل أصبح أفضل بكثير في عهد جماعة الإخوان المسلمين. وشدد جانتز في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي على أن التعاون الأمني والاستخباراتي بين تل أبيب والقاهرة كان مفاجأة بالنسبة له كقائد للجيش الإسرائيلي، وبدد المخاوف التي شعر بها الجميع عقب صعود الإخوان المسلمين إلى الحكم وتولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الأمور. من جانبه، قال “هليل فريسك” الباحث في مركز السادات/ بيجن للدراسات الإستراتيجية في جامعة بير ايلان الإسرائيلية، إن الرئيس مرسي قدم خلال الأشهر الماضية العديد من الأدلة على حرصه على السلام، منها توجيه الجيش لهدم الأنفاق في سيناء، ووقف التهريب. وسبق للعريان، الذي اختص في مهاجمة دول عربية لمصر علاقات إستراتيجية معها، أن دعا في تصريحات سابقة اليهود المصريين الذين هجروا البلاد في الخمسينات إبان حكم جمال عبد الناصر، إلى العودة دون شروط، في خطوة هدفها مغازلة إسرائيل واللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة. وبمقابل الحرص على نيل رضا إسرائيل، فإن مصر في ظل حكم الإخوان أحكمت الحصار على الفلسطينيين، ليس فقط من خلال التنسيق الأمني مع إسرائيل ضدهم، ولكن من بوابة هدم الأنفاق وإغراقها بالمياه بما يمنع وصول المواد الغذائية والدوائية عن قطاع غزة. وهو ما دفع أحد القادة النافذين في حماس إلى أن يصرح غاضبًا: “رحم الله مبارك، كان يحاصرنا وكنّا نسبه ونلعنه صباحا مساء، أما هذا (في إشارة إلى الرئيس الإخواني محمد مرسي) فإنه يحاصرنا ونضطر إلى شكره”، في إشارة إلى تبعية حركته للتنظيم الدولي للإخوان وتنفيذها لتعليماته ولو ضد مصلحتها ومصلحة أهل القطاع. وقال غزاويون إن “الإجراءات المصرية منذ مجيء مرسي صارت أسوأ مما كانت عليه”، وإن نظام مبارك كان يطارد المهربين ويفتكّ السلع، لكن الإخوان لم يفكروا إلا في القتل والإغراق المسبوق بتحريض إعلامي يحمّل القطاع مسؤولية المشاكل الأمنية. وتساءل مراقبون “إذا كان الإخوان يقيمون علاقات متطورة مع إسرائيل، فما الذي يجعلهم يهاجمون مؤسسة تعمل في صمت للحفاظ على هوية القدس العربية الإسلامية، ويدعمون أهلها؟”. وعزا المراقبون موقف الإخوان إلى طبيعة خطابهم الذي يقوم منذ التأسيس على الازدواجية والتناقض، فهم في السر ينسقون مع المخابرات المختلفة وفي العلن يسعون إلى الظهور بمظهر الثوري الذي لا أحد يزايد عليه، وهو أسلوب الهروب إلى الأمام الذي ينتهي بصاحبه إلى الانكشاف السريع.